اخبار اليمن
موقع كل يوم -المهرية نت
نشر بتاريخ: ٣١ تموز ٢٠٢٥
يثير التحسن المفاجئ والملحوظ في سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية تساؤلات واسعة في الأوساط الاقتصادية والمصرفية وحتى في صفوف المواطنين العاديين، خصوصًا في ظل تراجع سريع للعملات الأجنبية خلال فترة زمنية قصيرة.
فصباح اليوم الخميس، سجل سعر صرف الريال السعودي نحو 610 ريالات يمنية، بينما بلغ سعر الدولار الأمريكي 2321 ريالًا بحسب مصادر مصرفية للمهرية نت.
يأتي ذلك بعد أن كان قد اقترب الدولار من 2900 ريال مطلع الأسبوع، وتجاوز الريال السعودي 770 ريالًا في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة المعترف بها دوليا.
ويأتي هذا التغير بعد سلسلة من الإجراءات التنظيمية والرقابية اتخذها البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، أبرزها إغلاق ووقف تراخيص 30 شركة ومنشأة صرافة.
تحديد سقف سعر العملات
وفي إطار الجهود لضبط السوق، أصدر البنك المركزي اليمني، مساء الأربعاء، تعميمًا جديدًا إلى كافة شركات ومنشآت الصرافة، تضمّن تحديد سقف سعري محدد لبيع وشراء العملات.
وحدد البنك الحد الأعلى لسعر شراء الريال السعودي بـ635 ريالًا، والبيع بـ638 ريالًا، مع السماح بالتداول بأسعار أقل، مؤكدًا أن أي تجاوز لهذه الحدود سيقابل بإجراءات صارمة قد تصل إلى سحب التراخيص.
وأشار البنك إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن مساعيه لتحقيق استقرار نسبي في سوق الصرف، والحد من المضاربة والانفلات الحاصل في القطاع المصرفي.
المركزي يعلن أسباب التحسن
محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، أوضح في إحاطة قدمها لمجلس الوزراء أن التحسن الأخير في قيمة الريال يعود إلى جملة من الخطوات الإصلاحية، من أبرزها استكمال عملية نقل المنظومة المصرفية إلى عدن، وتفعيل الرقابة على السوق، وإيقاف العشرات من شركات الصرافة المخالفة، وتفعيل لجنة تمويل وتنظيم الاستيراد.
كما كشف عن قرب إطلاق الشبكة المالية الموحدة بنسختها الجديدة بإشراف البنوك اليمنية، إلى جانب إدخال أنظمة دفع حديثة من شأنها رفع كفاءة الإدارة والرقابة المصرفية.
وأكد المحافظ أن هذه التحركات تأتي في سياق خطة شاملة لضبط السوق ومواجهة الاختلالات العميقة التي أثرت سلبًا على استقرار العملة المحلية.
أسباب الانهيار ما زالت قائمة
يرى مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، أن ما شهدته السوق من تقلبات حادة في سعر الصرف خلال الأيام الماضية، سواء من حيث الانهيار المفاجئ أو التحسن السريع، لا يمكن اعتباره طبيعيًا، بل يعكس هشاشة بنيوية في السوق النقدية وغياب الاستقرار الحقيقي.
وأضاف نصر أن فوضى سوق الصرافة والمضاربة لعبت دورًا رئيسيًا في تعميق الأزمة، ولذلك فإن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي مؤخرًا في عدن، مثل تفعيل لجنة المشتريات وتشديد الرقابة على شركات الصرافة، كان لها أثر إيجابي وملموس، لكنها لا تكفي وحدها، ويجب أن تستمر وتتوسع لمواجهة السوق الموازية التي ما تزال تمارس نشاطها بحرية.
كما أكد أن جذور الأزمة لا تزال قائمة، أبرزها غياب الموارد من العملة الصعبة نتيجة توقف تصدير النفط، فضلًا عن السياسات النقدية الخاطئة خلال الفترات السابقة.
ويرى أن دعم البنك المركزي اليمني وتوفير الغطاء السياسي له أمر بالغ الأهمية، وأن على مؤسسات الدولة التوقف عن لعب دور المتفرج، والعمل على استعادة الموارد وتحقيق الحد الأدنى من الاستدامة المالية، لأن استمرار تدهور الريال ينعكس على كل مواطن، باستثناء أولئك الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار.
ولفت إلى أن أي تحسن في سعر العملة يمثل بارقة أمل، لكنه لن يكون مستدامًا إلا إذا ترافق مع إصلاحات حقيقية في بنية الاقتصاد والسياسة معًا، لأن استمرار حالة عدم اليقين والانقسام داخل مكونات الشرعية يعرقل أي مسار إصلاحي جاد، والإصلاح السياسي ينبغي أن يسبق أو يتزامن مع الإصلاح الاقتصادي حتى تتحقق النتائج المطلوبة.
لا أدوات نقدية وراء التحسن
من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي وفيق صالح أن التحسن الأخير في قيمة الريال اليمني لا يرتبط بأي أدوات مالية أو نقدية حقيقية، وإنما هو نتيجة مباشرة لإجراءات البنك المركزي التي هدفت إلى كبح جماح المضاربة والتلاعب بسعر العملة.
وأوضح أن البنك المركزي أدرك مؤخرًا أن ترك سعر الصرف خاضعًا كليًا لقوى السوق وآلية العرض والطلب أتاح للمضاربين فرصة التحكم بالسوق، وأدى إلى تغول السوق السوداء على النشاط المصرفي الرسمي.
وأشار إلى أن البنك تحوّل في الوقت الراهن إلى تطبيق سياسات رقابية صارمة، تركز على تتبع حركة الأموال وضبط عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية، وهي إجراءات ملائمة بالنظر إلى طبيعة المرحلة، لكنه شدد على أن المسألة تتجاوز الجانب الفني، وتكمن في مدى قدرة البنك على امتلاك القرار والإرادة، ومواصلة ضبط السوق بفاعلية، لأن الأسواق المالية تتأثر بشكل مباشر بأي تراجع في الرقابة أو عودة للممارسات السابقة.
وأضاف أن الارتفاع السابق للعملات الأجنبية لم يكن طبيعيًا ولم يرتبط بعوامل حقيقية في السوق، وكذلك الحال بالنسبة للتحسن الحالي الذي يجب أن يُعزَّز باستمرار هذه السياسات الصارمة، وعدم منح المضاربين فرصة للعودة إلى الواجهة من جديد.