بدأ الذكاء الاصطناعي يشق طريقه إلى كافة المجالات، ومن بينها صناعة السيارات، حيث تستخدم شركة بوليستار السويدية، على سبيل المثال، مساعد الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل في سياراتها. فإلى أي مدى وصل الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع؟

وأفادت مجلة السيارات الألمانية 'أوتو جاتسيته' أن أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي للسائقين اليوم يتمثل في المساعد الصوتي، الذي تطور من مجرد فهم أوامر بسيطة إلى القدرة على تفسير التعليمات المعقدة والمشفرة، والتحكم في نظام الملاحة، وتشغيل الموسيقى، وضبط التكييف. وتقنياً، تعتمد هذه الأنظمة على التعلم الآلي لتفسير الجمل المنطوقة بشكل طبيعي.

أنظمة مساعدة السائق

وأضافت المجلة أن الأهمية الكبرى للذكاء الاصطناعي تكمن في عمله الخفي في الخلفية، مثل أنظمة مساعدة السائق التي تقرأ إشارات المرور، وتتعقب المسارات، وتكشف المشاة وراكبي الدراجات. وتعتمد هذه الأنظمة على الكاميرات وأجهزة استشعار الرادار لتجميع البيانات، وتقييمها باستخدام خوارزميات التعرف على الصور، كما تشمل أنظمة تثبيت السرعة التكيفية، والمساعدة في الحفاظ على المسار، والكبح التلقائي في حالات الطوارئ.

ولا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على أثناء القيادة فقط، بل يمتد إلى مرحلة ما قبل ذلك، حيث يستخدم المهندسون التعلم الآلي لمحاكاة آلاف مواقف القيادة، مما يسمح باختبار أنظمة مساعدة السائق الجديدة دون الحاجة إلى قيادة ملايين الكيلومترات على الطرق الحقيقية. كما يسهم الذكاء الاصطناعي في تطوير المواد وأبحاث البطاريات من خلال تحليل كميات ضخمة من البيانات، واكتشاف الأنماط، واقتراح أفضل الأساليب. وحتى في التصنيع، تراقب برامج التعرف على الصور اللحامات وطلاء السيارات بدقة تفوق العين البشرية، وكل ذلك دون توقف أو تعب.

التعلم من تفضيلات السائق

وفي المستقبل القريب، سيكون الذكاء الاصطناعي ملموساً أكثر للسائقين من خلال الخدمات الشخصية، حيث تتعلم المركبات تفضيلات المستخدمين فيما يتعلق بوضعية الجلوس، وأسلوب القيادة، واختيار المسار، لتعديل كل شيء تلقائياً عند دخول السائق. ويُكمّل ذلك الصيانة التنبؤية التي توفر إنذارات مبكرة بالأعطال المحتملة، مما يقلل مشاكل المستخدمين ويسهّل على الشركات إدارة خدماتها.

كما ستنتشر وظائف القيادة شبه الآلية بسرعة، لا سيما أنظمة المساعدة على ركن السيارة، وأنظمة المساعدة في الازدحام المروري التي تتولى القيادة لفترات قصيرة أو طويلة. وفي المستقبل البعيد، قد يتم الاستغناء كلياً عن القيادة اليدوية، حيث يتولى الذكاء الاصطناعي القيادة بالكامل، مبدئياً على مسارات محددة، ولاحقاً في بيئات أكثر تعقيداً.

ويلعب الاتصال دوراً محورياً، حيث تتواصل المركبات مع إشارات المرور الذكية، وأنظمة إدارة المرور، والمركبات الأخرى لاتخاذ قراراتها بناءً على شبكة معلومات أوسع. ومن المتوقع أيضاً أن تدخل تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى قمرة القيادة، عبر مساعدين صوتيين تفاعليين قادرين على تقديم توصيات وتسلية السائق، وليس مجرد تنفيذ الأوامر.

مساعد قيادة غير مرئي

وعلى الرغم من كل هذه التطورات، سيظل الذكاء الاصطناعي في السيارات مختلفاً عن التصورات المثالية أو المخاوف الشائعة؛ فهو لن يظهر كسائق آلي مستقل بقدر ما سيكون مساعد قيادة غير مرئي، يعزز السلامة، ويقلل التكاليف، ويجعل الحياة اليومية أكثر راحة.

ومع ذلك، يثير هذا التطور العديد من التساؤلات، بدءاً من أمن البيانات وشفافية الخوارزميات، وصولاً إلى المسؤولية القانونية عن الأخطاء، ولا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به في هذا المجال.