اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١١ تشرين الأول ٢٠٢٥
وسط تصاعد التوترات الدولية والتنافس الحاد مع الولايات المتحدة والصين، يتعيّن على أوروبا الاستثمار بشكل مكثف في مجال الفضاء الذي يعدّ حيويا لأمنها، من أجل التعويض عن تراجعها 'المقلق'، على ما يؤكد المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية يوزيف أشباخر في مقابلة مع وكالة فرانس برس.
الإسراع في تطوير الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام، وإطلاق كوكبة الأقمار الاصطناعية الأوروبية 'ايريس 2' لسد الفجوة التي خلفها التأخر عن شركتي 'سبايس إكس' و'ستارلينك' المملوكتين لإيلون ماسك، والاستعداد لاحتمال تراجع دور وكالة الفضاء الأميركية 'ناسا'، إلى جانب التحضير لأول رحلة فضائية مأهولة أوروبية... كل هذه المسائل تمثل لحظة حاسمة لقطاع الفضاء الأوروبي، الذي يتعيّن على الفاعلين فيه اتخاذ قرارات مهمة بشأن الميزانيات والأولويات خلال اجتماع استراتيجي يُعقد في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر في مدينة بريمن الألمانية.
س - ماذا تتوقع من المجلس الوزاري لوكالة الفضاء الأوروبية؟
ج - أولا، نحتاج إلى التزام مالي قوي من كل الدول. هذه فرصة فريدة للارتقاء بأوروبا إلى مستوى أعلى في مجال الفضاء.
تُمثل أوروبا مجتمعة نحو 10% فقط من اقتصاد الفضاء العالمي لناحية التمويل العام. وتبلغ حصة الولايات المتحدة 60%، والصين 15%، بينما حصة أوروبا البالغة 10% آخذة في التقلص.
هذا يُقلقني لأنني أعلم أن لدينا قدرات ممتازة، ولكن، هناك خطر كبير جدا من مغادرة أفضل الكفاءات والشركات أوروبا. سيتجهون إلى سيليكون فاليه في الولايات المتحدة، أو الإمارات العربية المتحدة، أو اليابان. هذا أمر بالغ الخطورة.
يشهد قطاع الفضاء ككل نموا هائلا، بمعدل 10% سنويا تقريبا. يُستخدم الفضاء في مختلف المجالات، من الزراعة إلى التنبؤات الجوية، وصولا إلى الدفاع والأمن. لقد أصبح أداة استراتيجية مهمة، وهذا ما يعترف به صانعو القرار السياسي لدينا.
س - بعد إطلاق 'أريان 6'، كيف يمكن لأوروبا الحفاظ على قدرتها التنافسية في مواجهة الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام التابعة لإيلون ماسك؟
ج - بالتزامن مع إطلاق 'أريان 6' (...)، قررنا أيضا إحداث نقلة نوعية.
لدينا حاليا خمس شركات تتنافس في مختلف أنحاء أوروبا على منصة إطلاق جديدة (...). وللتنافس، يجب أن تكون هذه المنصات قابلة لإعادة الاستخدام.
علينا تدارك الوضع الحالي، حيث نرى وجود فاعل مهيمن هو 'سبايس إكس'، وعلينا دخول السوق بصاروخ قابل لإعادة الاستخدام في وقت قريب نسبيا. نحن نسير على الطريق الصحيح.
س - هل سيكون 'إيريس 2' مختلفا عن 'ستارلينك'؟
ج - ليس أمامنا خيار سوى أن نصبح أكثر استقلالية.
يختلف 'إيريس 2' اختلافا كبيرا عن 'ستارلينك' الذي يضم حاليا نحو 8 آلاف قمر اصطناعي في مداره. سيكون لدى 'إيريس 2' عدد أقل بكثير، لكننا لسنا بحاجة إلى هذا العدد. نحتاج إلى اتصالات آمنة. وهكذا سنحقق قفزة نوعية في مجال التكنولوجيا. وهنا تكمن قوة أوروبا الفعلية.
مع برنامجي 'كوبرنيكوس' لرصد الأرض و'غاليليو' للملاحة، عوّضنا فجوة امتدت من 10 إلى 15 عاما مقارنة بنظام 'جي بي اس' الأميركي أو 'لاندسات' في مجال رصد الأرض. واليوم، يُعدّ هذان البرنامجان الأوروبيان الأفضل في العالم.
س - ما هي تبعات الغموض المحيط بميزانية وكالة ناسا على مشاريعكم المشتركة؟
ج - إذا تم اعتماد المقترحات (التي قدمتها إدارة ترامب)، فسيكون هناك تأثير على بعض أنشطتنا. التأثير الأكبر سيكون على مهام الاستكشاف، مثل استخدام محطة الفضاء الدولية والبرامج المتعلقة بالقمر والمريخ. مهما كان هذا القرار، فنحن مستعدون للمضي قدما.
س - هل تعتزم وكالة الفضاء الأوروبية إنهاء بعض برامجها؟
ج - من المرجح أن تتأثر 19 مهمة. نعتقد أن 16 منها لن تتأثر بشكل كبير. أما بالنسبة للمشاريع الأخرى (تلسكوب نيوأثينا الفضائي، وكاشف موجات الجاذبية ليزا، ومهمة إنفيجن إلى الزهرة)، من الواضح أنه في حال إلغاء مشاركتهم، فسنتمكن من مواصلة هذه المشاريع باستخدام تقنياتنا الخاصة، ومن خلال إيجاد الموارد اللازمة داخل أوروبا أو خارجها.
س - هل يُجبركم هذا الوضع على مراجعة سياسة شراكتكم؟
ج - لقد وقّعنا اتفاقية جديدة مع وكالة الفضاء اليابانية. ونرغب في تعزيز علاقاتنا مع جهات أخرى، مثل منظمة أبحاث الفضاء الهندية (ISRO) ونعمل بشكل وثيق مع كوريا الجنوبية، كما أن الوكالة الأسترالية مُكلفة بالتفاوض على إطار شراكة جديد.
س - هل يجب على أوروبا تطوير رحلات فضائية مأهولة؟
ج - لم نتخذ قرارا بعد، لكن لدينا بعض العناصر قيد الدراسة. أحدها يتعلق بشحنات مدارية منخفضة، وهي مركبة يمكنها توصيل المعدات إلى محطة الفضاء وإعادتها إلى الأرض. على أوروبا أن تفكر بشكل أوسع في استقلاليتها الفضائية. ستكون رحلات الفضاء المأهولة أحد هذه العناصر. إنه قرار سياسي.
س - هل يتقدّم باحثون أميركيون بطلبات إلى وكالة الفضاء الأوروبية؟
ج - نعم، نتلقى اهتماما متزايدا. المعيار الأول هو أننا نبحث عن أفضل المواهب. عدد كبير من هؤلاء الزملاء يحملون جنسيتين أميركية وأوروبية، مما يؤهلهم للتقدّم.
س - هل لوكالة الفضاء الأوروبية دور في الدفاع عن العلم؟
ج - بالتأكيد. لدينا أرقام تُظهر مثلا مدى التغير الذي شهده كوكبنا منذ سبعينات القرن الماضي: مستويات التلوث، ومعدّل الأنهر الجليدية، والاحترار المناخي... بعد ذلك، يمكن للناس أن يغضوا الطرف أو يواجهوا الواقع ويتخذوا قرارات.