اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٩ أيلول ٢٠٢٥
فلسطين.. حريتها وإستقلالها.. صلب الخطاب الملكي
د. فوزي السمهوري
خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني امام الدورة ٨٠ للجمعية العامة للأمم المتحدة يؤكد ويعكس اهمية ومكانة القضية الفلسطينية بالإستراتيجية الثابتة والراسخة للدولة الاردنية التي تقع على رأس سلم أولوياته داخليا وخارجيا .
وقبل البدأ بقراءة خطاب جلالته لا بد من التأكيد والإشارة إلى متانة العلاقة الاردنية الفلسطينية والثقة المتبادلة التي ارساها الزعيمين الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني ابو مازن والتي يمكن تلخيصها بالمعادلة الحكيمة بتصريح الملك عبدالله اننا وفلسطين بخندق واحد وبتصريح الرئيس محمود عباس انى حضر الأردن ففلسطين حاضرة .
الخطاب الملكي
ياتي الخطاب الملكي الذي يؤسس لبناء إستراتيجية عمل إقليمية ودولية لمواجهة التحديات والعقبات التي حالت وتحول دون حل الصراع العربي الصهيوني بعنوانه الفلسطيني على مدار ٨٠ عاما اي عمر تاسيس الأمم المتحدة والتي تهدف إلى إنقاذ الأجيال من ويلات الحروب وترسيخ مبادئ الحرية والعدالة وتقرير المصير للشعوب كافة التي تمثل السبيل الوحيد امام تجسيد الأمن والسلم الدوليين .
امام الدورة ٨٠ للجمعية العامة التي تنعقد في ظل ظروف وتحديات تعصف ليس بفلسطين فحسب بل بالأمن الإقليمي والقومي العربي نتيجة للسياسة العدوانية والتوسعية التي يشنها الكيان الإستعماري الإسرائيلي بدعم مطلق من الولايات المتحدة الأمريكية مما يستدعي من المجتمع الدولي اعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة ضرورة الإضطلاع بمسؤولياتها وواجباتها لفرض إعمال ميثاق الأمم المتحدة عمليا وحل العقبات التي حالت دون تحقيق وترسيخ السلم والأمن في الشرق الأوسط المتمثلة بإستمرار الإحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينية المحتلة وإرتكاب الإنتهاكات باشكالها وفي مقدمتها إتفاقية جنيف الرابعة دون إزدواجية ترسيخا للأمن والسلم الدوليين .
الخطاب الملكي مضمون ورسائل
تضمن الخطاب عددا من المبادئ والمضامين والرسائل ينبغي للجمعية العامة ان توليها جل إهتمامها ووضع جدول عمل تنفيذي زمني محدد وقصير المدة ومنها :
اولا : ان الصمت قد يعني قبول الوضع الحالي والتخلي عن إنسانيتنا وهو امر لا يمكنني القبول به ، وفي ذلك رسالة ودعوة للمجتمع الدولي أيضا بمغادرة مربع الصمت ورفع الصوت عاليا .
ثانيا : منذ تاسيس الأمم المتحدة قبل 80 عاما اقسم العالم اجمع بعدم تكرار اخطاء الماضي ، ولكن على الرغم من ذلك يعيش الفلسطينيون منذ ذلك الوقت في دوامة قاسية جراء تكرار الاخطاء وحرمانهم من حقوقهم الأساسية وكرامتهم الإنسانية ، مرارا وتكرارا . وفي ذلك رسالة إستياء وغضب على فشل المجتمع الدولي بتحقيق اهداف وفلسفة تاسيس الأمم المتحدة بإنقاذ الاجيال من ويلات الحروب ورفع الظلم والإضطهاد .
ثالثا : التأكيد على ان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يبقى مختلفا عن باقي حروب مدمرة اخرى من حيث كونه الصراع المستمر والأقدم وكونه إحتلال غير قانوني لشعب مسلوب الإرادة من قبل دولة تدعي الديمقراطية وكونه يشكل إنتهاك صارخ لقرارات الأمم المتحدة المتكررة والقانون الدولي وإتفاقيات حقوق الإنسان ، وهذا ما وصفه جلالته بانه إخفاق كان ينبغي ان يثير الغضب ويحفز على إتخاذ إجراءات صارمة خاصة من كبرى الدول الديمقراطية ، إلا انه قوبل بعقود من التغاضي والخذلان .
