اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٩ تموز ٢٠٢٥
عندما يتعين على الشركات أن تتخذ قرارًا مهمًا من وسط عدة قرارات، فإنها في هذه الحالة تكون أمام خيارين رئيسين: إما الاتكال على الحدس والخبرة وإما الاعتماد على البيانات المتوافرة التي نادرًا ما تكذب، بحسب الرجل.
بالنسبة للخيار الأول فيمكن أن يكون مُنقذًا وفعالًا في كثيرٍ من الأحيان، ولكن مهما حصل، فلن يكون بنفس فعالية الاعتماد على الأفكار التي توفرها البيانات إذ غالبًا ما تؤدي إلى قرارات مستنيرة ونتائج أفضل. هذه النتائج يمكن أن تُتَرجم إلى تطوير منتجٍ ما أو ابتكار منتجٍ جديد بالكلية يسد فجوة ما بالسوق.
اليوم، تمتلك المؤسسات وصولًا غير مسبوقٍ إلى كميات هائلة من البيانات. ومع ذلك، فإن الاستفادة الفعالة منها ليست بهذه الدرجة من السهولة، حيث تتطلب الوصول إلى نوعية معينة من البيانات عالية الجودة بالإضافة إلى أفراد مُتمرسين يعرفون كيفية تحويل المعلومات الخام إلى رؤى قابلة للتنفيذ.
ما هو اتخاذ القرار المُستند إلى البيانات؟
القرار المستند إلى البيانات
ببساطة شديدة، هي عملية الاستفادة من البيانات الضخمة المتوفرة لاتخاذ قرارات مستنيرة. في كثيرٍ من الأحيان، إن لم يكن في أغلبها، يؤدي التنفيذ الصحيح لهذه العملية إلى تحسين الأداء المؤسسي بشكلٍ واضح سواء من الناحية المالية أو حيث الكفاءة التشغيلية العامة.
ولكن، الأمر ليس بهذه البساطة على الإطلاق! فالوصول للبيانات وحده لا يكفي. هناك عدة خطوات يجب اتباعها لتحويل البيانات إلى رؤى تُمكنك من اتخاذ القرار الذكي والصحيح، ولاحقًا سنتحدث عن أشهر التحديات التي تواجه هذه العملية.
دور تحليل البيانات في تحسين الأداء
1. زيادة الدقة: تستند القرارات المُعتمدة على البيانات إلى معلومات دقيقة وواقعية بعيدة عن الحدس والافتراضات؛ الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى دقةٍ أكبر في إجراء العمليات وبالتالي تحقيق نتائج أفضل.
2. تعزيز الكفاءة: عند تحليل البيانات والاستناد إليها، يُمكن للشركات تحديد أوجه القصور في عملياتها واتخاذ الخطوات اللازمة لإنجاز المهام بأفضل طريقة ممكنة ما يوفر في التكاليف ويُحسن من الإنتاجية.
3. البُعد عن التحيزات البشرية: يُمكن أن يساعدك النهج القائم على الأدلة والبيانات في اتخاذ القرارات الكبيرة على التغلب على التحيزات البشرية والأحكام المُسبقة التي عادةً ما تكون نابعة عن الحدس. هذا الأمر يؤدي إلى اتخاذ قرارات موضوعية تؤدي بالتبعية إلى نتائج أكثر كفاءةً وإنصافًا.
كيف يمكن للبيانات أن تعزز عملية اتخاذ القرار؟
أهمية البيانات في اتخاذ القرار
اتخاذ القرارات الاستباقية أو الوقائية: أخيرًا وليس آخرًا، يمكن للقرارات المستندة على البيانات أن تساعدك في تحديد الاتجاهات والأنماط مُبكرًا، وبالتالي اتخاذ قرارات استباقية تُجنّبك المشاكل قبل حدوثها، وهذا ما يمنح الشركات ميزات تنافسية في السوق بالمناسبة.
