اخبار اليمن
موقع كل يوم -الأمناء نت
نشر بتاريخ: ١٠ كانون الأول ٢٠٢٥
حكايتي مع الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي.....
في بداية عام 2010م اشترى أخي العزيز عبدالناصر، ومن حر ماله بعد سنوات غربته الطويلة، أرضية في مخطط المهندسين السكني بمنطقة حافون في المعلا عدن، وبدأ بتعميرها وفقًا للتصميمات المعتمدة والمختومة من الجهات الهندسية والفنية المختصة. وكان هناك خلاف مع أحد الإخوة من الجيران حول مساحة المتنفس الفاصل بين مبنى ذلك الجار والمبنى الذي كان في طور التعمير ، حيث قام الجار بضم تلك المساحة والتحويش عليها واعتبارها جزءًا من عقاره، بينما هي فعليًا تعتبر متنفسًا عامًا.
ونظرًا لإصرار الجار على ضم مساحة المتنفس، لجأنا إلى القضاء، وكانت القضية منظورة أمام محكمة الميناء الابتدائية.
وفي بداية شهر فبراير 2010م، فوجئت باتصال من مكتب الأخ/ محافظ محافظة عدن، وكان حينها زميلي الأستاذ الأكاديمي في كلية الحقوق بجامعة عدن الدكتور عدنان عمر الجفري، وكان ينوبه الأخ عبدالكريم شائف – الأمين العام للمجلس المحلي بالمحافظة. وقد تم إعلامي بورود رسالة من العاصمة صنعاء، وتحديدًا من الدكتور رشاد محمد العليمي، نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن ووزير الإدارة المحلية، تتضمن توجيهاته للأخ المحافظ بإزالة المبنى الذي كان أخي عبدالناصر يقوم بتعميره،و لا يزال قيد الإنشاء.
في ذلك الوقت كنت أستاذًا في كلية العلوم الإدارية بجامعة عدن، ومديرًا عامًا لحاضنة عدن لتقنية المعلومات والاتصالات، وكنت منشغلًا بمهامي العامة تلك وبمتابعة القضية.
راجعتُ الأخ المحافظ ونائبه، وأوضحت لهما أننا لم نرتكب أي مخالفة، وأن البناء قائم وفق التصاميم الهندسية وبما يطابق الأنظمة والقوانين. كما أخبرتهما بقيام الأخ شيخ أبوبكر بانافع، مدير عام فرع الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني بعدن، مشكورا بالنزول إلى موقع الخلاف، وأصدر توجيهاته بعدم جواز ضم المتنفس أو تملكه، محذرًا المختصين في فرع الهيئة من ذلك لاسيما وأن موضوع الخلاف منظورا من قبل القضاء .
مرّت أسبوعان ونحن في مراجعات مستمرة، لنتفاجأ بتاريخ 7 مارس 2010م بورود رسالة ثانية من الدكتور رشاد العليمي تؤكد تنفيذ التوجيهات السابقة بإزالة المبنى، واصفًا إياه بأنه “بناء مستحدث” ومطلّ على منزل الجار الشاكي وبقية الجيران وبحسب النظام.
قابلتُ زميلي الدكتور عدنان الجفري والأخ عبدالكريم شائف، وكانا مطلعين على تفاصيل المشكلة. أخبرتهما بقراري السفر إلى العاصمة صنعاء لمقابلة الوزيرالدكتور العليمي بخصوص قرار الهدم، وطلبت منهما تجميد أي إجراءات. وبالفعل، وجّه المحافظ مشكورًا بإيقاف العمل في المبنى حتى حل المشكلة.
حزمت أمتعتي وأخذت جميع الوثائق المتعلقة بالبناء والقضية المنظورة أمام القضاء، وانطلقت في رحلة سفر مضنية إلى العاصمة صنعاء، بهدف واحد: مقابلة الدكتور رشاد العليمي وإقناعه بإلغاء توجيهاته الهدامة التي أصدرها وهو في مكتبه في العاصمة صنعاء بإزالة مبنى قائم وفق التراخيص، ومستوفٍ لكل الإجراءات القانونية في حي حافون بالمعلا العاصمة عدن ، متجاوزًا بذلك مهام وصلاحيات السلطة المحلية في محافظة عدن وعدم إحترام القضاء الذي ينظر في النزاع وما سيقرره.
