اخبار الاردن
موقع كل يوم -زاد الاردن الاخباري
نشر بتاريخ: ١٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
زاد الاردن الاخباري -
أثار استطلاع مركز الدراسات في الجامعة الأردنية حول أداء حكومة الدكتور جعفر حسان بعد عام على تشكيلها، جدلًا واسعًا، بعد أن أظهر أن نسبة الثقة في الحكومة وصلت إلى 70%. هذه النسبة المرتفعة وُصفت بأنها 'قفزة نوعية'، خاصة عند مقارنتها مع حكومة الدكتور بشر الخصاونة، التي لم تتجاوز نسبة الثقة بها 40% حتى بعد عامين على تشكيلها.
اللافت هنا ليس فقط الفارق الكبير بين الرئيسين من حيث نسب القبول الشعبي، بل التحول المفاجئ في نبرة تقارير مركز الدراسات نفسه. ففي الوقت الذي كانت تقاريره خلال حكومة الخصاونة تعكس حالة من التشاؤم الشعبي وعدم الرضا، تحوّلت فجأة إلى نغمة إيجابية مفرطة مع حكومة حسان، رغم أن بعض وزراء حكومته جاءوا من إرث حكومة الخصاونة، التي اشتهرت حينها بشعار 'أجمل الأيام'، رغم الواقع المعاكس بحسب الاستطلاعات و'اللطميات' الشعبية.
ولم يكن غريبًا أن تُطرح تساؤلات عن سبب تغييب تقييم باقي المؤسسات الوطنية، إذ خَلَت نسخة هذا العام من أي استطلاع لثقة الناس بالجيش، والأجهزة الأمنية، والقضاء، والتعليم، والصحة، ومجلس النواب، والأحزاب، وحتى مؤشرات التفاؤل العام. تركيز التقرير فقط على الحكومة أثار شكوكًا حول نية انتقائية واضحة في عرض البيانات.
التقرير ذاته يشير إلى تحسن في نظرة المواطنين تجاه الاتجاه العام؛ حيث ارتفعت نسبة من يرون أن الأمور تسير بشكل إيجابي إلى 57% مقارنة بـ47% في استطلاع الـ100 يوم، و55% عند التشكيل. كما انخفضت نسبة من يرون أن الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ إلى 35%، بعد أن كانت 51% في استطلاع الـ100 يوم.
لكن المفارقة تظهر في تقرير راصد الصادر مؤخرًا بعنوان 'نتائج عام على أداء حكومة الدكتور جعفر حسان'. فقد قدّم صورة مختلفة تمامًا عن تقييم النواب والأحزاب لأداء الحكومة، حيث:
86.4% من النواب غير راضين عن معالجة الحكومة لقضية البطالة وخلق فرص العمل،
و82.9% من الأحزاب تؤيد هذا التقييم السلبي،
كما أن 53.8% من النواب غير راضين عن جهود مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية.
هذا التباين الواضح بين ما ورد في استطلاع مركز الدراسات، وتقرير راصد، يعكس تناقضًا جوهريًا في تقييم الأداء، ويطرح سؤالًا مشروعًا: كيف يمكن أن تصل الثقة بالحكومة إلى 70%، في حين أن غالبية النواب، الذين يُفترض أنهم يمثلون الشارع، يعبرون عن استياء واسع من أدائها؟
تقرير راصد أشار أيضًا إلى أن 57.6% من النواب يتوقعون توتر العلاقة بين المجلس والحكومة في عامها الثاني، ما فُهم على أنه تمهيد لموجة قرارات حكومية قد لا تلقى ترحيبًا شعبيًا، منها تعيينات مرتقبة بمبالغ طائلة في وظائف قيادية، واستمرار بعض الوزراء في إثارة الجدل، ما يشكل عبئًا على الرئيس حسان، الذي يحاول الموازنة بين الشارع ومتطلبات الحكم تحت مبدأ 'لا ضرر ولا ضرار'.
أمام هذا المشهد، لا تبدو النسب المعلنة واقعية. فليس هناك تحسّن اقتصادي ملموس، ولا زيادات على الرواتب، في وقت تتصاعد فيه نسب البطالة، وتُطرح تحديات جديدة بشكل متسارع. فضلًا عن تأثير الحروب الإقليمية والأزمات المجاورة على الاقتصاد الوطني والسياحة.
كل هذه المعطيات تقود إلى استنتاج واحد:
التقارير الأخيرة لا تعبّر بالضرورة عن واقع الحال، ولا عن المزاج الشعبي الحقيقي، بل تعكس نوعًا من التجميل السياسي للصورة، في وقت لا يزال فيه جسر الثقة بين المواطن والحكومة هشًا ومضطربًا، رغم محاولات الترميم الإعلامي.