اخبار الاردن
موقع كل يوم -صحيفة السوسنة الأردنية
نشر بتاريخ: ٢ تشرين الثاني ٢٠٢٥
(يا لها من فتاة حسناء...
وكم من الجمال يخبّئ الأسرار!)
لم تنم منى تلك الليلة؛ كانت الأفكار تتزاحم في رأسها كأمواج البحر حين تثور في منتصف الليل.
هذه القضية الغامضة لا تُشبه أي قضية عملت عليها من قبل، وكل خيط تصل إليه ينقطع عند بابٍ مغلق.
تقلّبت على سريرها محاولةً طرد القلق، لكنها وجدت نفسها تمسك هاتفها من جديد.
وبينما كانت تتصفح تطبيق الواتساب، رأت أن النقيب محمد ما زال متصلًا.
ابتسمت بخفة وقالت في سرّها:
> 'حتى هو لم ينم... يبدو أن اللغز يطارده كما يطاردني.'
ترددت لحظة، ثم قررت الاتصال به. وحين أجابها بصوتٍ هادئ كتب أولًا:
> 'أهلًا نقيب منى... يبدو أن الذي شغلني شغلك أيضًا.'
ردّت مبتسمة رغم تعبها:
– آسفة على الإزعاج في هذا الوقت، لكن هل هناك جديد؟ القضية تشغلني تمامًا.
كنت اليوم بالقرب من فيلا عبدالعزيز، وعلمت من إحدى صديقاتي أن الفيلا ليست باسمه، بل باسم فتاة!
قاطَعها النقيب محمد قائلًا:
– نعم، إنها زوجته... منال بنت غازي، ابنة الطبيب المعروف غازي بن محمد.
ترددت منى لثوانٍ، وقد بدت الدهشة في نبرتها:
– زوجته؟! تقصد أن منال تكون زوجة عبدالعزيز؟
أجابها محمد بنبرة جدّية:
– نعم، المفترض أن يوم الحادث كان ليلة زفافهما. لكن القاتل لم يمنحه فرصة الفرح... قتله قبل أن يزف إلى عروسه.
شهقت منى قائلة:
يا إلهي! ليلة الزفاف؟ كم هو مأساوي أن يُقتل في ليلة العمر!
تنحنح محمد وأكمل ببرود رجل المباحث الذي اعتاد سماع القصص المأساوية:
عبدالعزيز كان رجلًا متعدد العلاقات. الغريب أنه يستمر في علاقته حتى اللحظة الأخيرة، ثم يختفي قبل أن تتطور الأمور... إلا مع منال، فقد أكمل طريقه حتى النهاية، ولكن القدر لم يمهله.
فتشنا الفيلا ووجدنا مذكراته الشخصية، مليئة بأسماء نساء... باختصار، كان زير نساء من الطراز الأول.
أومأت منى ببطء، وقد لمعت في عينيها لمحة حزن ممزوجة بالاشمئزاز:
نعم، هذا ما سمعته أيضًا. لا عجب أن يجد نهاية كهذه... من يعبث بمشاعر الآخرين، لابد أن يسقط يومًا في فخّه.
سألته بعدها:
هل لديك معلومات إضافية؟
أجاب محمد بثقة:
– نعم، يوم مقتله كانت هناك ثلاث نساء يترددن على الفيلا، ولكن على فترات متباعدة.
ومن بينهن منال نفسها... زارته قبل زفافها بثلاث ساعات فقط، وغادرت بسرعة وهي في حالة غضب واضحة.
رفعت منى حاجبيها بدهشة:
غريب! ماذا يمكن أن يدفع عروسًا لزيارة عريسها قبل ساعات من الزفاف ثم تغادر غاضبة؟ هذا تصرّف غير منطقي إطلاقًا.
ومن الذي أبلغك بذلك؟
ابتسم محمد وقال ضاحكًا:
عامل النظافة، اسمه جاويد. من حسن حظنا أنه كان هناك في ذلك الوقت؛ فقد استدعاه عبدالعزيز لتنظيف الفيلا استعدادًا للزواج.
رآى النساء الثلاث وميّز منال لأنه يعرفها مسبقًا... فهي تتردد على البنك الذي يعمل فيه.
قالت منى بعد لحظة صمتٍ تفكير:
– إذن نبدأ من عند منال... فهي الخيط الأقرب إلى الحقيقة.
ابتسم محمد بخفة وهو يكتب لها:
> 'وربما تكون هي الحقيقة نفسها...'
تأملَت منى عبارته، وأحست أن وراء كلماته شيئًا أكبر من الظن...
شيئًا يشبه نبوءة رجلٍ اعتاد أن يرى الجريمة قبل أن تُولد.
يتبع...












































