اخبار اليمن
موقع كل يوم -الأمناء نت
نشر بتاريخ: ٢٠ تموز ٢٠٢٥
صدر مؤخراً تعميم من مكتب نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، عبدالرحمن صالح المحرّمي، يهدف إلى ضبط مقطورات (الوقود) والغاز غير المرخصة ومنع تسرب المشتقات إلى السوق السوداء.
مبادرة تبدو في ظاهرها إيجابية وضرورية لمكافحة التهريب، لاسيما بعد حادثة إيقاف مقطورات الغاز والتي كانت في طريقها إلى مناطق سيطرة الحوثيين، بينما تعاني المناطق المحررة من شح في هذه المادة الحيوية.
لكن، وبالتدقيق في هذا التعميم الأخير الذي تناولته وسائل الإعلام، والذي أدخل فيه قاطرات الوقود دون استشارة المتخصصين في شركة النفط اليمنية، تظهر ثغرة خطيرة قد تنسف الأهداف النبيلة للتعميم وتشرعن التهريب بدلاً من مكافحته.
إن سماح التعميم بمرور قاطرات الوقود المصرح لها من مأرب والدخول إلى (عدن، لحج، أبين، والضالع) وهنا تكمن المشكلة الكبرى، لماذا؟ لأن تلك المحافظات هي النطاق الجغرافي التسويقي الحصري لشركة النفط اليمنية فرع عدن، فكيف يتم السماح لقاطرات تحمل تصريحاً من مصفاة صافر بمأرب بالدخول إلى هذا النطاق دون تنسيق أو إذن من الجهة المعنية؟
والمفارقة هنا أن مصفاة صافر، وهي منشأة حكومية، مهمتها الأساسية تكرير الوقود الخام وليس البيع المباشر للمشتقات النفطية، وفي المقابل، تم إيقاف 'مساكب مصفاة عدن' بحجة مخالفتها لمهامها في التكرير وتدخلها في مهام شركة النفط التسويقية، بينما يُغض الطرف عن مصفاة صافر التي تقوم ببيع الوقود مباشرة، وبصورة غير قانونية وبالريال السعودي لكل من طلب، بهدف الكسب والربح، دون أي اعتبار لحق شركة حكومية وجميعهن تخضعان لوزراة النفط والمعادن، أو مراعاة لما سيلحق بها من أذىً وركود جراء هذا الجشع والتدخل السافر المسكوت عنه!
ومن البديهي أن أي تاجر يتوجه إلى صافر سيحصل على 'قسيمة رسمية' من مصفاة صافر ، وهذا يفتح الباب على مصراعيه لـ'شرعنة التهريب'.
فبدلاً من أن يكون الوقود المهرب غير قانوني، سيتمكن المهربون من إدخال قاطراتهم على أنها قانونية بحجة أنها مصرحة من مصفاة صافر، متجاوزين بذلك شركة النفط اليمنية التي يجب أن تكون الجهة الوحيدة المخولة بتحديد الكميات وتصريح دخول الوقود إلى فروعها في المحافظات المحررة.
دعوة للتصحيح لإنقاذ سوق الوقود وحماية إيرادات الدولة
إن هذا الأمر خطير للغاية وينبغي تداركه على الفور، لكي يحقق التعميم أهدافه النبيلة ويخدم الصالح العام، ويجب أن يتم تصحيحه ليمنع دخول الوقود المهرب بشكل قاطع.
لذا نُقترح أن يتم تعديل الفقرة الخاصة بالوقود لتكون بالصياغة القانونية التالية:
'يُمنع دخول قواطر الوقود المُحمّلة من مأرب ما لم تكن مُصرّحة من قبل شركة النفط اليمنية (فرع عدن)، وعلى كافة النقاط الأمنية والإشرافية الإبلاغ الفوري عن تلك القاطرات إلى مكتب عمليات وعلاقات شركة النفط اليمنية (فرع عدن) واللجنة الخاصة المُشكلة لمكافحة تهريب الوقود في الشركة، لكونها الجهة المعنية بالحفاظ على نطاقها الجغرافي التسويقي في كل من(عدن، لحج، أبين، الضالع).'
إن تطبيق هذا التعديل سيضمن تنظيم سوق المشتقات النفطية، ويحد من التهريب، ويحافظ على إيرادات الدولة، ويسهم في استقرار أسعار الوقود للمواطنين في المناطق المحررة.
إنه نداء عاجل لتدارك ثغرة قد تُكلف الاقتصاد الوطني الكثير، وتحرف المسار القانوني لضبط التهريب ليصبح وسيلة لشرعنته.