اخبار الاردن
موقع كل يوم -صحيفة السوسنة الأردنية
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
تَمرُّ اليومَ على أُمَّتِنا العَرَبِيَّةِ والإِنسَانِيَّةِ جَمْعَاء، الذِّكْرَى السَّابِعَةَ وَالسَّبْعِينَ لِلنَّكْبَةِ العَرَبِيَّةِ الكُبْرَى فِي فِلَسْطِين، وَاحْتِلَالِ هَذَا الجُزْءِ الحَبِيبِ مِن قَلْبِ الوَطَنِ العَرَبِيِّ، عَلَى يَدِ العِصَابَاتِ الصُّهْيُونِيَّةِ القَادِمَةِ مِن كُلِّ مَزَابِلِ التَّارِيخِ، وَالمَلْفُوظَةِ مِن أَوْطَانِهَا الأَصْلِيَّةِ، فِي أَكْبَرِ مُؤَامَرَةٍ كُونِيَّةٍ قَادَتْهَا الإِمْبِرِيَالِيَّةُ العَالَمِيَّةُ المُمَثَّلَةُ فِي بِرِيطَانِيَا آنَذَاك.
كَانَ الهَدَفُ الخَبِيثُ مِن تِلْكَ النَّكْبَةِ زَرْعَ كِيَانٍ لَقِيطٍ وَظِيفِيٍّ فِي قَلْبِ الوَطَنِ العَرَبِيِّ، يُؤَدِّي دَوْرًا مَرْسُومًا فِي مَنْعِ أَيِّ وَحْدَةٍ أَو تَقَارُبٍ عَرَبِيٍّ، خُصُوصًا مَعَ تَأَجُّجِ عَصْرِ القَوْمِيَّاتِ فِي العَالَم، وَلَكِنَّهُ عَلَى العَرَبِ مَمْنُوعٌ، لِكَيْ تَبْقَى أَوْطَانُهُمْ وَثَرَوَاتُهُمْ تَحْتَ سَيْطَرَةِ قُوَى الاستِعْمَارِ وَالهَيْمَنَةِ العَالَمِيَّةِ.
وَزِيَادَةً فِي المَأْسَاةِ، أَقَامُوا لِلْعَرَبِ كِيَانًا هَشًّا يُدْعَى 'الجَامِعَةُ العَرَبِيَّةُ'، لِتَكُونَ جَامِعَةً لِلعَرَبِ كَخُدْعَةٍ إِسْتِرَاتِيجِيَّةٍ، وَلَعَلَّ هَذَا مَا أَثْبَتَتْهُ تِلْكَ الجَامِعَةُ فِي العُقُودِ الأَرْبَعَةِ الأَخِيرَةِ، إِذ كَانَ دَوْرُهَا تَمْرِيرَ مَا تَطْلُبُهُ الإِمْبِرِيَالِيَّةُ العَالَمِيَّةُ، المُمَثَّلَةُ فِي الوِلَايَاتِ المُتَّحِدَةِ الأَمْرِيكِيَّة، وَالَّتِي أَصْبَحَتْ وَرِيثَةً لِبِرِيطَانِيَا، بَعْدَ أَنْ أَضْحَتْ بِلَادُهَا دَوْلَةً مِن الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ جَرِيمَةِ العُدْوَانِ الثُّلَاثِيِّ عَلَى مِصْر عام 1956م.
وَهَكَذَا تَوَالَتِ النَّكَبَاتُ عَلَى أُمَّتِنَا العَرَبِيَّةِ الَّتِي لَمْ تَسْتَوْعِبِ الدَّرْسَ مِن النَّكْبَةِ العَرَبِيَّةِ الكُبْرَى فِي فِلَسْطِين.
فَكَانَتْ نَكْبَةُ احْتِلَالِ العِرَاقِ عام 2003م، وَنَكْبَةُ لِيبِيَا، وَنَكْبَةُ سُورِيَا عام 2024م، وَتَسْلِيمُهَا لُقْمَةً صَائِغَةً لِـ'دَاعِش' وَأَخَوَاتِهَا، وَكَانَ لِمَا يُسَمَّى بـ'الجَامِعَةِ العَرَبِيَّةِ' دَوْرٌ فِي شَرْعَنَةِ ذَلِكَ.
وَلَا نَنْسَى الحَرْبَ فِي السُّودَان، الَّتِي تُغَذِّيهَا أَطْرَافٌ نَاطِقَةٌ بِالعَرَبِيَّةِ، وَالحَرْبَ الإِجْرَامِيَّةَ عَلَى اليَمَنِ السَّعِيدِ.
وَهَكَذَا تَتَوَالَى النَّكَبَاتُ عَلَى أُمَّتِنَا العَرَبِيَّةِ، وَالأَكْثَرُ مَأْسَاوِيَّةً أَنَّهُ كُلَّمَا لاحَ صَبَاحُ صَحْوَةٍ عَرَبِيَّةٍ، سُرْعَانَ مَا يُجْرَى ضَرْبُهَا إِمْبِرِيَالِيًّا بِالمَالِ وَالخِيَانَةِ العَرَبِيَّة.
فَحَدَثَ ذَلِكَ فِي ضَرْبِ تَجْرِبَةِ الزَّعِيمِ جَمَال عَبْدُ النَّاصِر، وَتَجَارِبِ العِرَاق وَسُورِيَا وَلِيبِيَا، وَالفَصَائِلِ المُقَاوِمَةِ فِي فِلَسْطِين وَلُبْنَان وَاليَمَن، وَكَأَنَّهُ كُتِبَ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ التَّبَعِيَّة، وَأَنْ تَظَلَّ مِيدَانًا لِصِرَاعِ الآخَرِينَ.
