اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
تحليل العلاقة بين جائزة وولف الصهيونية وجائزة نوبل في السياق العربي
د. معن علي المقابلة
تُعدّ الجوائز العلمية الدولية من أبرز أدوات التقدير الأكاديمي على المستوى العالمي، إذ تعكس مدى الإسهام في تطوير المعرفة والبحث العلمي. ومع ذلك، يثير تسلسل منح بعض الجوائز، مثل جائزة وولف وجائزة نوبل، تساؤلات حول احتمالية وجود علاقات أو تداخلات بين الأبعاد العلمية والسياسية في عملية الاختيار، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بعلماء من الدول العربية أو الإسلامية.
أُنشئت جائزة وولف عام 1978 في الكيان الصهيونى، وتُمنح سنويًا في مجالات متعددة، منها الكيمياء والطب والفيزياء والزراعة. ورغم مكانتها العلمية المرموقة، فقد أثارت الجائزة منذ تأسيسها جدلًا حول بعدها السياسي، نظرًا لارتباطها بمؤسسات إسرائيلية رسمية ومراسم تسليمها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
حصل العالم المصري أحمد زويل على جائزة وولف في الكيمياء عام 1993، حيث تسلمها في الأراضي المحتلة خلال لقاء رسمي مع رئيس دولة الاحتلال آنذاك. وبعد ست سنوات، وتحديدًا عام 1999، مُنح جائزة نوبل في الكيمياء تقديرًا لإسهاماته في مجال الفيمتوثانية.
وقد أشار بعض المحللين إلى أن هذا التسلسل الزمني يعكس ارتباطًا محتملًا بين الجوائز، سواء من حيث الترشيح أو من حيث البيئة الأكاديمية والسياسية التي تحيط بها.
كما حاز العالم ذو الأصول الفلسطينية والمولود في العاصمة الأردنية عمر ياغي ويحمل جنسيتها والحاصل أيضاً على الجنسية الأمريكية على جائزة وولف عام 2018، وتسلمها خلال احتفال رسمي في مقر الجائزة داخل فلسطين المحتلة، حيث صافح شمعون بيريز رئيس دولة الاحتلال آنذاك. وبعد سبع سنوات تقريبًا، حصل على جائزة نوبل في الكيمياء تقديرًا لإسهاماته في تطوير الأطر المعدنية العضوية.
تساؤل نقدي حول 'العتبة السياسية” للجوائز العلمية
يثير هذا النمط التساؤل الآتي:
هل كان من الممكن أن يحظى العالمان عمر ياغي وأحمد زويل بجائزة نوبل في الكيمياء لو أنهما رفضا استلام جائزة وولف الصهيونية، على غرار ما فعله الفيزيائي البريطاني ستيفن هوكينغ حين قاطع الجائزة عام 2018 لأسباب أخلاقية وسياسية؟
يرى بعض الباحثين أن هناك ما يمكن تسميته بـ”العتبة السياسية” التي يُتوقع من العالم العربي أو المسلم تجاوزها من أجل القبول الكامل في المؤسسات العلمية الغربية، وهي — بحسب هذا الرأي — القبول بالتعامل الأكاديمي غير المباشر مع مؤسسات إسرائيلية.
ويُنظر إلى هذا الأمر بوصفه إشكالية أخلاقية تتعلق بمبدأ رفض التطبيع الأكاديمي، خاصة في ظل استمرار المقاطعة العالمية المتزايدة للمؤسسات الإسرائيلية. فبينما يختار بعض العلماء الغربيين مقاطعة هذه المؤسسات، نجد في المقابل بعض الباحثين العرب يتعاملون معها، مما يثير نقاشًا واسعًا حول التوازن بين الاستقلال الأكاديمي والاعتبارات الأخلاقية والسياسية.
يمكن القول إن العلاقة بين جائزة وولف وجائزة نوبل في السياق العربي تظل موضوعًا مفتوحًا للتحليل الأكاديمي، حيث تتقاطع فيه العوامل العلمية والسياسية والأخلاقية. وتبرز الحاجة إلى مزيد من الدراسات المقارنة لتحديد مدى واقعية الفرضية القائلة بوجود 'بوابة سياسية” غير معلنة للجوائز الكبرى، دون إغفال أهمية تقييم الإنجازات العلمية بمعزل عن السياقات الجيوسياسية.












































