اخبار اليمن
موقع كل يوم -المهرية نت
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تشهد محافظة حضرموت، أكبر محافظات اليمن مساحة وواحدة من أهم مناطق الإنتاج النفطي، حالة حادة من الاستقطاب بين حلف قبائل حضرموت بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش، الذي نشر خلال الأسابيع الماضية مئات المسلحين في مخيمات اعتصام ونقاط تفتيش قرب حقول النفط في الهضبة، مطالباً بتمكين أبناء المحافظة من ثرواتها وسلطتها، وبين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، الساعي لتوسيع نفوذه نحو وادي وصحراء حضرموت.
ومع استمرار التحشيد العسكري واتساع الهوة بين الطرفين، يخشى مراقبون أن تشهد حضرموت مرحلة جديدة من التصعيد قد تعيد رسم خارطة النفوذ الأمني والسياسي في واحدة من أكثر المحافظات اليمنية حساسية.
والثلاثاء، كشفت مصادر محلية في محافظة أبين عن تحريك تعزيزات عسكرية ضخمة تابعة للمجلس الانتقالي باتجاه حضرموت، وسط أجواء توتر غير مسبوقة، حيث ضمت القوة نحو 300 مركبة بين باصات نقل جماعي وعربات عسكرية ومدرعات، وعبرت عدة نقاط أمنية في أبين بشكل متتابع ومنظم باتجاه الشرق.
ولم تتضح بعد الجهة التي أصدرت الأوامر أو طبيعة المهمة، إلا أن التحركات بدت وفق المصادر منظمة وكثيفة وتحمل رسالة واضحة بأن الانتقالي ماضٍ في فرض معادلة جديدة على الأرض.
لقاء قبلي كبير الخميس
في المقابل، أعلن حلف قبائل حضرموت عن دعوة موسعة لكافة مشايخ ومقادمة وأعيان المحافظة لحضور لقاء قبلي كبير الخميس المقبل في الهضبة لتدارس الموقف تجاه المستجدات التي تهدد أمن واستقرار المحافظة، وهو استنفار قبلي سيكون له بلا شك تأثير وتداعيات كبيرة على المشهد المحلي.
التحشيد العسكري، التهديدات المباشرة، والتحركات الميدانية المكثفة تشير إلى أن المحافظة قد تواجه مواجهة مفتوحة إذا لم تتدخل الأطراف العقلانية لإدارة الأزمة، ما يجعل استقرار شرق اليمن ككل على المحك، ويؤكد أن الحفاظ على السلم الاجتماعي والقبلي في حضرموت لم يعد خياراً بل ضرورة لتجنب انزلاق المنطقة نحو صراع واسع وعواقب غير محسوبة.
المهرة تستشعر الخطر
ومع تصاعد الأزمة، دخلت محافظة المهرة على خط الأحداث المجاورة، حيث أصدرت لجنة اعتصام أبناء المهرة السلمي بياناً عبّرت فيه عن قلقها البالغ إزاء التصعيد في حضرموت عقب التهديد الصريح الذي وجّهه قائد قوات الدعم الأمني التابع للانتقالي، أبو علي الحضرمي، ضد حلف قبائل حضرموت.
وأكد البيان أن التلويح بالحرب ضد مكون قبلي أصيل ومتجذر لا يمثل الشيخ عمرو بن حبريش وحده، بل يعكس إجماعاً قبلياً واجتماعياً واسعاً يضم كافة قبائل وشرائح حضرموت، مشيراً إلى أن أي محاولة لإشعال فتنة ستفتح أبواب صراع خطير لن يقتصر أثره على حضرموت فحسب، بل سيطال المحافظات الشرقية كافة، وفي مقدمتها المهرة.
وحملت لجنة الاعتصام الجهات الخارجية وأدواتها المحلية مسؤولية أي فوضى محتملة، مؤكدة تضامنها الكامل مع الحلف وقيادته ودعم حقهم في حماية كيانهم ووحدتهم، داعية العقلاء من قيادات حضرموت إلى إفشال أي محاولة لجر المحافظة إلى صراع وفوضى لا تحمد عقباها، مشددة على أن أمن حضرموت واستقرارها جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المهرة، وأن الحفاظ على السلم الاجتماعي مسؤولية مشتركة لا يجوز التفريط فيها.
جذور الأزمة
وتعود بدايات الأزمة إلى ظهور قائد قوات الدعم الأمني، أبو علي الحضرمي، في تسجيل مصور هاجم فيه القوات القبلية التي نصبت نقاط تفتيش في الهضبة، متهماً حلف قبائل حضرموت بتشكيل عصابات مسلحة وقطع الطرق وتهريب المخدرات، في تصعيد يشير إلى محاولة واضحة من الانتقالي لإعادة تشكيل ميزان القوة في حضرموت والتمدد نحو مناطق استراتيجية ظلت خارج نفوذه خلال السنوات الماضية.
وتوعد الحضرمي بـ'دحر' تلك القوات، مؤكداً أن ما سماها القوات الجنوبية عازمة على إنهاء الوضع غير السوي، وأن الجنوب العربي لن يقف مكتوف الأيدي أمام أي محاولة لفرض واقع جديد بقوة السلاح في المناطق الاستراتيجية بحضرموت.
ويأتي هذا التوتر في ظل تنافس مشروع المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى لتوسيع نفوذه في الجنوب والشرق على حدود ما قبل عام 1990، مقابل مشروع حلف قبائل حضرموت الذي يطالب بحكم ذاتي واسع للمحافظة وفق وثيقة أطلقها الحلف، تتضمن محددات تجعل حضرموت أقرب للاستقلال منه للحكم الذاتي.
وفي الوقت ذاته، تستمر قوات درع الوطن المدربة والممولة سعودياً في التمدد في محافظتي حضرموت والمهرة، ما يعكس تنافساً إقليمياً غير معلن على النفوذ في شرق اليمن الغني بالنفط والموانئ والمنافذ البرية.
ويرى محللون أن استمرار حالة التوتر المسموح بها تعمل على تأجيل الالتزام بإعادة الإعمار وإنهاء الحرب، وإحداث تغييرات جيوسياسية مرتبطة بالهواجس الأمنية والمطامح الاقتصادية للفاعلين الإقليميين، ما يجعل حضرموت على شفا صراع قد يعيد رسم مستقبل المحافظات الشرقية كافة ويهدد استقرارها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.













































