اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٢٢ أيلول ٢٠٢٥
واشنطن- في تقرير نشره موقع 'موندويس' الأميركي، أوضح الكاتب بنيامين أشرف كيف تحوّلت غزة إلى ساحة تُجسّد فيها عقيدة الحرب الدائمة والإسلاموفوبيا المتجذّرة في الإمبراطورية الأميركية، مشيرًا إلى أن جماعة 'إنفِدِلز إم سي'، وهي عصابة دراجات نارية تحوّلت إلى مليشيا، باتت تدير نقاط تفتيش تحت غطاء 'المساعدات الإنسانية'.
وأشار الكاتب إلى أن خطوط 'المساعدات' في غزة تحوّلت إلى مشاهد دموية؛ حيث يظهر متعاقدون أميركيون بوشوم صليبية وكلمة 'كافر' على أجسادهم، ويتحرّكون بتشكيلات عسكرية كأنهم في حملة صليبية جديدة.
وأوضح الكاتب أن هؤلاء ينتمون إلى جماعة تُدعى 'إنفِدِلز إم سي' أو 'الكفار إم سي'، وهي عصابة دراجات نارية تحوّلت إلى مليشيا، تضم قدامى محاربين من العراق، وتدير نقاط تفتيش تابعة لما يُسمى 'مؤسسة غزة الإنسانية'، حيث يُقتل يوميًا ما معدله 22 فلسطينيًا.
واعتبر الكاتب أن وجود هذه الجماعة ليس حالة شاذة؛ بل نتيجة حتمية لعقيدة 'الحرب على الإرهاب'، التي جرى ترسيخها عبر الأدبيات العسكرية والمنابر الدينية، وتُطبّق على المدنيين.
وقال الكاتب إن 'إنفِدِلز إم سي' تمثل امتدادًا مباشرًا لشركة 'بلاك ووتر' التي ارتكبت مجزرة ساحة النسور في بغداد عام 2007، وأن قائد الجماعة جوني تاز مولفورد، يحمل وشمًا برقم '1095'؛ في إشارة إلى عام انطلاق الحروب الصليبية.
وأضاف الكاتب أن ما كان يُنظر إليه قبل 18 عامًا كاستثناء، بات اليوم فصلًا جديدًا في سردية 'صدام الحضارات'، التي تغلغلت في قلب واشنطن؛ حيث يشغل بيت هيغسيث، المحارب السابق في حرب العراق ومقدم البرامج في 'فوكس نيوز'، منصب وزير الدفاع، ويحمل هو الآخر وشم 'كافر' على جسده.
الإسلاموفوبيا هي المخطط
وأفاد الكاتب أن تجاهل هذه الأفكار باعتبارها مجرد نتاج لقنوات مثل 'فوكس نيوز' أو تيار 'اجعلوا أميركا عظيمة مجددًا' 'ماغا'، أو اعتبارها نظريات مؤامرة، يُعد خطأً في التقدير، فالإسلاموفوبيا ليست ظاهرة هامشية، بل جزء مؤسسي راسخ في بنية الإمبراطورية الأميركية، تتجاوز الانتماءات الحزبية بين الجمهوريين والديمقراطيين.
وذكر الكاتب أنه في عام 2011، وخلال فترة تولّي روبرت مولر قيادة مكتب التحقيقات الفدرالي، والذي أصبح لاحقًا شخصية بارزة في التحقيقات ضد الرئيس دونالد ترامب، وزّع المكتب شرائح تدريبية تصف المسلمين المعتدلين بأنهم متعاطفون مع الإرهاب، وتصف النبي محمد بأنه 'زعيم طائفة'، وتربط بين التدين الإسلامي واحتمالية العنف.
وقال الكاتب إن هذه الشرائح لا تمثّل مجرد أثر من مرحلة ما بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول، بل تُعد مخططًا مسرّبًا يكشف كيف تواصل الإمبراطورية الأميركية العمل. فافتراض أن المسلم موضع شبهة، وأن التدين مرض، لا يزال جزءًا من السياسات الرسمية، كما يظهر في سياسات حظر السفر التي تبناها ترامب.
وأشار الكاتب إلى أن ردود فعل المجتمع المدني المسلم، رغم إنهاكها، تتكرر بنفس النمط. فدليل مكتب التحقيقات الفدرالي وجماعة 'إنفِدِلز إم سي'، رغم الفارق الزمني بينهما، يعكسان بنية واحدة، ويثيران ردودًا متطابقة من منظمات مختلفة، تستخدم نفس التشبيهات للتحذير من الخطر.
