اخبار اليمن
موقع كل يوم -الثورة نت
نشر بتاريخ: ١٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
تعيش مدينة عدن، التي تخضع لسيطرة الاحتلال ومليشياته المسلحة، حالة متفاقمة من الانفلات الأمني وتدهور الأوضاع الحقوقية، ما حولها إلى بؤرة للجريمة المنظمة والاغتيالات التي لا تجد طريقها إلى العدالة، والتي تشكلت بفعل تداخل الأوضاع في المدينة وتشابك خيوطها بين الصراع السياسي المتصاعد مع الأداء الأمني المنفلت، لتفاقم المعاناة وتزيد من مخاوف المواطنين المنكوبين بالصراع والخدمات المتردية:
الثورة/ مصطفى المنتصر
وبحسب تقارير محلية، فإن استمرار مسلسل القتل المروع الذي تجاوز سياق الاغتيالات السياسية، ناجم عن انهيار المنظومة الأمنية التي أوجدها المحتل وعزز إمكانياتها على حساب معاناة المواطن ومفاقمة معاناته، فالحادثة الأخيرة في كريتر، بتاريخ 8 أكتوبر 2025م، التي انتهت بمقتل شاب على أيدي أحد أفراد مليشيات الانتقالي رميا بالرصاص في تجمع عام على خلفية خلاف شخصي، تعكس مدى حالة الفوضى والجريمة التي وصلت إليها هذه المدينة المسالمة.
وهذا الانفلات يتوازى مع تحذيرات سابقة حتى من داخل أجهزة المليشيات الأمنية، حيث كشفت تصريحات منسوبة لما يسمى مدير أمن عدن في وقت سابق، عن وجود تحديات خطيرة داخل المنظومة الأمنية، متهما مليشيات مسلحة تابعة لـ 'الانتقالي' بعدم التركيز على تحقيق الأمن والانشغال بقضايا ثانوية من أجل تحقيق مكاسب فئوية وفردية، وأن الفشل الأمني ونزيف الدم أصبحت أسبابهما أكثر وضوحا على لسان مسؤولين بارزين في حكومة المرتزقة .
الاغتيالات.. استهداف ممنهج بسجل 'ضد مجهول'
تمثل موجة الاغتيالات المستمرة في عدن منذ احتلالها في 2015م تحديا أمنيا وحقوقيا كبيرا، وهي الأداة الأكثر دموية في الصراعات الخفية، حيث رصد تقرير حديث لإحدى الشبكات الحقوقية 156 عملية اغتيال خلال عقد من سيطرة الاحتلال السعودي الإماراتي، استهدفت رموزا دينية وعسكرية ومدنية بارزة، كان آخرها اغتيال الشيخ القبلي مهدي العقربي في سبتمبر 2025م.
فيما تشير تقارير حقوقية أخرى، إلى أن عدد ضحايا الاغتيالات قد بلغ 200 حالة منذ 2015م، وجميعها قيدت 'ضد مجهول'، وتتهم منظمات حقوقية، ميليشيات الانتقالي التابعة للإمارات بالوقوف وراء العديد من تلك العمليات التي طالت أئمة وخطباء مساجد وضباطا ومقاتلين في صفوف الاحتلال وعدد من القضاة، مطالبة بفتح تحقيق دولي لكشف المتورطين.
قمع الحريات وتدهور الأوضاع الحقوقية
إضافة إلى الفوضى الأمنية والاغتيالات، تتصاعد اتهامات لمليشيات الانتقالي بالتضييق على الحريات العامة ويشمل ذلك اعتقال الصحفيين وقمع الأصوات المعارضة، على غرار حادثة اعتقال رئيس تحرير صحيفة 'عدن الغد'، فتحي بالأزرق، في أواخر سبتمبر 2025م، على خلفية تقاريره عن الجبايات غير القانونية والفوضى.
كما وثقت تقارير لمنظمات حقوقية، مثل منظمة 'صحفيات بلا قيود'، انتهاكات متكررة وجسيمة بحق النازحين في مخيمات عدن، شملت الاعتقالات التعسفية والاعتداءات والتهديد بالإعادة القسرية، نفذتها مليشيات أمنية تابعة للانتقالي' في ديسمبر 2024م، ما يدل على اتساع نطاق الممارسات التعسفية ليشمل الفئات الأكثر ضعفا والأشد فقرا، في جريمة وصفها حقوقيون بالجبانة وغير مبررة.
وفي ظل هذا التدهور المزمن والانفلات المتصاعد، تبدو مدينة عدن وكأنها تدفع ثمن الصراع على النفوذ، حيث تتحول الفوضى الأمنية إلى غطاء يشرعن الجرائم، ووسيلة يستقوي فيها القوي على الضعيف، كما حدث في أكثر من حادثة وسابقة جنائية، قام فيها مسلحون تابعون لمليشيات الاحتلال، بقتل وإخفاء مواطنين على خلفية خلافات فردية لا تستحق الذكر، ومع ذلك يستمر مسلسل تجاهل النداءات المحلية والدولية المطالبة بإنفاذ القانون ومحاسبة الجناة.
الإخفاء القسري فصل اخر من الوحشية
كما عمد الاحتلال ومليشياته الإجرامية إلى تحويل مدينة عدن، الخاضعة لسيطرته إلى 'مقبرة للأحياء'، حيث لم يعد الانفلات الأمني مقتصرا على جرائم القتل والاغتيالات العادية، بل توسع ليطال منهجية الإخفاء القسري كأداة قمع وترهيب، طالت عدداً كبيرا من المعارضين والمدنيين وشخصيات قبلية وعسكرية بارزة عكست حالة الوحشية المفرطة والإجرام المتزايد التي تعيشها المحافظات المحتلة وتسلط الضوء على عمق الفشل الأمني وغياب سيادة القانون.
وتؤكد التقارير الحقوقية المحلية والدولية أن الإخفاء القسري في عدن تصاعد بشكل كبير منذ عام 2016م، بالتوازي مع سيطرة مليشيات المجلس الانتقالي وانتشار السجون السرية التي ابتلعت مصير العشرات من المعارضين والمدنيين وغيبتهم في جوفها دون معرفة أي مصير أو تفاصيل عن المئات منهم .
ووثقت منظمة 'مواطنة لحقوق الإنسان' في تقريرها الأخير (مصائر معلقة) ما لا يقل عن 387 واقعة اختفاء قسري، طالت 630 ضحية تتحمل مسؤوليتها مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي منذ أواخر عام 2014م حتى يوليو 2025م، وهذه الأرقام، التي تخص طرفا واحدا في فصائل ومليشيات الاحتلال المتعددة، تعكس الكارثة المأساوية لهذه الجريمة المرتكبة بشكل منهجي في المدينة والمناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال السعودي الإماراتي.
وبحسب منظمات دولية، نكتفي بما أشارت اليه منظمة هيومن رايتس ووتش (في تقريرها عام 2024م) إلى أن القوات المدعومة من الإمارات، وتحديدا 'المجلس الانتقالي'، تواصل الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري للأفراد، وتدير ما لا يقل عن مركزي احتجاز غير رسميين، يمارس فيها أقسى وسائل التعذيب والوحشية داخل هذه السجون، مما أدى في بعض الحالات إلى الموت خارج إطار القانون أبرزها قضية المقدم علي عشال .
