اخبار اليمن
موقع كل يوم -سبأ نت
نشر بتاريخ: ٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
غزة - سبأ:
على أرصفة الطرق المحطمة، وبين خيام النازحين المترامية في أزقة مدينة دير البلح، يقف الناس في طوابير صامتة، وجوههم مثقلة بالتعب، وأقدامهم تحاصرها الرمال الحارقة، لا ينتظروا خبزاً أو ماءً فحسب، بل يبحثون عن وسيلة تقلّهم إلى ما تبقّى من حياة، فيما تتحول الشوارع الضيقة إلى مشاهد مكتظة بالناس والأمتعة، تعكس وجهاً آخر من ملامح المأساة الفلسطينية.
المدينة الصغيرة، التي لا تتجاوز مساحتها 56 كيلومتراً، لم تعد قادرة على استيعاب موجات النازحين المتدفقة إليها من مختلف المناطق، فباتت محاصرة بالوجع، ومثقلة بأزمات المواصلات والازدحام وانهيار الخدمات الأساسية.
تقول أم صلاح محمود، النازحة من الزوايدة والعاملة في دير البلح لـ وكالة (سند للأنباء)، إنها تضطر لمغادرة مكان نزوحها قبل ساعات من دوامها في محاولة لإيجاد وسيلة تقلّها: 'المواصلات شبه معدومة، والعربات والسيارات تصل محمّلة بالركاب من النصيرات، ولا نجد مكاناً نصعد فيه. أحياناً أعود سيراً على الأقدام تحت الشمس، وهذا يسبب لي ضربة شمس يومياً تقريباً، ولا أجد دواءً لتخفيف ألمي'.
ويواجه الشاب، كريم عياد، التحدي نفسه، إذ يضطر لحمل بضاعته والسير بها عبر الطرقات المكتظة بعدما يفشل في إيجاد وسيلة نقل. ويضيف: 'المشكلة مش بس الازدحام.. حتى لو لقينا جار ومجرور، إذا ما كان معنا فكة ما بنركب'.
الأزمة لا تتوقف عند المواصلات، بل تمتد إلى الأسواق المكتظة بالناس، حيث تصف الستينية هدى عبد الرحمن المشهد بـ'الخانق'، موضحة أن قطع مسافة قصيرة صار يستغرق 15 دقيقة على الأقل.
وتقول: 'تعرضت للإغماء أكثر من مرة بسبب الازدحام، وأنا مريضة سكري، وهذا يجعلني عرضةً لمضاعفات خطيرة'.
هكذا تحولت دير البلح، التي استقبلت الناجين من القصف، إلى ساحة ازدحام ومعاناة يومية، حيث تتكدس الأرواح على الأرصفة في انتظار وسيلة نقل أو متنفس للحياة.
أزمة المواصلات والاختناق في الأسواق ليست مجرد تفاصيل يومية عابرة، بل مرآة حية لحجم الكارثة التي يعيشها الفلسطينيون وسط القطاع، حيث كل خطوة باتت معركة، وكل رحلة على الأقدام قصة جديدة من التعب والصمود.
إكــس