اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ٣٠ كانون الأول ٢٠٢٥
أثارت التعديلات الأخيرة التي أقرتها الجهات المختصة في المملكة بشأن تأشيرات الزيارة العائلية موجة واسعة من الجدل والقلق بين أوساط المقيمين، بعدما دخلت حزمة من الشروط الجديدة حيز التنفيذ بشكل فوري، ما انعكس بشكل مباشر على قدرة آلاف الأسر على لمّ شملها داخل المملكة.
وجاءت هذه التحديثات ضمن إطار تنظيمي جديد يهدف – بحسب الجهات الرسمية – إلى ضبط ملف الزيارات العائلية والحد من التجاوزات والمخالفات النظامية، إلا أن التطبيق الصارم والمباشر لهذه الشروط خلق حالة من الارتباك القانوني والاجتماعي، خاصة لدى المقيمين الذين اعتادوا خلال السنوات الماضية على قدر من المرونة في هذا الملف الحساس.
معاناة إنسانية خلف القرارات التنظيمية
وراء الأرقام واللوائح، برزت قصص إنسانية مؤثرة تعكس حجم الأثر النفسي والاجتماعي لهذه التعديلات، من بينها قصة المقيم المصري أحمد، الذي كان يخطط لاستقدام والدته المسنّة لزيارته والاطمئنان على حالتها الصحية، إلا أن طلبه قوبل بالرفض بسبب عدم استيفاء شرط صلاحية جواز السفر لمدة ستة أشهر كاملة.
تحول حلم لقاء الأم إلى أزمة نفسية، وسط أنظمة لا تسمح بأي استثناءات، وهو واقع تكرر مع عشرات الحالات الأخرى لمقيمين من جنسيات مختلفة، وجدوا أنفسهم عاجزين عن استقبال آبائهم أو زوجاتهم أو أبنائهم، رغم استقرارهم الوظيفي والقانوني داخل المملكة.
ستة شروط جديدة تحكم تأشيرات الزيارة العائلية
وأعلنت الجهات المختصة اعتماد ستة شروط أساسية لتنظيم إصدار تأشيرات الزيارة العائلية، تم تطبيقها بشكل فوري، وجاءت على النحو التالي:
أولاً: يشترط أن تكون إقامة المستضيف سارية المفعول وتغطي كامل فترة الزيارة المطلوبة.
ثانياً: ضرورة أن يكون جواز سفر الزائر ساري الصلاحية لمدة لا تقل عن ستة أشهر عند تقديم الطلب.
ثالثاً: قصر الزيارة العائلية على أقارب الدرجة الأولى فقط، وهم الوالدان، الزوج أو الزوجة، والأبناء.
رابعاً: اشتراط أن تكون إقامة المستضيف بغرض العمل، وعدم السماح للمرافقين بتقديم طلبات زيارة عائلية.
خامساً: إيقاف إصدار تأشيرات الزيارة العائلية خلال مواسم الحج والعمرة.
سادساً: فرض رسوم مالية تبدأ من 200 ريال للتأشيرة المفردة، وتصل إلى 500 ريال للتأشيرة المتعددة.
وأدى غياب أي فترة انتقالية قبل التطبيق إلى مفاجأة عدد كبير من المقيمين، الذين كانوا قد أعدّوا خططهم الأسرية بناءً على النظام السابق.
فئات ممنوعة من دخول المملكة نهائيًا
إلى جانب الشروط التنظيمية، شددت السلطات السعودية على منع عدد من الفئات من دخول المملكة نهائيًا ضمن نظام الزيارات، في إطار تعزيز الأمن الوطني والصحي. وتشمل هذه الفئات أصحاب السوابق الجنائية، والمدرجين على قوائم الإرهاب، والمطلوبين أمنيًا، ومنتهكي قوانين الإقامة والعمل، والمتورطين في قضايا التهريب، إضافة إلى حاملي الأمراض المعدية.
وتعتمد الجهات المختصة على أنظمة إلكترونية متقدمة مرتبطة بقواعد بيانات محلية ودولية، لضمان دقة الفحص ومنع أي تهديدات أمنية أو صحية محتملة.
آثار اجتماعية ونفسية متزايدة
خلّفت هذه الإجراءات حالة من القلق الاجتماعي بين المقيمين، خاصة أولئك الذين يعتمدون على الزيارات العائلية للحفاظ على استقرارهم النفسي والأسري. ويرى متابعون أن التشدد في تطبيق المعايير دون مراعاة الحالات الإنسانية الطارئة، قد يزيد من الضغوط النفسية ويؤثر على الإنتاجية والاستقرار الاجتماعي.
رأي الخبراء في التعديلات الجديدة
وفي هذا السياق، أوضح خبير قانون الهجرة الدكتور خالد العتيبي أن هذه التعديلات تهدف بالأساس إلى تنظيم سوق الزيارات والحد من المخالفات المتكررة، مؤكدًا أن أنظمة مشابهة مطبقة في عدد من دول الخليج.
وأشار العتيبي إلى أن المجتمعات غالبًا ما تحتاج إلى فترة زمنية للتكيف مع الأنظمة الجديدة، رغم ما تسببه من صعوبات مؤقتة في بدايتها.
ارتباط القرارات برؤية المملكة 2030
وتأتي هذه التحديثات في سياق رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تطوير الأنظمة الإدارية، وتعزيز الأمن، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمقيمين والزائرين، مع الالتزام بالمعايير الدولية في مكافحة الجريمة وحماية الصحة العامة.
بين التنظيم ولمّ الشمل
وبينما تؤكد الجهات الرسمية أهمية هذه الإجراءات لأسباب تنظيمية وأمنية، يبقى التحدي الأكبر في تحقيق توازن عادل بين تطبيق القوانين الصارمة ومراعاة البعد الإنساني، خاصة في الحالات الصحية والطارئة، حتى لا تتحول الأنظمة إلى عائق دائم أمام الروابط الأسرية.










































