اخبار مصر
موقع كل يوم -ار تي عربي
نشر بتاريخ: ١٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
علق عدد من المحللين المصريين على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي زعم فيها أنه 'أنهى 8 حروب خلال الأشهر الأخيرة'، من بينها 'حرب بين مصر وإثيوبيا'.
واعتبر الخبراء أن الادعاء يفتقر إلى الدقة ويخلط بين التوتر الدبلوماسي والصراع المسلح.
كانت وزارة الخارجية الأمريكية نشرت أمس تدوينة مثيرة للجدل عبر منصة 'إكس'، وصفت فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ'رئيس السلام'، وأنه أنهى 8 حروب خلال 8 أشهر فقط.
وأرفقت الوزارة منشورها بصورة لترامب وهو يلوح بيده أثناء نزوله من الطائرة، مع قائمة تضمنت أسماء الدول أو الأطراف التي قالت إنه ساهم في إنهاء النزاعات بينها.
وتشمل القائمة كل من: كمبوديا وتايلاند، كوسوفو وصربيا، جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، باكستان والهند، إسرائيل وإيران، مصر وإثيوبيا، أرمينيا وأذربيجان، بالإضافة إلى إسرائيل وحماس.
'نرجسية ترامب ومحاولات تضخيم الإنجازات'
في تصريحات لقناة RT، وصف الخبير السياسي طارق البرديسي ترامب بأنه 'شخصية نرجسية تحب أن يُحمَدَ بما لم تفعل'، مستشهدًا بتصريحات سابقة للرئيس الأمريكي حول 'إنهائه الحرب بين إسرائيل وإيران في 12 يومًا'، وتساءل ساخرًا: 'إزاي وأنت اللي بدأت بضرب إيران؟'.
وأشار البرديسي إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تعامل بذكاء مع نرجسية ترامب، موضحًا أن 'هدية قلادة النيل له خلال زيارته لشرم الشيخ كانت وسيلة ذكية لتهدئة غروره'، مضيفًا: 'الجميع يعرف أن ترامب يحب الترحيب والإشادة، وهو ما فعله الكنيست الإسرائيلي حين وقف أعضاؤه يصفقون له'.
وبشأن ادعاء ترامب بإنهاء 'الحرب بين مصر وإثيوبيا'، أوضح البرديسي أن إدارة ترامب استضافت مفاوضات حول سد النهضة في عام 2020، ووصلت إلى مسودة اتفاق قانوني ملزم، لكن إثيوبيا انسحبت من التوقيع في اللحظات الأخيرة. وأضاف أن ترامب صرح حينها بأن 'من حق مصر ضرب السد'، لكن 'الحكمة المصرية رفضت ابتلاع الطعم، وتمسكت بالحلول التفاوضية'، وهو ما يعكس رؤية السياسة المصرية القائمة على ضبط النفس والدبلوماسية.
خبير قانوني دولي: لا وجود لـ'حرب' بين مصر وإثيوبيا
من جانبه، أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن ادعاء الخارجية الأمريكية بأن ترامب أنهى 'ثمانية حروب'، من بينها حرب مصرية إثيوبية، 'يحتاج إلى تدقيق موضوعي وفحص للوقائع بعيدًا عن البروباغندا'.
وأوضح مهران في تصريحات لـ RT أن 'ما يجري بين مصر وإثيوبيا هو خلاف دبلوماسي استراتيجي حول إدارة موارد مياه النيل، وليس حربًا بالمعنى القانوني'، مشيرًا إلى أن 'القانون الدولي لا يعترف بوجود حرب إلا إذا تحقق شرط الصراع المسلح المُنظم بين طرفين'.
وأضاف أن 'الدور الأمريكي في ملف سد النهضة كان محدودًا، ولم يكن حاسمًا'، مؤكدًا أن 'مفاوضات سد النهضة جرت أساسًا تحت رعاية الاتحاد الأفريقي وبمشاركة دولية متعددة الأطراف، وليس بجهود أمريكية منفردة'.
وأشار إلى أن التوتر لا يزال قائمًا، خاصة بعد الفيضانات الأخيرة التي أثارت تساؤلات حول إدارة السد وتأثيره على دول المصب، مؤكدًا أن 'القضية لم تحل بعد، والمفاوضات متعثرة'، ما يجعل ادعاء 'إنهاء الحرب' غير دقيق بل وخطير، لأنه قد يُستخدم لتبرير تقاعس المجتمع الدولي عن التدخل الفعّال.
وشدد مهران على أن 'القانون الدولي ينظم استخدام الأنهار الدولية عبر اتفاقيات وأعراف توازن بين حقوق دول المنبع ودول المصب'، موضحا أن 'مصر تتمسك بحقوقها التاريخية والقانونية في مياه النيل وفق الاتفاقيات الدولية المعمول بها'.
وأكد أن 'الولايات المتحدة قادرة على لعب دور فعال في حل الأزمة، لكن ذلك يتطلب إرادة سياسية حقيقية، لا مجرد تصريحات دعائية'.
تدخل أمريكي متأخر وتكلفة بشرية باهظة
وبخصوص ادعاءات ترامب حول إنهاء حروب أخرى، أقر مهران بأن 'الإدارة الأمريكية ساهمت في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة'، لكنه شدد على أن 'هذه المساهمة جاءت متأخرة جدًّا'، موضحًا أن 'التدخل المبكر كان كفيلًا بإنقاذ آلاف الأرواح'.
وأشار إلى أن 'الضغوط الدولية المتزايدة، ومنها قرارات محكمة العدل الدولية ومذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، فضلاً عن التظاهرات العالمية والاعترافات المتزايدة بدولة فلسطين، هي التي دفعت واشنطن لتغيير موقفها'.
وأكد أن 'الحرب في غزة لم تنته بعد، وقد تنتهك اتفاقات وقف إطلاق النار في أي لحظة'، داعيا الولايات المتحدة إلى 'العمل بموضوعية لإيجاد حل عادل ونهائي للقضية الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين على حدود 1967'.
وأشاد مهران بالدور المصري، واصفًا إياه بـ'المحوري' في التوصل إلى وقف إطلاق النار، مؤكدًا أن 'الوساطة المصرية المستمرة، والضغوط المتوازنة، والمتابعة الدقيقة كانت عوامل حاسمة في إدارة الأزمة'.
دعوة للشفافية وتجنب المبالغة
وطالب مهران الإدارة الأمريكية – إذا كانت جادة في تحقيق السلام – أن 'تركز جهودها على وقف الحرب الروسية الأوكرانية، التي تعد أكبر تهديد للسلم والأمن الدوليين في أوروبا منذ عقود'، مشيرًا إلى أن 'التدخل الدبلوماسي الحاسم في هذه الحرب سيكون إنجازًا حقيقيًّا يستحق الاعتراف'.
وختم مهران دعوته بضرورة 'الموضوعية في تقييم الأدوار الدولية'، محذرًا من أن 'المبالغة في الإنجازات أو ادعاء حل أزمات لا تزال قائمة يضر بالمصداقية الدولية'، مؤكدًا أن 'العالم بحاجة إلى جهود صادقة لحل الصراعات، لا إلى حملات دعائية تضخم إنجازات وهمية'.
المصدر: RT