اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٢ حزيران ٢٠٢٥
هايل علي المذابي - من الصحيح القول أن ثورة الأتمتة قد تعمل على إلغاء كل ما هو بشري في طريقها بما في ذلك العلوم الاجتماعية لذا إن كان ثمة ما يجب الآن فهو البحث عن أنسنة التكنولوجيا حتى لا ينصرف الحديث تماما عن الفنون والآداب والعلوم الإنسانية ويُصيّر الحال إلى حديث مطلق مزيج من العلوم التطبيقية والعقلية الصرفة فيتآكل بذلك القلب البشري وتجفف منابع العاطفة الإنسانية تماما وأكثر مما هي عليه.
نعم يجب تدعيم التكنولوجيا بالكثير والكثير من الإنسانية بجميع اتجاهاتها حتى لا يُلغى الإنسان من حساباتها وتحل محله الآلة.
ولو تحدثنا عن سياقات الأتمتة وما يمكن أن تتسبب به في عالم البشر فلنأخذ سياقها في عالم القوى العاملة The world of work force مثلا سنجد أن ثمة مصطلحان ينبغي أن تفكر فيهما كل المؤسسات والشركات والمصانع في هذا العالم خصوصا في ظل موجة الأتمتة التي تجتاح العالم كل يوم أكثر فأكثر وملايين العمال قد فقدوا وظائفهم تجاه هذا المد الذي لا يبقي ولا يذر فبعد أن كانت الطاقة الاستيعابية لعدد العمال لأي كيان منتج تصل إلى ما يزيد على ألفين وثلاثة آلاف عامل تقلص ذلك العدد إلى ٢٠ أو ٣٠ عامل فقط والبقية تم استبدال أعمالهم بالآلات وذانك المصطلحان هما: إعادة الضبط The Great Reset وإعادة التموقع Repositioning. وأما إعادة الضبط فهو أشبه باستعادة ضبط المصنع في الهاتف وهو مهم في مواجهة الأتمتة لاستعادة نظام كان سائدا في وقت معين والحديث هنا يتعلق بالجانب الأخلاقي فقبل أن يقوم الكيان المنتج بالاستغناء عن الموظفين والعمال ينبغي أن يفكر في المسألة الاخلاقية والجانب الإنساني بحيث يفترض أن يتكفل بعملية زراعة معرفية داخل الكيان الذي يملكه وهذه الزراعة تضمن إعادة تأهيل لكل الموظفين وتحديث مهاراتهم بما يتوافق مع المتطلبات والاحتياجات الجديدة التي يفرضها متغيرات ومستحدثات التطور التكنولوجي واحتياجات الأسواق في المجال الذي يعمل به وبعد ذلك يأتي دور المصطلح الآخر وهو إعادة التموقع Repositioning والذي يسمح بإعادة توزيع العمال والموظفين بعد إعادة تأهيلهم في مواقع جديدة تبعا للمهارات الجديدة التي يملكونها وتبعا للمعطيات الجديدة التي تفرضها خارطة العمل في السياق الجديد وهو سياق الأتمتة.. وهذه التدخلات المسؤولة في سياق القوى العاملة أسميها بأنسنة الأتمتة..
وأما المسرح فثمة من يعتقد وهماً أن مظاهر التكنولوجيا الحديثة وتمثلات الأتمتة اليوم قد تشكل خطرا كبيرا على المسرح وشكل المسرح لكن الحقيقة هي أن المسرح قد تمت مصادرته بالفعل لصالح التكنولوجيا منذ ظهور شاشات السينما والتلفزيون وإذا كان ثمة ما يدعو للإلتفات والاستجابة في الوقت الراهن إلى دعوة أو إلى أي آلية من آليات تحديث شكل المسرح بما ينسجم ويتوافق مع معطيات ومظاهر التكنولوجيا الحديثة فأصدقها تلك التي حاولت خلق حالة من التوافق والانسجام والتآلف بين معطيات ومظاهر التكنولوجيا والمسرح والسينما وهنا لابد من الالتفات إلى تجارب 'المسرح التليماتي' الذي زاوج بين كل ذلك في تجربة واحدة وكان أصدقها في إنقاذ المسرح ولنا أن نتأمل عروض المسرح التليماتي مثل عرض 'العائلة الذكية 2032' وهذا العرض متوفر لحسن الحظ على منصة اليوتيوب لمن يرغب في مشاهدته.
أما بقاء المسرح رغم شكله التقليدي والالتزام برعايته منذ ظهور شاشة التلفزيون والسينما فهو من باب الاحترام والتقدير فقط وهي حالة لا تختلف عن حالة إلتزام الأبناء برعاية الجد الأكبر للعائلة تقديرا واحتراما ورغم ذلك فثمة بلدان قد قامت بالفعل بإيداع المسرح في دار رعايةالمسنين ..... لولا أن الدعوة ستظل دائما دعوة إلى أنسنة التكنولوجيا سواء في المسرح أو في كل المجالات بلا استثناء وقدر المستطاع.