اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ١١ تشرين الأول ٢٠٢٥
انهيار عالمي في أسعار النفط والأسواق مع تصاعد الحرب الاقتصادية الأمريكية الصينية #عاجل
مالك عبيدات – قال الباحث الاقتصادي والمتخصص في شؤون النفط والطاقة الدكتور عامر الشوبكي إن العالم يشهد واحدة من أخطر الموجات الاقتصادية منذ سنوات، مع انهيار أسعار النفط وتراجع الأسواق العالمية بشكل غير مسبوق، بالتزامن مع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي باتت تهدد بنشوب أزمة اقتصادية عالمية جديدة قد تفوق بتأثيرها أزمة عام 2008.
وأوضح الشوبكي لـ الأردن ٢٤ أن أسعار النفط 'تتهاوى بوتيرة سريعة'، حيث سجلت أدنى مستوى لها منذ خمسة أشهر، في ظل تراجع الطلب العالمي وتزايد المخاوف من الركود، إلى جانب تخفيض علاوة المخاطر الجيوسياسية بعد توقيع صفقة غزة، التي خففت مؤقتاً من التوترات في الشرق الأوسط. وأشار إلى أن الانخفاض الحالي ليس مجرد تصحيح سعري، بل هو بداية مرحلة هبوط حادة قد تمتد لعدة أشهر، متوقعاً أن تصل الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات إذا استمر المشهد الجيوسياسي والاقتصادي على حاله.
وأكد الشوبكي أن الأسواق النفطية بدأت تفقد الثقة بقدرة منظمة أوبك+ على ضبط الإيقاع السعري، خاصة بعد التباينات الواضحة بين الدول المنتجة بشأن مستويات الإنتاج، في وقت تتزايد فيه الضغوط الأمريكية على السعودية وروسيا لضمان تدفق الإمدادات وخفض الأسعار. وأضاف أن 'العامل النفسي في السوق اليوم يلعب دوراً أساسياً'، فالمستثمرون يعيشون حالة ذعر من الركود العالمي، ويتجهون بسرعة نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب والدولار والسندات الأمريكية، على حساب أسواق الأسهم والنفط والسلع.
وأشار الباحث الاقتصادي إلى أن الأسواق الأمريكية خسرت أكثر من 1.65 تريليون دولار من قيمتها السوقية خلال الساعات الماضية، في واحدة من أكبر موجات البيع منذ سنوات، حيث هبط مؤشر ناسداك بنسبة 3.5٪، وتراجع S&P 500 بنسبة 2.7٪، بينما فقد داو جونز الصناعي نحو 1.9٪ من قيمته. وقال إن هذه الخسائر لم تأتِ من فراغ، بل جاءت نتيجة إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 100٪ على الواردات الصينية، في خطوة اعتبرها المستثمرون بداية حرب تجارية شاملة بين الاقتصادين الأكبر في العالم.
وأضاف أن القرار الأمريكي أثار ردود فعل غاضبة من بكين التي توعدت باتخاذ إجراءات مماثلة، ما زاد من حدة المخاوف حول مستقبل سلاسل الإمداد العالمية، ورفع احتمالات تراجع النمو العالمي إلى ما دون 2٪ خلال العام المقبل، وهو ما يصنف اقتصادياً كحالة 'ركود عالمي'.
وفي السياق نفسه، قال الشوبكي إن أسواق العملات المشفّرة تلقت ضربة تاريخية، حيث فقدت أكثر من 800 مليار دولار من قيمتها خلال ساعات قليلة، في أكبر انهيار يومي تشهده منذ نشأتها، متجاوزة حتى الخسائر المسجلة في ذروة جائحة كورونا عام 2020. وأوضح أن هذا الانهيار يعكس فقدان الثقة الكامل بالاستثمارات عالية المخاطر، وتوجه المستثمرين نحو تسييل الأصول الرقمية لتغطية خسائرهم في أسواق الأسهم.
وبيّن أن المشهد الاقتصادي العالمي الحالي يتسم بدرجة عالية من الترابط والتأثير المتبادل، فهبوط النفط يعني تراجعاً في إيرادات الدول المنتجة، وبالتالي ضعف الإنفاق الحكومي، ما يؤدي إلى انخفاض الطلب على السلع والخدمات وتباطؤ في التجارة الدولية. وفي المقابل، تؤدي الحرب التجارية إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والتوريد، ما يعمّق الأزمة ويزيد من احتمالات دخول الاقتصاد العالمي في دوامة تضخمية.
وأكد الشوبكي أن المرحلة المقبلة ستكون حساسة للغاية، وأن على الدول النفطية إعادة تقييم سياساتها المالية وموازناتها العامة تحسباً لأي هبوط طويل الأمد في الأسعار. كما دعا البنوك المركزية إلى تبني سياسات نقدية أكثر مرونة لتخفيف آثار الأزمة، محذراً من أن استمرار التصعيد بين واشنطن وبكين قد يقود إلى انكماش اقتصادي واسع النطاق يصعب احتواؤه على المدى القريب.
وختم الشوبكي حديثه بالقول إن 'الاقتصاد العالمي يقف اليوم على مفترق طرق'، فإما أن تنجح الجهود الدبلوماسية في احتواء الحرب الاقتصادية ومنع تفاقمها، أو أن يدخل العالم مرحلة جديدة من الاضطراب المالي والانكماش الاقتصادي، ستكون انعكاساتها أشد وطأة على الدول النامية والاقتصادات المعتمدة على الطاقة، ومنها دول الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن ما يحدث الآن ليس مجرد تقلبات عابرة في الأسواق، بل هو تحوّل بنيوي في النظام الاقتصادي العالمي، يعيد رسم موازين القوى المالية والتجارية بين الشرق والغرب، ويمهد لمرحلة جديدة عنوانها: عدم اليقين والاضطراب المستمر.