اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة مدار الساعة الإخبارية
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
لقد حملت الأيام الأخيرة أنباءً سارة، ولو أنها متأخرة كثيراً عن استيقاظ ضمير الغرب (الولايات المتحدة. بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، أستراليا، كندا...) وصحوته إزاء الإبادة الجماعية التي تتم في قطاع غزة المنكوب، وقد كان من أوضحها ما قامت به بريطانيا من دعوتها للسفير الإسرائيلي للاحتجاج، وفرض بعض العقوبات على مستوطنين وكيانات، وعن عزمها بالمشاركة مع فرنسا، وكندا على الاعتراف بالدولة الفلسطينية (في إطار حل الدولتين)، وعن خطتها المتعلقة بوقف تصدير بعض أنواع الأسلحة التي يمكن أن تُستخدم ضد المدنيين أيضاً، وقد ترافقت هذه الإجراءات البريطانية مع أخرى شبيهة لها، قامت بها فرنسا وكندا وأستراليا، التي هددت من خلالها باتخاذ إجراءات 'ملموسة' ضد ما يجري في قطاع غزة من مجازر وحملة تجويع رهيبة. والواقع أن هذا غير منقطع عن موافقة معظم دول الاتحاد الأوروبي (27 دولة) على مناقشة موضوع وقف 'الشراكة الاستراتيجية' بين دول الاتحاد وإسرائيل، كما أنه غير منقطع عمّا أعلنه 'نتنياهو' من أنّ بعض أشد المشرعين المتحمسين من الحزب الجمهوري لإسرائيل أبلغوه بأنهم داعمون لإسرائيل في كل ما تطلبه ولكنهم لا يمكن أن يقبلوا مناظر الأطفال في غزة وهم يتضورون جوعاً! ولعلّ يقظة الضمير هذه في الغرب قد جاءَت بعد أن طفح الكيل، ومارست إسرائيل بوحشية وهمجية كل ما تستطيعه ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في القطاع المُدمّر، وإلى الحد الذي جعل 'يائير غولان' زعيم حزب الديمقراطيين ونائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، يعلن بأن الجيش الإسرائيلي يمارس 'هواية' في قتل الأطفال، وبأن حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة 'فاسدة' 'وبلا أخلاق'، وبأنها تقود إسرائيل لتصبح دولة 'منبوذة' كما كانت دولة جنوب أفريقيا العنصرية ذات يوم، وقد أيدّ 'موشيه يعلون' وزير الدفاع ورئيس الأركان الإسرائيلي السابق 'غولان' في مجمل نقده اللاذع 'للجرائم' التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي، ولحكومة نتنياهو التي تجر إسرائيل إلى 'الهاوية' حسب تعبيره، وقد وافقه على هذه الأخيرة رئيسا الوزراء السابقان 'إيهود باراك'، و 'إيهود أولمرت'. وإذا عُدنا إلى 'صحوة' الضمير المتأخرة في الغرب فإنّنا يجب أن نسجّل بأنها مهمة جداً لأنّ الغرب هو الذي صنع إسرائيل في الأصل (من خلال وعد بلفور 1916، وتهيئة بريطانيا الدولة المُنتدبة على فلسطين لقيام الدولة اليهودية)، وهو الذي يحميها الآن ويضمن لها 'تفوقاً نوعياً' على جميع جيرانها العرب من خلال الدعم المطلق الذي لا ينتهي لها: عسكرياً، واقتصادياً، وسياسيا، وكلنا يذكر كيف توافد زعماء الغرب على إسرائيل، بعد 'السابع من أكتوبر' مُعبّرين عن هذا الدعم، وإلى الدرجة التي جعلت 'ريشي سوناك' رئيس وزراء بريطانيا السابق يأتي إلى إسرائيل في إطار هذا التوافد وطائرته مُحمّلة بالذخائر! والواقع أن هذه 'الصحوة' الغربية المتأخرة مهمة جداً كذلك، لأن دول الغرب هي الدول النافذة في العالم، وهي الوحيدة (وبالذات الولايات المتحدة) التي تستطيع 