اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٢٩ نيسان ٢٠٢٥
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” افتتاحية دعت فيها إدارة دونالد ترامب إلى عدم حرف النظر عن الإبادة وتقارير القتل الجماعي في السودان، كما فعلت قبل 50 عامًا في كمبوديا، عندما قررت عدم الالتفات لتقارير مماثلة عن حقول الموت هناك.
وقالت إن هذا الشهر سجل علامة قاتمة في السودان، هذا البلد الإفريقي الذي لم يحالفه الحظ، ويعاني من أكبر كارثة إنسانية.
ففي 15 نيسان/أبريل دخلت الحرب الأهلية هناك عامها الثالث، حيث قتل فيها حتى الآن ما يقرب من 150,000 شخص، وشُرِّد حوالي 12 مليون شخص، بدون أن تلوح أي تسوية في الأفق.
وفي اليوم التالي، وصفت وزارة الخارجية الأمريكية، ولأول مرة، المذابح التي ترتكب في غرب السودان بالإبادة، مشيرة إلى القتل المنظم للرجال والأطفال والعنف الجنسي ضد النساء والفتيات من قبيلة المساليت.
وذكر البيان الأمريكي مجموعة “الدعم السريع” شبه العسكرية التي تخوض حربًا مع القوات المسلحة السودانية، كمسؤولة عن التطهير العرقي. وكانت إدارة بايدن قد اتهمت “الدعم السريع” بارتكاب الإبادة الجماعية.
وتعلق الصحيفة أن الإعلان عن إبادة جماعية هو شيء، والعمل للتخفيف من حدتها هو أمر آخر، وعلى أمريكا والعالم عدم التقاعس والتحرك لعمل شيء.
وتزامن إعلان وزارة الخارجية مع ذكرى مرور خمسين عامًا على مذبحة جماعية أخرى ارتكبها نظام “الخمير الحمر” في كمبوديا في 17 نيسان/إبريل عام 1975.
فقد سيطر “الخمير الحمر” على العاصمة فنوم بنه، وبدأوا بتجربة جنونية لإعادة تشكيل المجتمع والتخلص المنظم من المهنيين ورجال الأعمال والمثقفين والأقليات العرقية.
وقد اختفى حوالي 3 ملايين نسمة أثناء الإعدامات الفورية والعمالة القسرية والتجويع التي استمرت أربعة أعوام.
وحدثت الإبادة تلك وسط عدم مبالاة العالم. ففي ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة تتراجع من جنوب شرق آسيا، حاملة جراح فشلها العسكري المهين في فيتنام.
وقد اعترف برنت سكوكروفت، مستشار الأمن القومي للرئيس جيرالد فورد، في مذكرة عام 1976 بالتقارير عن عمليات إعدام واسعة طالت مسؤولين حكوميين سابقين وجنودًا ومعلمين وطلابًا وأي شخص ظهرت عليه علامات التعلم.
لكن لا فورد ولا خليفته، الرئيس جيمي كارتر، اتخذا أي إجراء لوقف حمام الدم هناك، أو التحذير من استمراره، وإطلاع الرأي العام عليه.
والآن، وبعد أن أقرت إدارة ترامب بحدوث إبادة جماعية في السودان، ما الذي يمكن للولايات المتحدة فعله، إن وجد هناك أي حل لوقفها؟
وتقول الصحيفة إن الحرب الأهلية في السودان تستعصي على أي حل، فالنزاع نابع من الصراع على السلطة بين قائد الجيش، الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات “الدعم السريع”، محمد حمدان دقلو، أو كما يعرف بحميدتي، وهي القوات التي نشأت من جماعات الجنجويد التي ارتكبت مجازر وفظائع في دارفور بداية القرن الحالي.
فعندما انهار التحالف الهش بينهما قبل عامين، تحركت الدبابات والعربات العسكرية، ما خلّف معظم العاصمة الخرطوم في حالة من الدمار.
وبعدما حقق الجيش السوداني سلسلة من المكاسب، في نهاية آذار/مارس، بدا وكأن انفراجة قد حدثت في الجمود السياسي.
فقد استعادت قوات البرهان السيطرة على معظم العاصمة السودانية، وطردت “الدعم السريع” من مدن أخرى في وسط وشرق السودان.
لكن حميدتي تراجع مع قواته إلى معاقله في غرب السودان، حيث يهدد بإعلانه عن حكومة موازية في دارفور وكردفان بتقسيم البلاد.
كما شكل تحالفًا مع ميليشيا تدعى “حركة تحرير شعب السودان- شمال”، وهي التي تحالفت مع جماعات عسكرية كانت تطالب باستقلال الجنوب.
وفي غضون ذلك، استمرت المجازر ضد قبيلة المساليت وغيرها من الأقليات غير العربية.
وفي الحرب الأهلية السودانية يشترك مزيج من اللاعبين الإقليميين والدوليين، لكل منهم أجنداته الخاصة ومنافساته طويلة الأمد.
ويحظى البرهان بدعم مصر، بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية وقطر. كما تدعم إيران، التي تأمل في توسيع نفوذها إلى البحر الأحمر، القوات المسلحة السودانية، حيث تزودها بطائرات مسيرة وأسلحة أخرى، كما أرسلت تركيا طائرات مسيرة وصواريخ.
من جانبها، تحظى قوات “الدعم السريع” بدعم من الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى أمراء حرب في ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان.
كما لاقى حميدتي استقبالًا حارًا في إثيوبيا وأوغندا وكينيا.
ووسط هذا المزيج القابل للاشتعال، ربما كان من المغري التعامي وغض الطرف، لكن هذا سيكون خطأ، تمامًا مثل الذي ارتكبته الولايات المتحدة قبل نصف قرن، عندما تجاهلت الفظائع وحقول الموت في كمبوديا.
وتعلق الصحيفة أن التحرك القوي لا يعني بالضرورة التدخل المباشر.
ويمكن لإدارة ترامب وقف مبيعات الأسلحة إلى الإمارات وفرض عقوبات، حتى تنهي الدولة دعمها العسكري والمالي لقوات “الدعم السريع” التابعة لحميدتي.
كما يجب تحذير الدول الأخرى التي يبدو أنها تدعم قوات “الدعم السريع”.
وينبغي للولايات المتحدة تعيين مبعوث خاص إلى المنطقة لبدء الدبلوماسية من خلال الضغط على مصر والسعودية وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين لإحضار وكلائهم إلى طاولة المفاوضات.
وذكرت الصحيفة أن ترامب يريد أن يعرف بصانع سلام، وربما لم يكن السودان على قائمة أولوياته، فمن خلال المساعدة في التوصل إلى اتفاق سلام هناك، يمكنه وقف إبادة جماعية وإنهاء أكبر كابوس إنساني في العالم.