اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد العربي
نشر بتاريخ: ١٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
يثبت مسار الأحداث في البلاد، عامًا بعد آخر، أنّ الحديث عن سلام شامل دون معالجة الأسباب العميقة للصراع لا يعدو كونه طرحًا نظريًا بعيدًا عن الواقع.
فمنذ اندلاع الأزمة في البلاد، ظلّت قضية شعب الجنوب جوهرًا أساسيًا في معادلة الاستقرار، لا يمكن تجاوزه أو القفز عليه، باعتبارها أحد أهم مفاتيح الحل السياسي وأبرز القضايا التي حملت في طياتها تراكمات تاريخية وسياسية واجتماعية امتدت لعقود.
السلام في البلاد ليس مجرد اتفاق يُوقّع أو تفاهمات تُعلن، بل هو عملية شاملة ترتكز على الاعتراف بالحقوق المشروعة لكل الأطراف، وفي مقدمتها حق الجنوبيين في استعادة دولتهم كاملة السيادة كما كانت قبل 21 مايو 1990م.
وأثبتت التجربة أن تجاهل هذا الحق لم يُنتج سوى مزيد من التوترات، وأن محاولات فرض أطر سياسية لا تعبّر عن الإرادة الشعبية في الجنوب لم تحقق استقرارًا، بل عمّقت الفجوة وزادت من تعقيدات الأزمة.
ويؤكد المجلس الانتقالي الجنوبي، في مختلف مواقفه، أن السلام العادل والمستدام يبدأ من معالجة جذور الأزمة، وليس من معالجة أعراضها.
فقضية شعب الجنوب هي قلب المعادلة، ومن دون وضع حل واضح لها لن يكون لأي اتفاق سياسي القدرة على الصمود أو تحقيق تطلعات الشعوب.
وقد شدد المجلس الانتقالي مرارًا على أن استعادة دولة الجنوب ليست خيارًا سياسيًا فحسب، بل ضرورة لبناء منظومة إقليمية مستقرة تكفل الأمن والتنمية وتقطع الطريق أمام دوائر الصراع.
وبالتالي فإن معالجة جذور الأزمة في البلاد تتطلب مقاربة واقعية تستند إلى المتغيرات على الأرض وإلى الحقائق التاريخية، وليس إلى شعارات تجاوزتها الوقائع.
ولذلك، فإن استعادة دولة الجنوب تمثل الأساس الذي يمكن من خلاله بناء ترتيبات سياسية جديدة، تضمن إدارة رشيدة للموارد، وتضع حدًا للتداخلات التي كانت سببًا في تعثر أي مسار سلمي سابق.
كما أن الاعتراف بالحق الجنوبي في تقرير المصير يسهم في خلق بيئة سياسية أكثر توازنًا، حيث تكون كل الأطراف شريكة في صناعة مستقبلها بعيدًا عن الهيمنة أو الإقصاء، وهو ما يشكل ركيزة مهمة للوصول إلى سلام دائم لا ينهار عند أول اختبار.
وبناء على ذلك، فإن طريق السلام الحقيقي في البلاد يمر عبر الجنوب، ومن دون معالجة قضيته وفق حلول عادلة تضمن استعادة الدولة، سيظل النزاع يدور في دوائر مفرغة.
أما الاعتراف بهذه الحقيقة، فهو الخطوة الأولى نحو انتقال سياسي ناجح يفتح الباب لصناعة مستقبل مستقر وآمن وهو ما يتطلع إليه الجنوبيون.













