'ردع' إسرائيل 'وكبح جماحها'، أما الأقطاب البازغة في العالم (الصين، روسيا، البرازيل، الهند...) فهي غير ذات تأثير ملموس، وقل مثل ذلك بالنسبة لمعظم دول العالم الثالث، ومنها الدول العربية بالطبع. إنّ من الجدير بالذكر في هذا السياق أنّ الدول الغربية ليست ضد إسرائيل كدولة ولن تكون، ولكنها ضد سياسات حكومتها اليمينية المتطرفة الحالية برئاسة نتنياهو، التي أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، ولذا يجب فهم الأمور بدقة، والبناء عليها بأسلوب واعٍ وصحيح. هل يمكن أن يتطور هذا الموقف 'الغربي' إلى ما هو أكثر؟ بالطبع، لأن الأوضاع في قطاع غزة لم تعد تُحتمل على حد تعبير كل المنظمات الأممية المعنية بالشأن الإنساني (الأونروا، منظمة الصحة العالمية، اليونيسيف، منظمة العفو الدولية، أطباء بلا حدود...) ولذا فلم يعد أمام الغرب إلا أن يحاول 'ضبط' السلوك السياسي الإسرائيلي ولو بحدود معقولة، وقد تكون البداية هي ما حصل فعلا على صعيد السماح بدخول قوافل المساعدات الإنسانية (ولو كانت بالحد الأدنى) إلى مجاميع السكان المُهجّرين والجائعين. أما النهاية المأمولة لهذه 'الصحوة المتأخرة' فهي تَبلْوُر موقف سياسي غربي محصلته الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفق الشرعية الدولية. إنّ هذا قد يأخذ وقتاً بالتأكيد وبالذات بالنسبة للولايات المتحدة ولكن بوادره الأوروبية واضحة للعيان، فقد اعترفت إسبانيا، والنرويج، وإيرلندا، وسلوفينيا بالدولة الفلسطينية، كما أعلنت فرنسا، وبريطانيا، وكندا أنها عازمة على ذلك، ولذا فلا يجب أن نستغرب وصول هذا التحرك السياسي إلى ذروته إن لم يكن في المستقبل القريب ففي المستقبل المنظور. لقد تحمل الشعب الفلسطيني الكثير، وصمد صموداً بطولياً لا نظير له، ولذا فإنّ من البديهي أن يصل إلى حريته واستقلاله، فالقَدَر دائماً يستجيب لصوت الشعب، كما قال أبو القاسم الشابي: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بُدّ أن يستجيب القدر
لقد حملت الأيام الأخيرة أنباءً سارة، ولو أنها متأخرة كثيراً عن استيقاظ ضمير الغرب (الولايات المتحدة. بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، أستراليا، كندا...) وصحوته إزاء الإبادة الجماعية التي تتم في قطاع غزة المنكوب، وقد كان من أوضحها ما قامت به بريطانيا من دعوتها للسفير الإسرائيلي للاحتجاج، وفرض بعض العقوبات على مستوطنين وكيانات، وعن عزمها بالمشاركة مع فرنسا، وكندا على الاعتراف بالدولة الفلسطينية (في إطار حل الدولتين)، وعن خطتها المتعلقة بوقف تصدير بعض أنواع الأسلحة التي يمكن أن تُستخدم ضد المدنيين أيضاً، وقد ترافقت هذه الإجراءات البريطانية مع أخرى شبيهة لها، قامت بها فرنسا وكندا وأستراليا، التي هددت من خلالها باتخاذ إجراءات 'ملموسة' ضد ما يجري في قطاع غزة من مجازر وحملة تجويع رهيبة.
والواقع أن هذا غير منقطع عن موافقة معظم دول الاتحاد الأوروبي (27 دولة) على مناقشة موضوع وقف 'الشراكة الاستراتيجية' بين دول الاتحاد وإسرائيل، كما أنه غير منقطع عمّا أعلنه 'نتنياهو' من أنّ بعض أشد المشرعين المتحمسين من الحزب الجمهوري لإسرائيل أبلغوه بأنهم داعمون لإسرائيل في كل ما تطلبه ولكنهم لا يمكن أن يقبلوا مناظر الأطفال في غزة وهم يتضورون جوعاً!
