اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٣ أيلول ٢٠٢٥
مخاض اليرموك الرئاسي.. كي لا يتعثر الحصان بالعربة التي وضعت أمامه لا خلفه! #عاجل
كتب أ. د. عبدالحكيم الحسبان -
قبل أيام غادر رئيس جامعة اليرموك السابق موقعه بقرار من مجلس التعليم جدد بموجبه لرؤساء جامعات اخرين ولم يجدد له، وهو إجراء له ما له من دلالات، وبعد اشهر قليلة ستنتهي ولاية رئيس مجلس الامناء الحالي مع بقية اعضاء المجلس، ما يعني ان قطبي إدارة جامعة اليرموك على مدى اربع سنوات سيغادران ليتولى إدارة امور الجامعة رئيس جامعة آخر برفقة مجلس أمناء جديد.
والحال، فان رئيس الجامعة السابق غادر وسيغادر شريكه ممثلا بمجلس الامناء الحالي في صناعة المشهد اليرموكي على مدى اربع سنوات وسط مشهد هو الأكثر قتامة وسوداوية في تاريخ الجامعة بل وفي تاريخ التعليم الجامعي الأردني جله. وأما المفارقة الكبرى التي انتجتها اللحظة فهي أن مجلس التعليم العالي الذي قرر ان لا يمدد للرئيس السابق وممدا في الان عينه لرئيسين اخرين، لم يخرج للاردنيين الذين يمثلون المجتمع الكبير الذي تعود له ملكية الجامعة، كما لمجتمع جامعة اليرموك داخل أسوار الجامعة وفي محيطها، عن الأسباب التي قادته لاتخاذ قرار عدم التجديد للرئيس السابق ولينخرط المجلس في إجراءات تعيين رئيس جديد للجامعة وفق نفس الطقوس والاجراءات والسياسات بل والسياسيات الخطرة المعتادة والتي خبرها الاردنيون كثيرا، وكأن جامعة اليرموك تعيش لحظة عادية تشبه تلك اللحظات التي عاشتها ذات يوم مجيد غابر، او تشبه في لحظتها المعاشة راهنا تلك اللحظات التي تعيشها شقيقاتها من الجامعات الحكومية.
في تأكيدنا على فرادة الحالة واللحظة اليرموكيتين، من المهم التذكير ببعض تفاصيل المرض اليرموكي إضافة لقائمة ضحاياه وحيث تكثر التفاصيل التي عاشتها كل مرافق الجامعة، كما طلبتها، واساتذتها، واداريوها كما تكثر قائمة الضحايا والذي تختلف اسباب مظلوميتهم.
في توصيف الازمة التي تعيشها اليرموك ونتمنى على مجلس الامناء كما مجلس التعليم العالي تقديم بيانات دقيقة حولها منعا للغط وللشطط، تقول بعض التقديرات من جهات ذات صدقية بأن حجم المديونية بات يلامس حاحز الماية وعشرة ملايين دينار. فثمة مستحقات على الجامعة لشبكة الجامعات، وثمة مستحقات لعاملين انتهت خدمتهم باكثر من ٨ ملايين دينار . يضاف اليها مستحقات لستشفيات خاصه ولمستشفى الملك المؤسس وشبكة الصيدليات و المختبرات الطبيه. وفوق هذا كله هناك ديون لبنوك مع فائدة لخدمة الدين السنوي تقدر بأكثر من ٥ ملايين من الدنانير، كل هذا مع أهمية الاخذ بعين مستوى التاكل في بنية الجامعة التحتية ومختبراتها التي لم يجر اي تطوير بها او صيانه لها منذ سنوات، يضاف إليها ما ستتكبده موازنة الجامعة من اموال ستدفها مضطرة لاعادة تاهيل هذه البنية التحتية والمختبراتية المتهالكة.
وتقول المعلومات ان حوالي ٣٠ اكاديميا وإداريا من الصف الأول أنهوا خدمتهم في الجاهعة الشهر الحالي تقدر تكلفة نهاية خدمتهم بحوالي ال ٥ مليون دينار سيلتحقون بعشرات كثيرة ممن أنهوا خدمتهم وباتوا يستجدون في مباني إدارة الجامعة وخارجها كي يتحصلون على جزء ولو بسيط من مكافأة نهاية الخدمة الخاصة بهم.
ومن المهم الاشارة الى ان حجم المديونية بات ينتقل من حال المتوالية الحسابية الى حال المتوالية الهندسية، فالاحاديث تقول بأن المديونية التي سجلت في الاربع سنوات التي شكلت عهد الرئيس السابق ومجلس الامناء الحالي بلغت اكثر من ٥٠ مليونا من الدنانير، ما يعني ان المديونية في طريقها لان تتضاعف ربما كل عام اذا لم يجر التفكير جذريا في مسارات الامور.