وفي هذا بتقديري إشارة إلى تحميل مسؤولية ذلك إلى الدول الكبرى دائمة العضوية بمجلس الأمن ونزع صفة الديمقراطية عن الكيان الإسرائيلي حيث لا تستقيم الديمقراطية مع دولة إحتلال وقمع وإضطهاد وإنكار وجود للشعب الفلسطيني المناضل من اجل الحرية والإستقلال وتقرير المصير وحرمانه التمتع بالحقوق اسوة بباقي شعوب العالم .
رابعا : الحرب على غزة واحدة من أحلك الأحداث في تاريخ هذه المنظمة ، إلا ان الظلم يمتد لعقود عديدة اي ليس بعد السابع من أكتوبر كما يحاول البعض ترسيخه ، إذ ان الصراع لا زال مدرجا على جدول اعمال الأمم المتحدة على إمتداد ثمانية عقود ، وهنا نتساءل إلى متى سنكتفي بإصدار الإدانة تلو الأخرى دون ان يتبعها قرار ملموس ؟ وإلى متى يبقى ما يدور في مراكز صنع القرار السياسي لا يمت بصلة لما يحدث على أرض الواقع من معاناة عندما يتعلق الامر بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، حيث على مدى عقود شهدنا محاولات للتوصل إلى حل من خلال إتفاقيات مرحلية وتدابير مؤقتة لم تنجح اي منها في تحقيق الهدف النهائي وقد يرى كثيرون ان هذه الإجراءات كانت بمثابة وسيلة لتشتيت الإنتباه بينما كانت إسرائيل تستولي على المزيد من الأراضي وتتوسع بالمستوطنات غير القانونية وتهدم البيوت وتشرد إحياء باكملها وتعرضت الأماكن المقدسة في القدس للتخريب والتدنيس من قبل أولئك الذين يتمتعون بحماية الحكومة ، وهذا يعني تحميل الدول النافذة وخاصة امريكا المسؤولية الكبرى بالتخلي عن دورها وبعدم محاسبة ومسائلة الكيان الإسرائيلي على جرائمه وإنتهاكاته وخاصة الاماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية مما ادى إلى عدم الثقة باي مواقف نظرية لرفع العتب بالوقت الذي يتم فيه منح الحصانة لسلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي التي لم تحترم يوما إلتزاماتها كدولة عضو بالأمم المتحدة وحتى للإتفاقيات والمعاهدات الثنائية المبرمة معها ' إتفاقية اوسلو ، معاهدة وادي عربة ، إتفاقية كامب ديفيد ' هذا يعني دعوة للمجتمع الدولي بمغادرة مربع الإدانة إلى مربع الفعل اي إتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة المنصوص عليها بميثاق الأمم المتحدة وعدم تمكينها الإفلات من العقاب وذلك بهدف إلزام إسرائيل تنفيذ مئات القرارات الصادرة والمتعلقة بالقضية الفلسطينية الداعية لإنهاء إحتلالها للاراضي الفلسطينية وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم إعمالا وتنفيذا لقرارات الأمم المتحدة الصادرة عن مؤسساتها ' مجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية ' وبالتالي إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وهذا ما من شانه ترسيخ وتجسيد الأمن والسلم الإقليمي واقعا .
خامسا : إشارة جلالته إلى نتائج العدوان على غزة من إستشهاد اكثر من ٦٠ الف فلسطيني وإستشهاد او إصابة ٥٠ الف طفل وتحويل أميال من الأراضي إلى انقاضا محترقة دمرت الاحياء والمستشفيات والمدارس والمزارع وحتى المساجد والكنائس وإنتشار المجاعة ، في ظل منع عدسات الإعلام الدولية من نقل الواقع كما هو في سابقة لم يسجلها التاريخ الحديث .
سادسا : تساءل جلالة الملك هل كان العالم سيستجيب بمثل هذه اللامبالاة لو ان زعيما عربيا اطلق دعوة مشابهة لما أطلقتها الدعوات الإستفزازية للحكومة الإسرائيلية الحالية التي تنادي بما يسمى ' إسرائيل الكبرى ' التي لا يمكن ان تتحقق إلا بالإنتهاك الصارخ لسيادة وسلامة اراضي البلدان المجاورة لها ، وهذا امر لا يمكن القبول به .
