اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٢٩ نيسان ٢٠٢٥
يتمحور معرض كبير يحتضنه متحف اللوفر في باريس اعتبارا من الأربعاء على موضوع المماليك، الذين عرف الشرق الأدنى مرحلة ذهبية عندما امتدت سلالتهم في العصور الوسطى على امبراطورية مصرية سورية شاسعة، بعدما كانوا أساسا يتحدرون من طبقة من الرقيق المحاربين من القوقاز وآسيا الوسطى.
ويضيء معرض 'المماليك، 1250-1517' للمرة الأولى في أوروبا على هذه الإمبراطورية التي شهدت خلالها 'الحضارة الإسلامية نهضة دامت أكثر من قرنين'، من القاهرة إلى دمشق، مرورا بحلب والقدس وطرابلس، على ما شرحت مديرة قسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر ثريا نجيم ومديرة المجموعة في هذا القسم كارين جوفان لوكالة فرانس برس.
ويضم المعرض الذي يستمر إلى 28 تموز/يوليو نحو 260 قطعة موزعة على خمسة أقسام موضوعية تفصل بينها مساحات غامرة، ومن بين هذه المعروضات منسوجات وتحف فنية ومخطوطات ولوحات وقطع عاج وزخارف حجرية والخشبية.
- 'مفترق طرق' -
ويستحضر كل من هذه الأقسام بالتفصيل هذه 'الحقبة التي نادرا ما يُعرض شيء عنها للجمهور العريض'، بحسب نجيم. وأضافت أن محتويات المعرض 'تُظهر كيف أن السلاطين والأمراء والنخب المدنية كانوا مهتمين برعاية الفنون، وشجعوا طوال قرنين ونصف قرن الجمالية المجردة التي تعكس المجتمع' المملوكي المتنوع الانتماءات، والذي شكّل 'مفترق طرق للتبادلات' و'صلة وصل بين الشرق والغرب'.
ولاحظت جوفان أن الدولة المملوكية نجحت في مجال التخطيط المُدني 'في أن تُشكّل بالكامل صورة المدن الحضرية الكبرى' في الشرق الأوسط. وأضافت أن سلطنة المماليك كانت أيضا 'الممر الإلزامي عبر البحر الأحمر من آسيا إلى أوروبا' لتجارة التوابل والفراء والمرجان والحرير.
ومن بين المعروضات مخطوطات مكتوبة بخط اليد وزخارف بأنماط نباتية وهندسية، و'مخطوطات الحج' ذات الزخارف الجميلة التي تشبه مذكرات السفر، والكثير من المزهريات وقطع الزجاج المنفوخ والمطلي بالمينا والمذهب.
ويحتوي المعرض أيضا على سجادة نادرة، بنمط ثلاث ميداليات على الشكل الهندسي النجمي المميز للعصر المملوكي. ومصدر هذ السجادة متحف اللوفر أبو ظبي، حيث سينتقل المعرض ابتداءً من شهر أيلول/سبتمبر المقبل.
وأضافت نجيم أن 'الضوء والشفافية في كل مكان (من المعرض)، كما هي الحال في العمارة، يعبّران عن عالم روحي وخيال يستحضر اللانهاية'.
وفي ما يتعلق بالمجتمع، يعرّف المعرض بالشخصيات الكبرى في الإمبراطورية المملوكية، من علماء ومتصوفين وكتاب وتجار وحرفيين، رجالا ونساء، مسلمين كانوا أم من الأقليتين المسيحية واليهودية.
وشكلت القاهرة ودمشق آنذاك نقطتي الارتكاز لهذه الإمبراطورية. وتتأتى السلالة التي أسست دولة المماليك من نظام فريد من نوعه يقوم على العبودية العسكرية، تميزوا فيه كمحاربين ببراعتهم كفرسان ورماة، كان معظمهم من الأتراك ثم القوقازيين، يؤخذون من عائلاتهم أطفالا، فيحصلون على تنشئة قائمة على روح الانتماء إلى وحدة عسكرية، وعلى الإسلام.
- النساء والعلوم -
أما في ما يتعلق بالنساء، وهو موضوع يثير اهتمام الباحثين منذ نحو عشر سنوات، فلاحظت نجيم أن 'حياتهنّ وفق النصوص القانونية، محصورة بالمجال المنزلي، لكنهنّ في الواقع كنّ يتجولن في الأسواق والشوارع ويشاركن في الحياة المجتمعية'.
وأشارت إلى أن 'بعضهن كنّ يرتقين في السلم الوظيفي، ويصبحن سيدات أعمال، ويجمعن ثروات طائلة، ويبنين أضرحة'، مثل العبدة السودانية الست حدق (أو الست مسكة).
وأضافت أن 'السلطانة شجرة الدر التي حكمت 80 يوما فحسب، كانت تسك النقود باسمها بعد أن أوصلتها حاشيتها وضباط المماليك إلى السلطة'.
ويبين المعرض أيضا كيف تطور العلم بشكل كبير في عهد المماليك. ومن بين التطورات التكنولوجية المعروضة، 'اسطرلاب يمكن أن يمثل أسس الثورة الكوبرنيكية'، بحسب نجيم.
وقد أثار المماليك اهتمام الأوروبيين في القرن التاسع عشر، وألهموا الحركة الاستشراقية. كذلك كان نابوليون معجبا بسلاح الفرسان المملوكي، وهو ما ظهر أثناء حملته المصرية ومعركة الأهرامات (1798)، وهو ما تُصوّره لوحة للفنان فرنسوا أندريه فنسان (1746-1816) معروضة في المتحف.
وتُواكب المعرض سلسلة من المؤتمرات ويوم دراسي. ومن المقرر أن يُقدّم عرض توضيحي عن الحفريات الأثرية في قلعة حلب، معقل الدولة المملوكية، في 15 ايار/مايو المقبل.