ولعلّ يقظة الضمير هذه في الغرب قد جاءَت بعد أن طفح الكيل، ومارست إسرائيل بوحشية وهمجية كل ما تستطيعه ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في القطاع المُدمّر، وإلى الحد الذي جعل 'يائير غولان' زعيم حزب الديمقراطيين ونائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، يعلن بأن الجيش الإسرائيلي يمارس 'هواية' في قتل الأطفال، وبأن حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة 'فاسدة' 'وبلا أخلاق'، وبأنها تقود إسرائيل لتصبح دولة 'منبوذة' كما كانت دولة جنوب أفريقيا العنصرية ذات يوم، وقد أيدّ 'موشيه يعلون' وزير الدفاع ورئيس الأركان الإسرائيلي السابق 'غولان' في مجمل نقده اللاذع 'للجرائم' التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي، ولحكومة نتنياهو التي تجر إسرائيل إلى 'الهاوية' حسب تعبيره، وقد وافقه على هذه الأخيرة رئيسا الوزراء السابقان 'إيهود باراك'، و 'إيهود أولمرت'.
وإذا عُدنا إلى 'صحوة' الضمير المتأخرة في الغرب فإنّنا يجب أن نسجّل بأنها مهمة جداً لأنّ الغرب هو الذي صنع إسرائيل في الأصل (من خلال وعد بلفور 1916، وتهيئة بريطانيا الدولة المُنتدبة على فلسطين لقيام الدولة اليهودية)، وهو الذي يحميها الآن ويضمن لها 'تفوقاً نوعياً' على جميع جيرانها العرب من خلال الدعم المطلق الذي لا ينتهي لها: عسكرياً، واقتصادياً، وسياسيا، وكلنا يذكر كيف توافد زعماء الغرب على إسرائيل، بعد 'السابع من أكتوبر' مُعبّرين عن هذا الدعم، وإلى الدرجة التي جعلت 'ريشي سوناك' رئيس وزراء بريطانيا السابق يأتي إلى إسرائيل في إطار هذا التوافد وطائرته مُحمّلة بالذخائر!
والواقع أن هذه 'الصحوة' الغربية المتأخرة مهمة جداً كذلك، لأن دول الغرب هي الدول النافذة في العالم، وهي الوحيدة (وبالذات الولايات المتحدة) التي تستطيع 'ردع' إسرائيل 'وكبح جماحها'، أما الأقطاب البازغة في العالم (الصين، روسيا، البرازيل، الهند...) فهي غير ذات تأثير ملموس، وقل مثل ذلك بالنسبة لمعظم دول العالم الثالث، ومنها الدول العربية بالطبع.
إنّ من الجدير بالذكر في هذا السياق أنّ الدول الغربية ليست ضد إسرائيل كدولة ولن تكون، ولكنها ضد سياسات حكومتها اليمينية المتطرفة الحالية برئاسة نتنياهو، التي أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، ولذا يجب فهم الأمور بدقة، والبناء عليها بأسلوب واعٍ وصحيح.
هل يمكن أن يتطور هذا الموقف 'الغربي' إلى ما هو أكثر؟ بالطبع، لأن الأوضاع في قطاع غزة لم تعد تُحتمل على حد تعبير كل المنظمات الأممية المعنية بالشأن الإنساني (الأونروا، منظمة الصحة العالمية، اليونيسيف، منظمة العفو الدولية، أطباء بلا حدود...) ولذا فلم يعد أمام الغرب إلا أن يحاول 'ضبط' السلوك السياسي الإسرائيلي ولو بحدود معقولة، وقد تكون البداية هي ما حصل فعلا على صعيد السماح بدخول قوافل المساعدات الإنسانية (ولو كانت بالحد الأدنى) إلى مجاميع السكان المُهجّرين والجائعين.
أما النهاية المأمولة لهذه 'الصحوة المتأخرة' فهي تَبلْوُر موقف سياسي غربي محصلته الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفق الشرعية الدولية. إنّ هذا قد يأخذ وقتاً بالتأكيد وبالذات بالنسبة للولايات المتحدة ولكن بوادره الأوروبية واضحة للعيان، فقد اعترفت إسبانيا، والنرويج، وإيرلندا، وسلوفينيا بالدولة الفلسطينية، كما أعلنت فرنسا، وبريطانيا، وكندا أنها عازمة على ذلك، ولذا فلا يجب أن نستغرب وصول هذا التحرك السياسي إلى ذروته إن لم يكن في المستقبل القريب ففي المستقبل المنظور.
لقد تحمل الشعب الفلسطيني الكثير، وصمد صموداً بطولياً لا نظير له، ولذا فإنّ من البديهي أن يصل إلى حريته واستقلاله، فالقَدَر دائماً يستجيب لصوت الشعب، كما قال أبو القاسم الشابي:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بُدّ أن يستجيب القدر