اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
في ظل استمرار الحرب في قطاع غزة منذ أكثر من عامين، تتكثف الجهود الدولية للتوصل إلى اتفاق شامل يضع حدًا للدمار والمعاناة الإنسانية. وبينما عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تفاؤله الكبير بإمكانية التوصل إلى 'صفقة تاريخية'، تشير الوقائع على الأرض إلى أن المحادثات تواجه تحديات جوهرية تتعلق بالقضايا الخلافية بين الأطراف، ما يهدد فرص نجاحها، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.
تفاؤل ترامب: طموح سياسي أم مناورة دبلوماسية؟
ومنذ إعلان المبادرة الأمريكية الجديدة، لم يتوقف الرئيس ترامب عن التأكيد بأن 'الجميع تقريبًا وافقوا على الخطة'، مشيرًا إلى أن المفاوضات الجارية في القاهرة وشرم الشيخ قد تُفضي إلى نتائج ملموسة خلال أيام.
وتشمل الخطة وقفًا فوريًا لإطلاق النار، وانسحابًا تدريجيًا للقوات الإسرائيلية، وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس، مقابل الإفراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني لدى إسرائيل. إلا أن هذا التفاؤل يصطدم بواقع سياسي وأمني شديد التعقيد، حيث لا تزال هناك فجوات كبيرة بين مواقف إسرائيل وحماس، خصوصًا فيما يتعلق بمستقبل الحكم في غزة ونزع سلاح الفصائل المسلحة، وفقًا لنيويورك تايمز.
الانقسامات الداخلية: عقبة أمام التوافق
تواجه المحادثات عقبات كبيرة بسبب الانقسامات الداخلية لدى كل من الطرفين. داخل حركة حماس، هناك تباين في المواقف بين القيادة السياسية في الخارج والقيادة العسكرية في الداخل، حيث أبدى بعض القادة تحفظهم على البنود المتعلقة بنزع السلاح وتسليم السلطة.
وفي المقابل، يواجه نتنياهو ضغوطًا من داخل حكومته اليمينية الرافضة لأي تنازل لحماس أو أي دور للسلطة الفلسطينية في إدارة غزة بعد الحرب.
وقد نقلت تقارير أن ترامب عبّر عن غضبه من موقف نتنياهو خلال مكالمة هاتفية، قائلًا له: 'لماذا أنت سلبي دائمًا؟ هذه صفقة رابحة، خذها!'، وفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية.
الوضع الإنساني: ضغط شعبي متزايد
في الوقت الذي تُعقد فيه المحادثات، يعيش سكان غزة تحت وطأة أزمة إنسانية خانقة. فقد أفادت منظمات دولية بأن المستشفيات في غزة تعمل فوق طاقتها، وأن أكثر من 900 ألف شخص نزحوا من مدينة غزة باتجاه الجنوب.
كما أن استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية، رغم دعوات واشنطن لوقف القصف، يثير شكوكًا حول جدية الأطراف في تنفيذ أي اتفاق محتمل.
وقد عبّر سكان غزة عن إحباطهم من استمرار القصف، رغم الحديث عن تقدم في المفاوضات، مؤكدين أن الواقع على الأرض لا يعكس أي تهدئة، وفقًا لصحيفة لوموند الفرنسية.
الوساطة المصرية والقطرية: بين الثقل الإقليمي والتحديات السياسية
منذ اندلاع الحرب في غزة، تصدرت مصر وقطر مشهد الوساطة الإقليمية، حيث تمتلك كل منهما علاقات مباشرة ومؤثرة مع الأطراف المتنازعة. مصر، بحكم موقعها الجغرافي وتاريخها الطويل في دعم القضية الفلسطينية، تُعد الطرف الأكثر خبرة في إدارة الملفات الأمنية والسياسية المعقدة في غزة.
فهي تحتضن المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس في القاهرة وشرم الشيخ، وتعمل على صياغة تفاهمات تدريجية تبدأ بوقف إطلاق النار وتنتهي بترتيبات الحكم.
