حاجز "الحمرا".. خطوة جديدة للكيان الصهيوني لخنق الأغوار وتهجير مزارعيها

نابلس – سبأ:

وسط صمتٍ ثقيلٍ وقلقٍ يخيّم على الوجوه، يراقب مزارعو الأغوار الشرقية في الضفة الغربية بفلسطين المحتلة، أعمال التجريف التي تنفذها آليات العدو الإسرائيلي عند مدخل قرية عين شبلي شرق نابلس، إيذانًا بنقل حاجز 'الحمرا' العسكري إلى موقع أقرب للقرية.

خطوةٌ تبدو في ظاهرها 'إعادة تنظيم أمني' من العدو الصهيوني، لكنها في الحقيقة تهديدٌ جديدٌ للأرض والرزق والوجود الفلسطيني في واحدة من أهم مناطق الضفة الغربية الزراعية.

منذ سنوات، يُعرف حاجز 'الحمرا' كأحد أكثر الحواجز العسكرية قسوةً في الضفة، إذ يفصل بين محافظات نابلس وطوباس وأريحا، ويتحكم في تنقل آلاف الفلسطينيين يوميًا.

ومع قرار نقل الحاجز، يخشى المزارعون أن تتحول حياتهم إلى معاناة يومية مضاعفة، إذ سيُصبح الوصول إلى أراضيهم مرهونًا بإجراءات العدو الإسرائيلي وتعسفه.

وبإقامة الحاجز على أراضي قرية عين شبلي، تصبح مساحة تقدر بنحو 5000 دونم خلف الحاجز، ويتطلب الوصول إليها المرور عبره، ما يعني تسهيل السيطرة عليها وتركها تحت تصرف المستوطنين.

ويؤكد عضو مجلس قروي عين شبلي، حسين أبو حطب، لوكالة 'سند' الفلسطينية، أن إقامة الحاجز عند مدخل القرية سيكون له تداعيات كبيرة على المزارعين ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم القريبة، كما سيُحرم مربيو المواشي من رعيها في الأراضي المحيطة.

وأوضح أبو حطب، أن الكيان أعلن بالتزامن مع قرار نقل الحاجز عن مصادرة 10 دونمات من أراضي عين شبلي، وشرعت الجرافات بتسويتها تمهيداً لإقامة الحاجز عند مدخل القرية.

وأفاد بأن هذا النقل سيؤدي إلى انتقال الازدحام المروري إلى الموقع الجديد، ما سيؤثر على دخول وخروج المواطنين من القرية.

وأوضح أن معبر الحمرا يفتح حالياً لساعات محدودة ثم يُغلق حتى اليوم التالي، وأن الجنود الصهاينة عادةً ما يفتحون الممر المخصص للسيارات الخارجة من الأغوار بين الحين والآخر لتخفيف الازدحام الذي يؤثر على حركة المستوطنين وقوات العدو.

وأشار أبو حطب إلى أنه بعد انتقال الحاجز وابتعاده عن طرق المستوطنين، فلن يكون هناك حاجة لفتح هذا الممر، ما سيؤدي إلى تأخير المركبات الفلسطينية بالاتجاهين.

وقال إن الهدف من هذه الخطوة هو عرقلة وصول المزارعين إلى مزارعهم في الأغوار، لدفعهم إلى ترك الزراعة، لتصبح الأراضي عرضة للتصحر وتفريغ المنطقة من سكانها.

محمد أبو رضوان، مزارع من الأغوار، لا ينسى سنوات الانتفاضة الثانية حين أغلق العدو الإسرائيلي المنطقة بالكامل، قائلاً: 'كان حاجز الحمرا يفصل بين الناس وأعمالهم، لا يُسمح بالمرور إلا لسكان الأغوار. واليوم يبدو أنهم يعيدون المشهد نفسه'.

أما أبو ثابت من قرية بيت دجن، فيتحدث بقلق عن نوايا الكيان: 'نخشى أن يتحول الحاجز إلى معبر حدودي يمنع أي فلسطيني من الدخول إلى الأغوار إلا بتصريح. هذا يعني تدمير الزراعة والتجارة والعلاقات الاجتماعية'.

ويشير المزارعون إلى أن الحواجز 'الإسرائيلية' ليست مجرد نقاط تفتيش، بل أدوات لفرض السيطرة على الأرض، عبر خنق الزراعة وتقييد الحركة وتشجيع النزوح القسري، ومع توسع المستوطنات والبؤر الاستيطانية، تصبح الأغوار محاصرة من كل الجهات، ويُراد لها أن تُفرغ من سكانها تدريجيًا.

يقول أبو حطب بأسى: 'ما يجري ليس مجرد نقل حاجز، بل رسم لحدود جديدة في الضفة. الكيان يسعى لتحويل الأغوار إلى منطقة مغلقة بوجه الفلسطينيين ومفتوحة فقط أمام المستوطنين'.

وبينما تستمر الجرافات الإسرائيلية في العمل، يتمسك المزارعون بأرضهم رغم الخطر، يحرثون ما تبقى من التربة ويزرعون الأمل بأن تُكسر هذه القيود يومًا ما، لتبقى الأغوار نابضة بالحياة لا بالجدران والأسلاك الشائكة.

إكــس