من كان يصدق أن الروبوتات والذكاء الاصطناعي التي كنا نشاهدها في أفلام الخيال العلمي، ستصبح زملاءنا في العمل؟ بل وربما... بدلاءنا. نحن نعيش لحظة تحول لا تشبه أي لحظة أخرى في التاريخ المهني. تغيّرات تتسارع، ووظائف تختفي، وأسئلة كثيرة تتزاحم في أذهان الشباب، والأهالي، وصناع القرار: هل نحن مستعدون؟ هل سنبقى نُعدّ أبناءنا لوظائف لم تعد موجودة؟ في كل عصر، تغيّرت طبيعة العمل. لكن الفارق اليوم أن التكنولوجيا تركض بسرعة، فيما أنظمتنا التعليمية والتدريبية تمشي الهوينى. والنتيجة؟ فجوة متسعة بين المهارات المطلوبة، والمهارات التي نُدرّسها. العالم يتغير... فماذا عنّا؟ في الأردن، كما في دول كثيرة، تتكرر القصة: خريجون يحملون شهادات عليا، يبحثون عن عمل... وشركات تبحث عن كفاءات، ولا تجدها. السبب؟ السوق يريد مرونة، مهارات رقمية، تفكير نقدي، وابتكار. أما المناهج، فما زالت تدرّس ما يُنسى بعد الامتحان. لكن لنكن منصفين: ليس كل شيء مظلم. هناك فرص، وهناك رؤى، وهناك أمل. رؤية التحديث الاقتصادي 2033، وأجندة التنمية المستدامة، يمكن أن تكون خارطة طريق حقيقية... لو ربطناها بالواقع، وبالناس، وبالقطاعات التي تُلامس حياة المواطن يوميًا.الفرص لا تختفي... بل تتغير ملامحها قد تختفي وظيفة موظف الأرشيف، لكن تظهر وظيفة أخصائي أمن معلومات. قد تقل فرص عامل البناء، لكن تزداد فرص من يصمم البيوت الذكية. الفرص لم تنتهِ، لكنها أصبحت ترتدي وجوهًا جديدة. فلننظر إلى قطاعاتنا الحيوية... بعيون جديدة: البلديات: ليست مجرد خدمات، بل فرصة لخلق وظائف خضراء: تدريب على الطاقة الشمسية، إدارة نفايات ذكية، زراعة مجتمعية، وخدمات رقمية تُوظف الشباب وتخدم الأحياء. الصحة: الرعاية الصحية لم تعد فقط مستشفيات. الذكاء الاصطناعي، الطب عن بُعد، والوقاية المجتمعية تفتح أبوابًا لوظائف لم تكن موجودة. لكننا نحتاج إلى كوادر مؤهلة تعرف كيف تتعامل مع التقنية وتفهم احتياجات الناس. الزراعة: الزراعة ليست مهنة الماضي، بل بوابة المستقبل. من الزراعة الذكية إلى الطائرات المسيّرة وتحليل البيانات، نستطيع أن نعيد الحياة إلى الريف ونبني اقتصادًا يزرع الأمل. التنمية ليست رفاهية... بل ضرورة للبقاء كما جاء في مقال البنك الدولي الأخير، التنمية ليست مجرد تحسينات، بل هي الطريقة التي نبقى بها أقوياء، ونتنافس، وننمو، ونحمي أنفسنا. التنمية تخلق الأمان. عندما يكون لدى الناس عمل كريم، يقل الغضب، وتتراجع الهجرة، وتضعف أسباب الجريمة. التنمية ليست فقط أرقامًا في التقارير، بل هي وجوه الناس في الشوارع، ومدارسهم، ومستشفياتهم، وفرصهم. هل نغرق أم نسبح؟ التغيير قادم... الوظائف التقليدية تختفي... لكن الإنسان لا يختفي. بل يعيد اختراع نفسه، ويجد طريقًا جديدًا كلما أُغلق باب. فهل ننتظر الموجة حتى تغرقنا؟ أم نسبح نحو المستقبل بخارطة طريق جريئة، ذكية، وإنسانية... تبدأ من واقعنا، وتحلم بمستقبل لا يترك أحدًا خلفه؟