جدة – صلاح الشريف

تعد الكاتبة والمؤرخة الدكتورة هند صالح باغفار، رائدة التراث الشعبي، ومن الرعيل الأول في الصحافة النسائية والأدب، وأول من قام بعمل توثيق وأرشفة كاملة لما يقارب 600 من المهن والحرف والموروثات للتراث الشعبي السعودي، من جميع مناطق المملكة وفي هذة الزاوية نلتقي بالدكتورة هند باغفار للحديث حول عام الحرف وأهميته للنشء، وما قامت به في هذا المجال:

الفنون والأدب والتراث، حدّثينا عن هذا المثلث الذي كان خارطة طريقك.

هذا سؤال ملغم يضم ثلاث أسئلة، عموماً الموضوع بدأ كهواية وعشق للمحاور الثلاث، فقد بدأت منذ كنت في الفصل الخامس ابتدائي، عشقت كل منها على ومن خلال البيئة الثرية التي تربيت بها مما فتح أمامي الأبواب الثلاث لأنهل من معينها برفق وكان والدي ووالدتي خير معين ومشجع لي.

بدايتك مع الصحافة منذ الصغر كمسؤولة للقسم النسائي، تعاملك مع هذا المنصب والصعوبات التي واجهتك معها؟

دخلت معترك الصحافة عبر جريدة عكاظ، البداية كانت مرعبة لطالبة أولى إعدادي، لا أملك إلا طموحاً وثاباً ورغبة جامحة في النجاح، وقد توفي والدي سندي ومعيني، ولكن الله سبحانه حي لا يموت، أمي أشبعت عشقي للتراث، ووقف بجانبي رجال أكفاء وقتها، عم عمر عبدربه وبعده الشيخ علي شبكشي وعبدالله الداري أتاحوا لي الاطلاع على كل ما يصلهم من صحف ومجلات كان ممنوع دخولها، وكذلك ولطالما بكيت بيني وبين نفسي فقد كنت خجولة وكانوا يزجون بي في لقاءات مباشرة، وكانت أمي تدعمني بالنصيحة، وكذلك كتّاب تلك الحقبة اللذين آمنوا بموهبتي من الرياض والطائف وجازان وأبها، وقد عملت معهم جميعاً، ونجحت بفضل الله، وسجلت خلال مشواري حوالي ستة عشر ريادة في تاريخ وطني الكبير.

بدايتك مع الاهتمام بالتراث؟

التراث لم يكن وظيفة ولكنه كان هوساً مجنوناً، حتى لقبوني بعاشقة التراث، المذهل مازالت حتى يومنا هذا من المستحيل أن أسمع معلومة تخص التراث في جميع أصقاع المملكة حاضرة وبادية إلا وأحفظها وترسخ في مؤلفاتي، لذلك عرف عني أني أقدم جميع محاضرات التراث من الذاكرة دونما ورقة ولا قلم، وهذا أقل ما يليق بي.

ما أشهر الحرف اليدوية التقليدية التي يجب الاهتمام بها ورعايتها؟

في آخر محاضرة قدمتها الأسبوع الماضي في مسرح النادي الأدبي وجمعية الثقافة والفنون بجدة ذكرت أني جمعت من المملكة 260 حرفة يدوية، وعرفت الكثير منها مما سمح به الوقت، وأتمنى أن يطال اهتمام المراكز المختصة لكي أقدم لهم كامل المعلومات، وما هي الحرف التي بجب علينا إحياؤها وتعليمها كمهنة أساسية للأجيال المقبلة، أركز كثيراً على عالم التطريز اليدوي وشتى أنواع المناسج اليدوية، ولدينا تراث مذهل بذلك.

ما الفرق بين الحرف اليدوية والصناعات الحديثة؟

الفرق بين الحرف اليدوية ومصنعية التكنولوجيا، تميز الأولى بعدة نقاط، الأولى تعني التفرد والمهارة والقيمة ومصدر كسب حتى لو كان محدودًا، الثانية تعني سرعة الإنجاز وغزارته ونسبة الخطأ في المنتج لا تكاد تذكر.

طبيعي لو تيسر لها الدعاية الكافية والدعم المالي والتعليم لا سيما وبلادنا تتجه إلى جميع عناصر تنشيط السياحة، وقد جرت العادة أن السياح يميلون إلى شراء المنتجات المحلية اليدوية.

تقوم العديد من الجهات الرسمية في المملكة بتوفير المبادرات التعليمية لتشجيع الحرف التقليدية مثل وزارة الثقافة ومؤسسة مسك والمعهد الملكي للفنون التقليدية، وغيرهم. سبل ترسيخ الحرف في عقول النشء في ظل ما نعيشه من تطور تكنولوجي متسارع، الأول نعلم الكبار ثم نتوجه للأطفال، وتبدأ من المنزل، عندي حفيدة واحدة حرصت مذ كانت في الخامسة من عمرها على تعليمها مختلب أنواع الفنون التي أجيدها مثل كتابة القصص القصيرة وصناعة الريزن والرسم ومركبات 3D وغيرها، حتى برعت فيها، حفظها الله ونفع بها بلادها.

لك إصدار عن التراث وعن الحرف، حدّثينا عن هذا الإصدار؟

أقتني كل أدوات الحرف والمهن في البادية والحاضرة، وهذا ما مكننا من عمل 260 لوحة زيتية تضم تلك الحرف وأدواتها وأوجه شيوخها (نقلاً من صور تابعياتهم)، وقمت بتعريب كل حرفة على حدة، مما يحفظ للمقبل أهم رموز زمننا الجميل.