هذه الدعوات العدوانية التوسعية الإسرائيلية تتطلب موقفا دوليا عمليا حاسما رادعا يلجم ويضع حدا لسياسة ومخططات الكيان الإسرائيلي المارق التي ستؤدي حتما إلى تقويض الأمن والسلم الإقليمي ومن ثم الدولي وإلى متى سيبقى هذا الكيان الوحشي يتمتع بحصانة القوة الامريكية التي تمكن قادة هذا الكيان بتحدي الإرادة والشرعة الدولية دون خوف في ظل إستمرار الدعم الأمريكي المناقض لمسؤولياتها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن ؟ .
سابعا : بدعوة صريحة طالب جلالته المجتمع الدولي ان يتوقف عن التمسك بالإعتقاد الواهم بان هذه الحكومة الإسرائيلية شريك راغب في السلام ، بل العكس تماما فإن أفعالها على أرض الواقع تهدم الأسس التي يمكن ان يرتكز إليها السلام، وتدفن بشكل متعمد فكرة قيام الدولة الفلسطينية كما حذر من ان الخطابات العدائية التي تنادي بإستهداف المسجد الأقصى قد تشعل حربا دينية تتجاوز حدود المنطقة وتؤدي إلى صراع شامل لن تسلم اي دولة منه ، وهذه دعوة جادة للمجتمع الدولي ان يضطلع بواجباته للعمل على تحقيق الأمن والسلم الدوليين عبر المبادرة الفورية بإتخاذ كافة الإجراءات والتدابير العقابية اللازمة والكفيلة بفرض وإلزام الكيان الإسرائيلي المعادي للسلام الذي بات معزولا على الساحة العالمية بتنفيذ القرارات الدولية بوقف حرب الإبادة والتطهير العرقي على قطاع غزة وعموم ارض فلسطين المحتلة والإنسحاب الكامل من اراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا ولإلزامه بإحترام ايضا ميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر ايضا اي دعوة او فعل او نشاط من شانه إشعال الحروب ' وخاصة على اسس دينية التي حتما لن تجد سبيلا لوقفها في حال إشتعالها ' والنزاعات المسلحة او الإعتداء وإحتلال اراض دولة اخرى .
ويختم الخطاب الإستراتيجي بتساؤلات موجهة للمجتمع الدولي :
▪︎ متى ستطبق المعايير ذاتها على جميع الدول ؟
▪︎ متى سنعترف بالفلسطينيين كشعب لديه نفس الطموحات التي نطمح إليها ونتصرف على هذا الأساس ؟
▪︎ متى سندرك ان قيام الدولة الفلسطينية ليس امرا على الفلسطينيين إثبات حقهم في نيله ؟ إنها ليست مكافآة بل هي حق لا جدال فيه .
ويخلص جلالته بالتأكيد على ان ' القوة ليست اساسا لتحقيق الأمن بل مقدمة لعنف اكبر فالحروب المتكررة تعلم اجيالا من الفلسطينيين والإسرائليين ان السلاح هو ملاذهم الوحيد ' وبان حل الدولتين اي إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وحده يحقق الأمن .
ما تضمنه الخطاب من مضامين ومعان ودلالات يشكل الجوهر لخطة عمل عربية وإسلامية ودولية لتجسيد الأمن والسلم عمليا آن وقتها .
نعم :
‐-الوقت قد حان ‐‐
لإتخاذ موقف عربي إسلامي موحد في مواجهة المؤامرة الإسروامريكية ولعزل إسرائيل دوليا وتصنيفها دولة عنصرية مارقة إستوجب تعليق عضويتها بالجمعية العامة وذلك إنتصارا لمبادئ العدالة والمساواة والحرية والعمل الجاد لمنع التهجير القسري اي وقف جرائم التطهير العرقي وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني على ارض وطنه ولتمكينه بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني من التحرر من بطش ونير الإستعمار الإحلالي الإسرائيلي الإرهابي وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم تنفيذا للقرارات الدولية ....؟ !
إستمرار الإحتلال الإسرائيلي وتمكينه الإفلات من المساءلة والعقاب جريمة بحق المجتمع الدولي الذي بات لزاما عليه الإنتصار لذاته ودوره بصناعة القرار ورفض دوره الديكوري نتيجة الهيمنة الأمريكية على مفاصل القرار.... ؟ !
قوة الاردن وامنه قوة لفلسطين..... وقوة فلسطين وحريتها قوة للأردن .....؟