اخبار اليمن
موقع كل يوم -الأمناء نت
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
عادت عوائد نفط حضرموت لتبرز كوقود لصراع النفوذ المتنامي داخل المحافظة اليمنية الواسعة جغرافيا والغنية بالموارد الطبيعية، وذلك بعد رواج أنباء عن عقد صفقة وصفت بالسرية بين السلطات المحلية وحلف قبائل حضرموت الذي يحاول فرض نفسه وصيا على موارد المحافظة ومتحكّما في إدارتها.
وتلخّصت “الصفقة” التي لم يصدر بشأنها أيّ تأكيد رسمي، وفقا لوسائل إعلام محلية، في اتفاق بين المحافظ مبارك بن ماضي وزعيم حلف القبائل عمرو بن حبريش على إدارة مشتركة للمشتقات النفطية وتسويقها والتصرف في عوائدها.
وعمليا، يضفي هذا الاتفاق في حال وجوده بالفعل وتنفيذه على أرض الواقع، غطاء من الشرعية على محاولات الحلف القبلي القوي لوضع اليد على الثروات النفطية والمعدنية لحضرموت، ويجعل منه طرفا معترفا به من السلطة كشريك في إدارة الثروة والتحكّم بعوائدها.
وكان الحلف في نطاق ما يعتبره مقاومة للفساد وسوء التصرف بموارد حضرموت قد بادر إلى نصب نقاط تفتيش وحواجز على طرق نقل وتوزيع الخام والمعادن وتسويقها، وهو الأمر الذي أثار غضب المجلس الانتقالي الجنوبي الكيان السياسي والأمني الأبرز في محافظات الجنوب والحامل لمشروع إقامة دولة الجنوب المستقلة على أراضي تلك المحافظات ذاتها.
لكنّ هيمنة حلف القبائل على حضرموت والتحكم بثروتها يعني انتزاع القطعة الأهم من خريطة الدولة المنشودة وحرمانها من أبرز وسيلة لضمان حياتها واستمرارها في حال قيامها بالفعل. ويفسّر ذلك صرامة ردود المجلس على أيّ تقارب بين السلطة المحلية وحلف قبائل حضرموت بما من شأنه أن يضفي الشرعية على الأخير ويساعده في بسط نفوذه وسيطرته.
وتجلت تلك الصرامة مجدّدا في ردّ الانتقالي الجنوبي على أنباء “الصفقة” بين بن ماضي وبن حبريش في بيان للهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت، أدانت فيه ما سمّته “المحاولات الجارية من قبل السلطة المحلية لعقد اتفاقات مشبوهة تهدف إلى شرعنة الفساد وتقاسم المصالح بين أطرافها، على حساب معاناة أبناء المحافظة وحقوقهم المشروعة”.
◄ تقارب السلطة المحلية مع حلف القبائل يكرس الأخير طرفا معترفا به في إدارة الثروة النفطية والمعدنية
وأكدت الهيئة في بيانها أن أيّ اتفاق يُخضع القرار المحلي لابتزاز القوى النافذة أو يُستخدم لتكريس الفساد والعبث بثروات حضرموت، مرفوض جملة وتفصيلا، مشيرة إلى أن هذه التحركات تمثل كشفا واضحا للنوايا الحقيقية لمن يدّعون الحرص على حضرموت بينما يسعون وراء مكاسب شخصية ضيقة.
وأشار البيان إلى أن أبناء حضرموت أصبحوا ضحايا لصراعات المصالح بين أجنحة السلطة منذ أكثر من عام، لافتا إلى أن الصفقات الجارية اليوم تُحاك تحت غطاء زائف من الشرعية بهدف إبقاء حالة العبث واستمرار نهب الموارد.
وجددت الهيئة التنفيذية في بيانها رفضها القاطع لأيّ اتفاقات تُكرّس الفساد أو تُبرر استمراره تحت أيّ ذريعة كانت، مؤكدة دعمها الكامل للجهود الشعبية والرقابية الرامية إلى كشف تلك الصفقات ومحاسبة المتورطين فيها. كما شددت على تمسك المجلس الانتقالي بحق أبناء حضرموت في إدارة مواردهم بشفافية وعدالة بعيدا عن شبكات المصالح والنفوذ، داعية إلى توحيد الصفوف خلف مشروع وطني حرّ يعبّر عن إرادة أبناء المحافظة ويصون ثرواتهم وكرامتهم.
وفي ذات الاتجاه أصدرت قيادة الهبة الحضرمية الثانية واللجنة التنفيذية لمخرجات لقاء حضرموت العام، بيانا تحدثّت فيه عن “صفقة سريّة أبرمت بين السلطة المحلية بمحافظة حضرموت وحلف قبائل حضرموت،” تتعلق “بتقاسم عائدات الديزل المدعوم القادم من شركة بترومسيلة،” معتبرة ذلك “خيانة للأمانة واعتداء صارخا على حقوق الشعب الحضرمي.”
وقالت في البيان “إنها تابعت بقلق بالغ المعلومات المؤكدة عن الاتفاق،” معتبرة أن التصعيد الذي بدأ تحت شعار حقوق حضرموت تحوّل تدريجيا من شعارات التمثيل العادل والإقليم والحكم الذاتي، إلى صفقة مشبوهة أُبرمت في الخفاء.
وقاد حلف قبائل حضرموت على مدى الأشهر الماضية مواجهة سياسية وإعلامية وميدانية أحيانا ضد السلطات المحلية مطالبا بتوجيه موارد النفط المنتج محليا نحو تحسين أوضاع السكان وتوفير الخدمات الأساسية، ما حوّل المحافظة ذات الوضع الحساس إلى بؤرة شديدة التوتّر مهدّدة بالانفجار والخروج عن السيطرة.
لكن الحلف لم يتأخّر في التدرّج بحراكه المطلبي نحو مسار سياسي هادف إلى تأسيس حكم ذاتي في حضرموت بدأ بالمجاهرة بالسعي لتحقيقه كما شرع في إقامة بنية عسكرية له بشكل مسبق من خلال إعلانه تشكيل قوات حماية حضرموت.