أَرَادَتْ أُورُوبَّا بِقِيَادَةِ بِرِيطَانِيَا إِقَامَةَ دَوْلَةٍ لِلْيَهُودِ، وَلَمْ تَجِدْ غَيْرَ بِلَادِ العَرَب لِتُقِيمَهَا فِيهَا، تَحْتَ عَنَاوِينَ كَاذِبَةٍ، فَالغَرْبُ الَّذِي يَدَّعِي رَفْضَ إِقَامَةِ دُوَلٍ عَلَى أُسُسٍ دِينِيَّةٍ، هُوَ نَفْسُهُ مَنْ وَافَقَ بَعْدَ الحَرْبِ العَالَمِيَّةِ الثَّانِيَةِ عَلَى إِقَامَةِ كِيَانٍ لَقِيطٍ عَلَى أُسُسٍ دِينِيَّةٍ، فَمَا هِيَ حَضَارَةُ الغَرْبِ وَعَلْمَانِيَّتُهُ؟
وَلِلتَّارِيخِ، فَإِنَّ اليَهُودَ لَمَّا هَرَبُوا مِن أُورُوبَّا المُتَحَضِّرَةِ، لَمْ يَجِدُوا الأَمْنَ وَالأَمَانَ إِلَّا فِي الوَطَنِ العَرَبِيِّ وَالمَشْرِقِ.
أَمَّا الرَّقْمُ الشَّهِيرُ (6 مَلَايِين يَهُودِيٍّ) الَّذِي يُقَالُ إِنَّ النَّازِيَّةَ أَحْرَقَتْهُمْ، فَلا يُوجَدُ مَصْدَرٌ عِلْمِيٌّ يُؤَكِّدُ صِحَّتَهُ، وَهَكَذَا أَصْبَحَت الهُولُوكُسْت دِينًا جَدِيدًا يُمْنَعُ تَكْذِيبُهُ.
اليَهُودُ العَرَبُ وَمَنْ لَجَأَ إِلَى بِلَادِ العَرَب، عَاشُوا مَعَ إِخْوَانِهِمُ المُسْلِمِينَ وَالمَسِيحِيِّينَ بِشَكْلٍ طَبِيعِيٍّ، وَلَمْ تَعْرِف بِلَادُنَا الاضْطِهَادَ الدِّينِيَّ، وَلَا الأَقَلِّيَّاتِ وَالأَكْثَرِيَّاتِ، إِلَّا بَعْدَ زَرْعِ الكِيَانِ الصُّهْيُونِيِّ.
العَرَبِيُّ فِي وَطَنِهِ، أَيًّا كَانَ دِينُهُ، لَيْسَ أَقَلِّيَّةً وَلَا أَكْثَرِيَّةً، بَل مُوَاطِنٌ. وَهَذِهِ التَّعَدُّدِيَّةُ أَرَادَهَا اللهُ لِنُشَكِّلَ نَسِيجًا رَائِعًا فِي الوَطَنِ العَرَبِيِّ، الَّذِي تَسْعَى الصُّهْيُونِيَّةُ العَالَمِيَّةُ لِجَعْلِهِ مُتَصَارِعًا؛ لِتَضْمَنَ الوُجُودَ عَلَى حِسَابِ فِلَسْطِين.
إِنَّ النَّكْبَةَ العَرَبِيَّةَ الكُبْرَى فِي فِلَسْطِين نُذَكِّرُ بِهَا لَيْسَ لِلنَّوْحِ، بَل لِلتَّذْكِيرِ أَنَّ فِلَسْطِين بَعْدَ 77 عَامًا لَنْ تَكُونَ إِلَّا عَرَبِيَّةً.
وَالكِيَانُ اللَّقِيطُ سَيَزُولُ آجِلًا أَمْ عَاجِلًا. وَلَكِنَّ المُلْفِتَ لِلانْتِبَاهِ هُوَ هَذَا القَتْلُ وَالإِجْرَامُ وَالإِبَادَةُ ضِدَّ شَعْبِنَا الصَّامِدِ فِي فِلَسْطِين وَكُلِّ مَنْ يَرْفَعُ رَايَةَ المُقَاوَمَةِ.
فَبَعْدَ أَنْ كَانَ قَادَةُ الكِيَانِ يَتَمَنَّوْنَ لِقَاءَ مَسْؤُولٍ عَرَبِيٍّ، انْقَلَبَتِ المَوَازِينُ بِسَبَبِ الخَوَنَةِ، وَهُرُولَةِ المهرولين الَّذِينَ لَمْ يُحَقِّقُوا سِلْمًا وَلَا سَوْيَةً.
وَتَبْقَى الحَقِيقَةُ:
لَا سِلْمَ مَعَ أَعْدَاءِ السَّلَامِ، وَكُلَّمَا هَرْوَلَ المُهَرْوِلُونَ، زَادَت غَطْرَسَةُ العَدُوِّ.
النَّكْبَةُ العَرَبِيَّةُ الكُبْرَى هِيَ تَذْكِيرٌ بِمَثَلٍ:
'أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَضُ'
وَقَالَ الزَّعِيمُ جَمَال عَبْدُ النَّاصِر:
'أَعْطَى مَنْ لَا يَمْلِكُ، لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ'.
فَـفِلَسْطِين رَقْمٌ وَاحِدٌ، لَا يَقْبَلُ القِسْمَةَ عَلَى اثْنَيْن.
وَسَتَبْقَى فِلَسْطِين عَرَبِيَّةً... مِن نَهْرِهَا إِلَى بَحْرِهَا.