كما أن جهاز المخابرات العامة المصري يلعب دورًا محوريًا في التنسيق بين الفصائل الفلسطينية، ويُنظر إليه باعتباره جهة ضامنة لأي اتفاق مستقبلي.
لكن رغم هذا الثقل، تواجه الوساطة المصرية تحديات كبيرة، أبرزها تعنت الحكومة الإسرائيلية ورفضها لأي دور لحماس أو حتى للسلطة الفلسطينية في إدارة غزة بعد الحرب.
كما أن مصر، رغم حرصها على التهدئة، لا تملك أدوات ضغط مباشرة على إسرائيل، وتعتمد على التنسيق مع واشنطن لضمان تنفيذ أي تفاهمات.
وقد نقلت هيئة الإذاعة البريطانية أن القاهرة تسعى إلى 'حل تدريجي'، يبدأ بوقف إطلاق النار ثم إدخال المساعدات، لكن غياب الثقة بين الأطراف يجعل هذا المسار هشًا وغير مضمون وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي.
أما قطر، فتتمتع بعلاقات وثيقة مع قيادة حماس السياسية، وتلعب دورًا ماليًا وإنسانيًا مهمًا في دعم سكان غزة. وهي تسعى لتثبيت وقف إطلاق النار عبر آلية مراقبة دولية تشمل الأمم المتحدة، وتطالب بضمانات مكتوبة تضمن تنفيذ إسرائيل لتعهداتها. إلا أن قطر، رغم قربها من حماس، لا تستطيع فرض شروط على الحركة، ما يجعلها وسيطًا 'غير محايد' في نظر بعض الأطراف الغربية.
كما أن إسرائيل ترفض أي تدخل قطري في الشأن الأمني، وتُفضل التعامل مع مصر باعتبارها الطرف الأكثر قبولًا لديها وفقًا لقناة الجزيرة الإنجليزية القطرية.
وقد أشار تقرير لشبكة 'سي إن إن' إلى أن الوفد الأمريكي، بقيادة جاريد كوشنر، عبّر عن استيائه من بطء الوساطة الإقليمية، واعتبر أن 'الوقت ينفد'، في ظل استمرار القصف وتدهور الوضع الإنساني.
كما أن ترامب نفسه عبّر عن غضبه من عدم التزام الأطراف بالجدول الزمني، قائلًا إن 'الصفقة جاهزة، لكن أحدهم يعرقلها'، في إشارة غير مباشرة إلى تحفظات إسرائيل وحماس على بعض البنود.
خطة ترامب: بنود طموحة بلا جدول زمني
تتضمن خطة ترامب عشرين بندًا تغطي الجوانب الأمنية، والإدارية، والتنموية، والدولية. وتشمل إنشاء قوة دولية لمراقبة تنفيذ الاتفاق، وإعادة بناء البنية التحتية في غزة، وتوفير فرص عمل، وتعزيز الشفافية في إدارة المساعدات.
كما تنص على نزع سلاح الفصائل المسلحة، وتدريب قوات أمن فلسطينية تحت إشراف دولي. إلا أن الخطة تفتقر إلى جدول زمني واضح، وتثير تساؤلات حول مدى قبول الأطراف بها، خصوصًا في ظل رفض إسرائيل لأي دور للسلطة الفلسطينية في غزة، وتردد حماس في التخلي عن نفوذها العسكري.
الشارع الفلسطيني: بين الأمل والشكوك
في غزة، تتباين ردود الفعل الشعبية تجاه خطة ترامب. فبينما عبّر البعض عن أملهم في أن تُنهي الخطة سنوات المعاناة، أبدى آخرون شكوكًا عميقة في جدية الأطراف.
ويقول أحد سكان مخيم النصيرات، إنه شعر بالأمل بعد إعلان حماس قبولها للخطة، لكنه لاحظ أن حركة النزوح من الشمال إلى الجنوب قد توقفت، ما اعتبره مؤشرًا إيجابيًا.
في المقابل، عبّر آخرون عن إحباطههم بعد استمرار القصف رغم إعلان حماس قبولها، معربين عن مخاوفهم من أن 'يواصل الاحتلال القصف، وربما بشكل أعنف في أعقاب الإفراج عن الرهائن'.