وتابع الكاتب أنه عند تسريب دليل مكتب التحقيقات الفدرالي عام 2011، قال عابد أيوب من اللجنة الأميركية العربية لمناهضة التمييز إن الأمر 'يشبه تكليف جماعة كو كلوكس كلان بتدريب عناصر على الحساسية العرقية'.
وفي تقرير الـ'بي بي سي' الأخير حول جماعة 'إنفِدِلز إم سي'، قالت منظمة 'كير' إن 'تكليف هذه الجماعة بتوزيع المساعدات في غزة يشبه تكليف الكو كلوكس كلان بتوزيع المساعدات في السودان'.
واعتبر الكاتب أن هذا التشابه ليس مصادفة، بل يعكس بنية واحدة أُزيح عنها الستار عام 2011، وأُعيد إنتاجها اليوم في غزة، لتُقابل بنفس الرد تقريبًا، حرفيًا ومضمونًا.
لاهوت يوم القيامة والحرب الدائمة
وأشار الكاتب إلى أن هذا الترابط – من المرتزقة في غزة إلى أدبيات مكتب التحقيقات الفدرالي، لم ينشأ بين ليلة وضحاها، بل يستند إلى عقيدة دينية متجذّرة؛ فلفهم كيف تُصاغ السياسات الأميركية تجاه المسلمين، لا بد من النظر في لاهوت يوم القيامة الذي تتبناه الصهيونية المسيحية.
وذكر الكاتب أن أكثر من 30 مليون صهيوني مسيحي في الولايات المتحدة لا يرون في إسرائيل مجرد حليف، بل يعتبرونها مسرحًا لنهاية الزمان: السيادة اليهودية على القدس، وإعادة بناء الهيكل، وعودة المسيح. ويؤمن نحو 80% من الإنجيليين البيض بأن يد الله في إسرائيل تُسرّع نهاية العالم، بل إن عددًا أكبر من المسيحيين الصهاينة يؤمنون بأن الله منح اليهود أرض إسرائيل أكثر من اليهود الأميركيين أنفسهم.
لذلك؛ فالإسلام ليس مجرد دين باطل، بل العدو اللدود لشعب الله المختار، وعقبة أمام تحقق النبوءة، بينما ينظر للمسجد الأقصى كالعائق الأخير، والفلسطينيين كالقوة الأخيرة التي تعيق عودة المسيح.
وأوضح الكاتب أن الصهيونية المسيحية لم تبقَ حبيسة الكنائس، بل وصلت إلى مواقع القرار، فالسفير الأميركي لدى إسرائيل هو مايك هاكابي، الذي شبّه الصلاة الإسلامية بالإباحية، واعتبر الإسلام نقيضًا للإنجيل. وفي عام 2007، وخلال جولة لمجلة واير في مقر شركة بلاك ووتر، كان مؤسسها إريك برينس يبني كنيسة خاصة داخل المجمع، مزوّدة بقسيس دائم.
وقال الكاتب إن كنيسة برينس ومسيرة هاكابي تستندان إلى إرث شخصيات مثل القس جون هاغي، الذي يصفه هاكابي بأنه 'صوت نبوي'. ويعكس كتاب هاغي الأكثر مبيعًا 'العد التنازلي للقدس' نفس منطق أدبيات مكتب التحقيقات الفدرالي؛ إذ يصوّر الإسلام كعبادة موت، في حين يرقد المسيحيون في غزة تحت الأنقاض.
وأضاف أن الرؤية الأميركية للأمن لم تكن يومًا مرادفة للاستقرار، بل تجسيدًا لفكرة الحرب الدائمة. فبتمويل من القنابل الأميركية، وتنفيذ من دولة يُنظر إليها كأداة نبوئية، تنهار منظومة 'النظام الليبرالي' في أنقاض غزة.
واختتم الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن جماعة 'إنفِدِلز إم سي' تكشف ما حاولت واشنطن إخفاءه: أن نبض الإسلاموفوبيا هو ما يرسّخ الإمبراطورية الأميركية. وكما هي العادة في الثقافة الأميركية، حتى الإبادة الجماعية تتحوّل إلى سلعة، إذ تروّج الجماعة لشعار ساخر 'ركوب الأمواج نهارًا، صواريخ ليلًا، وشوم وإصابات دماغية: صيف غزة 2025'.