اخبار اليمن
موقع كل يوم -سما نيوز
نشر بتاريخ: ١٧ أيلول ٢٠٢٥
::
من موقع المراقبة السياسية، تبدو قضية الامتيازات والمخصصات التي يتمتع بها أعضاء مجلس القيادة الرئاسي انعكاساً مباشراً لأزمة الشرعية في اليمن، فبينما يعاني المواطن من انقطاع الرواتب وتدهور الخدمات وتفاقم الانهيار الاقتصادي، يظهر المجلس غارقاً في امتيازات مالية وإدارية وعسكرية، ما يضعه في مواجهة مباشرة مع سؤال الشرعية والمشروعية .
المعضلة هنا لا تقتصر على الجانب المعيشي أو الاقتصادي، بل تتجاوزها إلى البعد السياسي الاستراتيجي، إذ لا يمكن لأي سلطة انتقالية أن تحافظ على مكانتها التمثيلية إذا ما انفصلت عن هموم مواطنيها، أو إذا ما اكتفت بخطابات عامة لا تلامس الاحتياجات اليومية للناس، فالمجلس الذي يتحدث عن الانفراد بالقرارات، أو غياب النظام الداخلي، أو الانشغال بالحوثي، يغفل حقيقة أن معركة المواطن الحقيقية تكمن في استعادة راتبه وضمان خدماته وتأمين استقراره .
على المستوى السياسي، يكرّس هذا الواقع فجوة خطيرة بين القيادة والمجتمع، فحين يشعر المواطن أن قضاياه الجوهرية مهملة، تتحول الشرعية إلى مجرد هياكل شكلية تعيش على الدعم الخارجي أكثر مما تعيش على ثقة الداخل، ومع مرور الوقت، يضعف التماسك الوطني، وتتسع المساحة أمام قوى أخرى لتقديم نفسها كبديل أو كصوت معبّر عن تطلعات الناس .
الشرعية الحقيقية لا تُبنى على الامتيازات، بل على التمثيل الصادق والاستجابة الفعلية لمتطلبات المجتمع، ومن دون إعادة صياغة الأولويات لتضع معاناة المواطنين في صدارة الاهتمام، فإن مجلس القيادة الرئاسي سيظل محاصراً بتناقضاته الداخلية، وعاجزاً عن إقناع الشارع بجدوى بقائه .
إن مستقبل أي مشروع سياسي في اليمن مرهون بقدرته على معالجة قضايا الناس أولاً، لا بمدى استفادته من المال العام أو قدرته على المناورة بالشعارات، وإذا لم يدرك مجلس القيادة الرئاسي هذه الحقيقة، فإنه يخاطر بفقدان ما تبقى من رصيده السياسي، وبأن يُسجّل في الذاكرة الشعبية كأحد أسباب استمرار الأزمة لا كمدخل لحلها .