وللتدليل على عمق الازمة والمرض، سوف أحيل القارىء الى تفاصيل ذالك الشيك المالي الذي تواصلت إحدى المؤسسات الوطنية مع الجامعة كي تتسلمه واذ يمثل الشيك دفعة من تبرع كريم قدمته المؤسسة للجامعة نتيجة مجهود كريم ونبيل من شخصية أكاديمية تتمتع بسمعة علمية واجتماعية كبيرتين. ويحدث ان يصدر الشيك وتتصل الجهة بالجامعة التي خوت كل خزائنها، ولم يتم إجراء اللازم من قبل المسؤولين المعنيين في الجامعة الذين تقول الصور وصفحات الميديا انهم مشغولون دوما بأنشطة متواصلة وشبه يومية من التكريمات ومنح الشهادات التقديرية، وتوشيح الاوسمه. فهم دائما يحتفون، وهم عالقون دوما في مكان ما ولمناسبة تكريمية ما ولا وقت للذهاب لعمان لالتقاط الشيك.
أزعم ان عدد شهادات التقدير والاوسمة وكتب الشكر التي تم الاحتفال بتوزيعها هذين العامين قد بز وزاد عما وزعته الجامعة على مدى عمرها المديد، واجزم ان عدد شهادات وكتب الشكر والتقدير التي وزعها عميد إحدى الكليات ممن سيطروا على مفاتيح ناصية القرار في الجامعة، وفي عام واحد، تفوقت وبزت عدد كتب الشكر واحتفالات التقدير التي نظمها كل من سبقوه في العمادة مع مراعاة تفصيل قد يراه العميد بسيطا وهو ان أنفاق بعض من سبقوه في العمادة على تطوير مختبرات الكلية سجل قبله رقم المليون دينار في عام واحد، في حين تبلغ ميزانية العميد المزهو بانتصاراته والغارق حتى أذنيه في احتفالات التكريم اقل من عشرة آلاف دينار لهذا العام.
استحضار كل عناصر المشهد يجب ان يدفعنا للتفكير في معنى تعيين رئيس جديد لليرموك ان لم يتم الخوض والحديث والبت في أزمة اليرموك وادوار كل طرف فيها ممثلة بالرئيس والرؤساء السابقين اضافة لطاقم الادارة الضيق والمتنفذ والذي تعرفه كل جهات الدولة اضافة لمجلس الامناء الذي كان دوره بالغ الاهمية بالنظر في صلاحياته الرقابية الادارية والمالية الواسعة.
والترتيب الزمني هنا هو في غاية الأهمية، فتشخيص الازمة واطلاع دافعي الضرائب الاردنيبن كما مجتمع الجامعة وهما طرفان محترمان، ويستحقان ان ينظر اليهما كشركاء في صناعة القرار وليس مجرد حشود عليها ان تعيش الانتظارية المعيبة خلف من يقرر نيابة عنها. فلا بعقل ان يغادر رئيس دون ان تكون هناك جردة حساب تنصفه، وتنصف المؤسسة وتنصف الوطن كما دافعي الضرائب الأردنيين. ولا يعقل ان يغادر مجلس الامناء الذي هو في طور المغادرة فعلا ونحن نعيش ذات التجهيل في كل ما جرى ويجري في الجامعة كما على صعيد الأطراف والفاعلون الذين انتجوا الازمة.
عمق الازمة في اليرموك يحتم ان يكون الحل في إنتاج رئيس لليرموك وليس إعادة إنتاج للرئيس، وشتان ما بين الإنتاج واعادة الإنتاج.
فانتاح رئيس يعني تفكيرا جديدا وخلاقا يقطع مع التراث السابق في تسمية الرئيس وفي تحديد هويته كما المهمة المطلوبة منه، وأما إعادة إنتاج رئيس فتعني المجيء بنفس الرؤساء السابقين من خلال تسمية رئيس جديد لا يختلف عنهم سوى في تسريحة شعره او لون نظارته. كما يعني تكرار منطوق ذات العلاقة و الشراكة مع مجلس الامناء. ويسستتبع ذلك كله بالتأكيد ان تكون الأطراف المنخرطة في إنتاج الرئيس ليست ذاتها التي كانت منخرطة بل وشريكة في المسارات الحالية القاتلة والمميتة التي عاشتها وتعيشها الجامعة.












































