اخبار اليمن
موقع كل يوم -موقع حيروت الإخباري
نشر بتاريخ: ٢٠ أيلول ٢٠٢٥
—————————
# بقلم: عفراء خالد الحريري#
تعز صباحًا:
لم أتمكن من أبتلاع الخبر، لا وقت للعجب والدهشة والصدمة، المشهد حقيقي وواقعي جدًا، ليس كابوسًا ولا فيلم رعب، ولا حتى قدرًا رديئاً. الأعجب في الأمر، أنه ضمن هذا الجانب التراجيدي من المشهد، تبدو الصورة على الوجه الآخر، مغايرة تمامًا، أكثر تعقيدًا وأكثر سفالة، تبدو فيها تعز، بل كلُّ المناطق المحررة، كبلد لعوب يعاقر الخمر والسهر حتى الصباح، تتغاوى بضحكات وهمهمات وهمسات مغوية في أحد قصور الرياض، وتترنم بأكذوبة هزيلة الإخراج والمحتوى لايُذكر منها شيء، غير/ دراسة قرارات التعيينات/ وكأن هذه الدراسة وحدها التي ستغير وجه اللعوب. و دون نظرة عابرة لما حدث في جسدها، من خدوش وحروق وجروح وأورام من أغمص قدميها حتى شعر رأسها، من إمتداد البحر حتى سلسلة الجبال مرورًا بقحالة وجفاف الصحراء والسيول الصغيرة في وديانها، حتى أنك تكاد لاتجد لك مكانًا فيها. حكام اللعوب لم يجرأوا وعددهم ثمانية بأن يتداولوا أو حتى يتمتموا عن أسباب رائحة الموت التي نثرتها الجماعات والعصابات والمليشيات المسلحة على جسد البلد 'اللعوب' التي يتولون مسؤوليتها ويصِفون قوائم الأسماء التي يتصارعون على تعيناتها. وأمام أعينهم تمضي إفتهان وتقبع وحيدة ترقب من بعيد ما يحدث، متسولًة قليل من رائحة فرح زائف حملته ذات يوم، على أنها ستغير من معالم وجوه قبيحة حكمت المدينة والوطن.
ثم جاءت التصريحات و البيانات كتحذيرات صارمة، وتهديدات جدية، من رأس الثمانية ومن الكثير والكثير، على الرغم من أن الخوف والاستسلام زائرين مقيمين دائمين في بلادنا.
لا وقت لدي بأن أتسأل عن جدواها- أي التصريحات والبيانات- ، أو فعاليتها أو حقيقتها، أو حتى صعوبتها، فأنا وأنتِ وأنتَ اليوم أكثر من أي وقت مضى علينا أن نجري مع القطيع، لا يمكننا بعد الان أن نغرد خارج السرب، لنضمن لنا إقامة آمنه، في هذا الوطن المترنح بين عصابتين تحكمنا شمالًا وجنوبًا.
يتوجب علينا نحن اليمنيين اللذين واللواتي لانملك الرصاصة والمسدس والآلي ومضاد الطائرات والكلاشنكوف والمسيرات…إلخ ، أن لا نستنكر ولا نتجاوز الخطوط الحمر، يتحتم علينا أن نتذكر كما علمونا حكامنا سواءً كانوا ثمانية أو واحد، أن الطاعة عبادة، وأن علينا تقديم القرابين ودفع الثمن، للاستمرار في عيشتنا، لأن أستنكارنا خيانة، وغضبنا كفر. يريدون منا أن نعيش هنا فقط، وهم يحكمون ويعينون ، على الأ يعد أي أمر آخر يعني شيء لنا، لا يهم نوع الحياة، لا يهم إن كان جميلًا أو قبيحًا، لايهم إن كان طبيعيًا أو زائفًا، أن ننتقم لأفتهان أوللارض والعرض، أو للبؤس والشقاء والرواتب المنقطعة، …. وعلينافقط بقبول معايير الكرامة التي أنحدر ت إلى أدنى حد ولازامًا علينا أن نتذكر دائمًا، نظرية المؤامرة الأبدية علينا وعلى اليمن والغرب الكافر، والأهم تجديد الإيمان بهم، وإثبات القناعة بنظرية أنهم أجمل القضاء وأحلى قدر، ربما الأجدر بنا أيضًا
العيش في الإحتماء بهم، ربما نحتاج لكثير من المكر، والكثير الكثير من القهر، لممارسة سياسة الاختباء والتواري، ونتلهى بتأويل أحلامنا، لنتعكز عليها، هكذا أردوا لنا بأن نعيش يا أفتهان تحت ظلهم وضلالهم، لأستلهام تجارب مناهضة الفساد دون أن تفي بشيء، وتحويل قضايا المليشيات والجماعات والعصابات والشلليات المسلحة إلى فضاء هلامي هائم، ليس فيه إلا شعارات وتنظير وأستنباط واسستقرأ وبحث وتأويل إلى ما شاء الله، كما تفعل الأمم المتحدة بنا تدين وتقلق وتستنكر، وإن فكرنا مثلما فكرتي وفعلنا مثلما فعلتي وأزحنا الستار قليلًا، تراءى لنا بجلاء وضع مهول، يعوم على أكوام من الفساد والاحتيال والنصب والاستيلاء والبسط والسرقة والتدليس والغش …للمال العام والثروة والأرض، وتتصدر كلُّ هذا أسماء معروفة مريبة، تقود كلُّ شيء مثلما تقود البلد.
الأسوأ أنه ليس بأمكاننا أن نبرر، لكن الأكثر سوءً، أنه ليس بإمكاننا أن نتهم أيضًا، نحن لن نكون أبرياء في كلُّ الحالات، فنحن من وقع علينا الضيم ونحن من صمتنا عليه وشجعناه وصفقنا له، نعيش حالة مزودجة معقدة دون أن ندرك بأن الانفصام مرض مستعصي.
فرض علينا زمن فقدت قيمه وأخلاقه ومبادئه، أصبح مستويًا أمامنا الكذب والصدق، العدل والظلم، الشرف والعار،… نحن نعيش اليوم في ورطة حقيقية، نعبد آلهة من ورق وزعماء سرق، نفتقد إلى الحد الأدنى لمقومات الحياة التي يستحقها الإنسان ونهلل عاش الملك، عاش الولي، عاش الإمام، وعاش القائد والزعيم والرئيس ونحن موتى أحياء في السجون والشوارع والبيوت ومرافق العمل والمدارس وحتى في المستشفيات وعيادة الطبيب.
وداعًا إفتهان ياوجه الحلم الغريب الذي حلمناه كلنا وكنا نأمل بأن يتسع أكبر من إتساع رقعة الفساد، فساد الثقافة والسلوك والعجز المريب لمكافحته والإصرار الغريب بأن يغدو سنة قدسية