استراتيجيات لاستخدام البيانات في اتخاذ القرارات
قلنا إن عملية الاستناد إلى البيانات ليست عملية سهلة لأن هذه البيانات يجب أن تُحول إلى رؤى أو خطوات قابلة للتنفيذ تحقق أهداف مؤسستك. يُمكن أن نُلخص هذه الخطوات فيما يلي من استراتيجيات الأعمال المستندة إلى البيانات:
اعرف رؤيتك: قبل أي شيء، عليك أن تعرف رؤية الشركة أو المؤسسة الخاصة بك جيدًا حتى تتأكد من توافق القرارات المستندة إلى البيانات مع رؤيتها.
ابحث عن مصادر البيانات: بعد تحديد الرؤية -والهدف الذي تسعى لتحقيقه بالطبع-، تأتي خطوة تجميع البيانات. عليك أن تعرف أن الأدوات ومصادر البيانات التي تستخدمها ستعتمد على نوع البيانات التي تُجمعها. على سبيل المثال، إذا كان هدفك هو تحليل مجموعات البيانات المتعلقة بعمليات الشركة الداخلية، سيتعين عليك استخدام أداة تقارير شاملة مثل Power BI من مايكروسوفت، والتي تسمح لك بجمع البيانات من مصادر خارجية متنوعة.
نظّم بياناتك: خطوة مهمة للغاية لأنها تُمكنك من رؤية جميع بياناتك ذات الصلة في مكانٍ واحد وفهم كيفية ارتباطها، وبالتالي يَسهُل عليك اتخاذ القرار. بالمناسبة، إحدى الطرق الفعالة لتنظيم البيانات هي استخدام لوحة معلومات تنفيذية أو ما يُسمى بالـ 'executive dashboard'، وهي واجهة قابلة للتخصيص على الحاسوب تعرض البيانات الأكثر أهمية لتحقيق أهدافك.
قم بتحليل البيانات: ها أنت ذا تأكدت من فهمك لرؤية الشركة ومدى توافق البيانات معها ونظمت بياناتك. حان الآن وقت تحليل هذه البيانات. في هذه المرحلة، يتم استخلاص الرؤى القابلة للتنفيذ من البيانات والتي ستساعدك في عملية اتخاذ القرار. اسأل نفسك: 'ما الذي أراه والذي أعرفه بالفعل من هذه البيانات؟'، 'ما المعلومات الجديدة التي تعلمتها؟'، 'كيف يمكنني استخدام هذه المعلومات لتحقيق أهداف العمل؟'.
ملحوظة: يُفضل كتابة أهدافك بنهج 'الأهداف الذكية- SMART Goals' التي تحدثنا عنها في مقالات سابقة.
كيف يمكن للبيانات أن تقود الابتكار والنمو؟
نمو الشركات في عصر البيانات
للإجابة على هذا السؤال، علينا أن نتناول أمثلة من مجالات مختلفة، ونبدأ بمجال:
الأعمال: هناك أمثلة عديدة في هذا المجال، منها سلسلة Walmart الشهيرة في الولايات المتحدة. يُعرف عن شركة Walmart أنها تجمع بيانات العملاء استنادًا إلى نشاطهم، سواء أونلاين أو في المتاجر الحقيقية، ومن ثَم تُحللها لإنشاء تجارب تسوق مُخصصة. على سبيل المثال، عندما يشتري العميل مُنتج أو سلعة ما، تظهر أمامه مُنتجات أو سلع أخرى مشابهة تزيد من فرص شرائه.
الصحة: على الرغم من أن هذا القطاع يُعد من أبطأ القطاعات نموًا من حيث جمع البيانات وتحليلها، فإن التقدم التكنولوجي والابتكار الرقمي وفرا العديد من الأدوات لجمع البيانات المفيدة، وبالتالي اتخاذ قرارات مستنيرة تُحسن من رعاية المرضى. على سبيل المثال، في قسم الطوارئ بأحد المستشفيات في نيويورك، تم استخدام نموذج تنبؤي في الوقت الفعلي real-time لتوزيع الأطباء بطريقة ذكية، وكانت نتيجة هذا التطبيق هي منع نقص الطاقم الطبي أو إرهاقهم في غرفة الطوارئ.
التعليم: يُمكن للمعلمين الاستفادة من عملية اتخاذ القرارات المبنية على البيانات لتحسين نتائج تعلم الطلاب وتطوير خطط دراسية تناسب احتياجاتهم بناءً على كفاءاتهم الحالية وتفضيلاتهم في التعلم، وبالتالي التركيز على نقاط الضعف الفردية وتحسين أدائهم.
