جفاف المساعدات ينهك معيشة ملايين اليمنيين (تقرير خاص)

أسر تعاني من الجوع، وعائلات تكافح باستمرار للحصول على لقمة العيش، والعديد من السكان يشكون من أنه لا يتم توفير الوجبات اليومية إلا بشق الأنفس.

هكذا يبدو الوضع الإنساني في اليمن خلال هذه الفترة القاسية من تاريخ البلاد، جراء استمرار جفاف المساعدات الدولية والركود الاقتصادي غير المسبوق، فضلا عن انهيار العملة المحلية.

ويستمر اليمن في مواجهة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث تنهك تداعيات الصراع المستمر، إلى جانب الأزمات الاقتصادية وتغير المناخ، حياة الملايين.

وشكى يمنيون في أحاديث للمهرية نت من أن انعدام المساعدات خلفت تداعيات قاسية على حياتهم التي تواجه تحديات كبيرة.

وفي ظل تراجع حاد في التمويل الإنساني، دقت الأمم المتحدة ومنظماتها الإغاثية ناقوس الخطر، محذرةً من أن جفاف المساعدات يهدد بتفاقم كارثة إنسانية تعيشها البلاد.

وفي 20 مايو 2025 دعت 116 منظمة أممية وغير حكومية إلى إنقاذ اليمن من حافة الكارثة نتيجة زيادة الاحتياجات الإنسانية مع نقص كبير في تمويل العمل الإغاثي.

وجاء ذلك في بيان مشترك صادر عن هذه المنظمات بينها منظمة الأمم المتحدة للطفولة'اليونيسف' ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي وجمعية الهلال الأحمر القطري ومنظمة أوكسفام.

وقال البيان 'بعد أكثر من عقد من الأزمة الحادة والصراع، يواجه الناس في اليمن ما يمكن أن يكون أصعب عام بالنسبة لهم حتى الآن، حيث يستمر الصراع والانهيار الاقتصادي والصدمات المناخية في التسبب بزيادة الاحتياجات الإنسانية'.

وأضاف البيان 'بدأت المساعدات تنصب جراء تقليصات كبيرة في التمويل كما أسفرت الغارات الجوية(الأمريكية والإسرائيلية) عن سقوط مئات الضحايا المدنيين وألحقت أضرارا بالبني التحتية الحيوية'.

وتابع' في الوقت الذي يجتمع فيه القادة غدا لحضور الاجتماع السابع لكبار مسؤولي العمل الإنساني، تدعو وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية العاملة في اليمن المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وجماعية للحيلولة دون استفحال الظروف الكارثية'.

توقف المساعدات بشكل تام

مع استمرار الركود الاقتصادي والتدهور المعيشي، انصدم اليمنيون بانقطاع تام للمساعدات الدولية في مناطق سيطرة الحوثيين، فضلا عن تراجع منسوب الإغاثة في المحافظات الواقعة تحت سلطة مجلس القيادة الرئاسي.

وكشف تقرير حديث لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عن توقف كامل للمساعدات الغذائية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ أوائل شهر أبريل الماضي.

وحسب التقرير الذي حصلت المهرية نت على نسخة منه ، يأتي هذا التوقف في الوقت الذي يواصل فيه البرنامج تقديم المساعدات في المناطق الواقعة تحت إدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، إلا أن نقصًا غير متوقع في التمويل يهدد قدرة البرنامج على مواصلة تقديم هذه المساعدات الحيوية.

وأفاد التقرير أنه لم يتم توزيع أي مساعدات غذائية في المناطق الواقعة تحت إدارة السلطات في صنعاء (شمال اليمن) منذ بداية شهر أبريل، حيث لا تزال تدفقات المساعدات إلى هذه المناطق متوقفة مؤقتًا. وأشار التقرير إلى أن تنفيذ الأنشطة الإغاثية على نطاق واسع في مناطق إدارة سلطات صنعاء لا يزال معلقًا نظرًا 'لبيئة العمل التشغيلية الحالية'.

وتابع التقرير 'بينما يستمر برنامج الأغذية العالمي في تقديم الدعم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، فإن النقص الحاد في التمويل يمثل تهديدًا وشيكًا لقدرته على الاستمرار في تقديم المساعدات المنقذة للحياة' .

90 بالمئة عجز في التمويل

وتقول الأمم المتحدة إنه بعد مرور ما يقرب من خمسة أشهر منذ بداية عام 2025م، لم يتم تمويل خطة الاحتياجات والاستجابة الإنسانية في اليمن إلا بأقل من 10 في المائة، ما يعني أن العجز في التمويل يتجاوز تسعين بالمئة، وبالتالي منع تقديم المساعدات الضرورية إلى ملايين الأشخاص في جميع أنحاء البلاد، من بينهم النساء والفتيات والمجتمعات النازحة والأطفال واللاجئون والمهاجرون وغيرهم من الفئات الضعيفة والمهمشة التي تتحمل العبء الأكبر من الأزمة'.

وسبق أن دعت منظمات إغاثة إلى زيادة المساعدات الإنمائية لمنع المجتمعات من الانزلاق إلى مستويات أكثر حدة من الاحتياجات الإنسانية، وضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية، وتوفير الفرص الاقتصادية وسبل العيش.

توقعات مأساوية

مع تواصل تراجع المساعدات وتفاقم الأزمات، ترجح التوقعات استمرار تدهور الوضع المعيشي لملايين اليمنيين، ما لم يتم تدارك فجوة التمويل وتوفير الدعم اللازم لمنع تفاقم الكارثة الإنسانية.

ولا جدال في أن الوضع باليمن يتطلب تحركاً دولياً عاجلاً ومسؤولية حكومية لإنقاذ الأرواح وضمان حصول الفئات الأكثر ضعفاً على شريان الحياة الوحيد المتمثل في المساعدات الإنسانية التي كانت ملاذا لملايين الأسر.