وبعد عدة أيام من التردد على مبنى وزارة الإدارة المحلية، وبعد إقناع مدير مكتب الوزير، تم تحديد موعد لمقابلته.
حضّرت نفسي جيدا للقاء الوزير كونه كان مصيريا، وتاكدت من وجود كل الوثائق ورتبت في ذهني كل الحيثيات والوقائع بتسلسل منطقي، وقررت الإستناد إلى المقولة الشهيرة: “أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم”، استعدادًا لما قد يبديه الوزير من مبررات وسيبرزه من وثائق وملفات كان قد إستند عليها في قراره بهدم المبنى . كما كان من ضمن الأمور التي حرصت على الإستعداد لشرحها للوزير شرح خصوصية عدن ومدنيتها، وثقافة سكانها في الالتزام بالمخططات والتصميمات وثقافة اللجوء إلى القضاء وإحترام درجات التقاضي. ووضعت في حسباني أن أصل مع الوزير إلى أحد الخيارين التاليين:
1. إلغاء توجيهاته بإزالة المبنى وترك القضية تأخذ مجراها في القضاء.
2. إحالة الملف إلى نائبه الدكتور جعفر حامد محمد، الكفاءة العدنية الجنوبية والخبير بجغرافية عدن وتركيبتها السكانية والاجتماعية.
بعد السلام على الوزير وتعريفي له بإسمي ومهامي العامة ومعاتبته على توجيهاته التي سببت لي ضررًا كبيرًا، كما أخبرته إن الأولى بصفته كنائب لرئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن – أن يركز جهوده على مهامه السيادية الوطنية والمتمثلة في حرب صعده (التي كانت تلك الأيام في جولتها السادسة )، لا أن يشغل نفسه بحافون وعدن ففيها سلطة محلية وقضاء كفيلان بمعالجة وحل مثل تلك القضايا.
كان اللقاء ساخنًا، ولم يكن على طاولة مكتبه أي ملف أو وثيقة تتعلق بالمبنى محل النزاع. ومع ذلك لم يقتنع بحيثياتي وطرحي وماأبرزته من وثائق وأصرّ على التمسك بتوجيهاته. فاقترحتُ عليه حلًا وسطًا: إحالة الموضوع إلى نائبه الدكتور جعفر حامد ، متعهدًا بقبول أي قرار يصدر عنه.
وفعلًا، استدعى الدكتور جعفر، وكلفه بالجلوس معي وفحص الوثائق واتخاذ ما يراه مناسبًا.
وبعد شرحي للمسألة وإطلاع الدكتور جعفر على كامل الملف، اقترحت عليه توجيه رسالة إلى محافظ عدن لتشكيل لجنة من الجهات المختصة للتأكد من قانونية التراخيص وسلامة الإجراءات وعدم وجود مخالفات أو أضرار على الجيران، ومن ثم تمكيننا من استكمال البناء الموقف. وقد استجاب مشكورًا.
وبناءً على ذلك، شكّل الأخ عبدالكريم شائف لجنة برئاسة المهندس عبدالناصر عبدالمجيد علوي، وضمّت في عضويتها جميع الجهات المعنية في مديرية المعلا ومحافظة عدن. وقد قامت اللجنة بالنزول إلى الموقع، وتأكدت ميدانيًا من سلامة الإجراءات والإلتزام بالتصميمات وعدم وجود أي مخالفة. وعلى ضوء تقريرها، وجّه نائب المحافظ مشكورا بإستئناف عملية البناء.
-----
* مرفق صوره من رسالة الإزالة الثانية الموجهة من قبل الدكتور رشاد محمد العليمي نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن وزير الإدارة المحلية.













