التحديات والحلول في تطبيق القرارات المستندة إلى البيانات
على الرغم من أن فوائد اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات واضحة، فإن تنفيذ هذا النهج لا يخلو من التحديات. فيما يلي نستعرض أهمها:
1. جودة البيانات: تعتمد دقة وموثوقية قراراتك على جودة البيانات التي تستند إليها. يُمكن أن تؤدي البيانات غير المُكتملة أو القديمة أو غير الدقيقة إلى استنتاجات خاطئة.
2. مخاوف الخصوصية والأمان: مع الاهتمام المتزايد بلوائح حماية البيانات، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات GDPR، تحتاج الشركات إلى ضمان جميع البيانات وضمان استخدامها بشكلٍ أخلاقيّ وآمن.
3. منطقة الراحة: أو مقاومة التغيير، حيث يُمكن أن يُمثل الانتقال من اتخاذ القرارات بناءً على الحدس إلى القرارات المستندة إلى البيانات تغيرًا ثقافيًا كبيرًا. قد يقاوم بعض الموظفين هذا الانتقال ويُفضلون الاعتماد على خبراتهم وحدسهم.
وما الحل؟ للتغلب على هذه التحديات، وغيرها، يجب على قادة الأعمال أن يُوفروا لموظفي مؤسساتهم تدريبًا شاملًا ووافيًا على البيانات وكيفية التعامل معها. وفقًا لتقريرٍ حديث، أفاد 35% فقط من قادة الأعمال -الذين شملهم الاستطلاع- بأن مؤسساتهم توفر تدريبًا على البيانات لجميع الموظفين، وهذا يُفسر سبب القصور المتمثل في التحديات المطروحة.
مستقبل اتخاذ القرارات بناءً على البيانات
عصر البيانات
مع استمرار التطور التكنولوجي المخيف الذي نُعاصره، يُتوقع أن تصبح عملية اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات أكثر انتشارًا في مختلف الصناعات.
من المتوقع أيضًا أن يدخل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في عملية اتخاذ القرارات بقوة، وذلك نظرًا لكميات البيانات الضخمة التي تستطيع الآلة تحليلها، فضلًا عن قدرتها على تحديد الأنماط بسرعةٍ تفوق قدرات البشر.
ولأن الكثير من الشركات تحتاج إلى اتخاذ قرارات سريعة، سيزداد تدخل الذكاء الاصطناعي وأدواته القادرة على التركيز على التحليلات في الوقت الفعلي، مما يعني أن الشركات ستستثمر في هذه الأدوات بقوة. فقط على الشركات ألا تنسى موضوع الشفافية، فوعي المستهلكين بأهمية بياناتهم الشخصية يزداد، ما يعني أن إعطاء الأولوية للشفافية هو أمرٌ لا يمكن التنازل عنه.
أخيرًا وليس آخرًا، مع تزايد الحاجة إلى البيانات لدعم اتخاذ القرار، سيزداد الطلب على البُنى التحتية والأنظمة الإدارية القادرة على التعامل مع حجم البيانات وتعقيدها.
لم يسبق أن تم جمع هذا القدر الهائل من البيانات من قبل، فنحن الآن -على عكس العصور السابقة- في عصر البيانات، والأمور تُصبح أكثر تعقيدًا. بحسب 'Harvard Business Review'، فإن المؤسسات التي تُعطي أولوية للبيانات في عمليات اتخاذ القرار لديها احتمالية أكبر بثلاث مرات للإبلاغ تحسينات كبيرة.
وبشكلٍ عام، تنمو الشركات القائمة على البيانات بمعدل 30% سنويًا في المتوسط، ومن المتوقع أن تستحوذ هذه الشركات على 1.8 تريليون دولار سنويًا من منافسين أقل وعيًا بالبيانات بحلول عام 2021. وأخيرًا، تمتلك الشركات التي تستفيد من البيانات بشكل فعال احتمالية أكبر بـ 23 مرة للحصول على عملاء من الشركات الأخرى، والإحصائيات المشابهة كثيرة جدًا.