في تصريحات مثيرة أطلقها من العاصمة القطرية الدوحة، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن عرض مفاجئ من الهند يقضي بإلغاء شبه كامل للرسوم الجمركية على السلع الأمريكية.

وقال ترامب إن الهند، التي وصفها بأنها من أكثر الدول فرضًا للضرائب على الواردات، أعربت عن استعدادها لفتح أسواقها أمام المنتجات الأمريكية في خطوة من شأنها أن تعزز التجارة الثنائية وتقلّص العجز التجاري لصالح واشنطن. وأكد أن هذا العرض يُمثّل 'فرصة تاريخية'، على حد وصفه، دون أن يقدّم تفاصيل بشأن ما إذا كان العرض رسميًا أو في إطار محادثات غير معلنة.

الهجوم لم يخلُ من رسائل مباشرة إلى الشركات الأمريكية، إذ انتقد ترامب الرئيس التنفيذي لشركة 'آبل'، تيم كوك، بسبب توسعة أعمال الشركة في الهند.

وقال إن توجه آبل نحو نقل التصنيع من الصين إلى الهند لا يخدم الاقتصاد الأمريكي، داعيًا الشركات الكبرى إلى تبنّي مبدأ 'أمريكا أولاً' حتى في سياساتها التصنيعية.

ورفض ترامب ما اعتبره 'تغريبًا للصناعة الأمريكية' في سبيل البحث عن التكاليف الأرخص، مؤكدًا أن الوقت قد حان لاستعادة الوظائف إلى الداخل.

حتى صباح الخميس، لم تصدر الحكومة الهندية أي تعليق رسمي على تصريحات ترامب، ما ترك الباب مفتوحًا أمام التساؤلات حول صحة أو دقة ما أعلنه الرئيس الأمريكي. غياب الرد زاد من الغموض بشأن طبيعة العرض الذي تحدث عنه ترامب، خاصة في ظل التوترات التجارية المستمرة بين واشنطن ونيودلهي خلال السنوات الماضية.

وفي جانب آخر من حديثه، تناول ترامب الملف النووي الإيراني، ملوّحًا بإمكانية التوصل إلى اتفاق جديد بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي.

وقال إن إيران 'تقترب من التخلي عن طموحاتها النووية'، في ما بدا تلميحًا إلى مفاوضات جارية خلف الكواليس. هذا التصريح ترك أثرًا مباشرًا في الأسواق، إذ تراجعت أسعار النفط بنسبة قاربت 3%، في ظل قلق المستثمرين من أن يؤدي أي اتفاق محتمل إلى رفع القيود على صادرات النفط الإيراني، ما يعني زيادة المعروض العالمي من الخام.

وقد انعكست تصريحات ترامب على أداء الأسواق المالية، حيث تراجعت العقود الآجلة للمؤشرات الأمريكية بعد موجة ارتفاع دامت ثلاثة أيام على خلفية تهدئة مؤقتة في الحرب التجارية مع الصين. كما تراجعت عائدات السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات، في حين انخفضت أسعار النفط إلى ما دون 62 دولارًا للبرميل، مع تصاعد المخاوف من إغراق السوق بإمدادات نفطية إضافية في حال التوصل إلى اتفاق نووي جديد.

تأثر قطاع التكنولوجيا كذلك بهذه التصريحات، إذ تراجعت أسهم شركة آبل في تداولات ما قبل افتتاح السوق، نتيجة الهجوم المباشر من ترامب على استراتيجيتها التصنيعية في الهند. بالمقابل، أعلنت شركة 'وولمارت' عن نتائج إيجابية طمأنت الأسواق جزئيًا، حيث أظهرت مرونة في التعامل مع الضغوط التجارية رغم تحذير مديرها المالي من أن التأثير الكامل للرسوم الجمركية لم يظهر بعد. وقد ساهمت هذه النتائج في دعم السهم ورفع معنويات المستثمرين، ولو بشكل مؤقت.

وينتظر المستثمرون الآن نتائج أرباح شركتي 'Applied Materials' و'Take-Two Interactive'، المتوقع صدورها في وقت لاحق من يوم الخميس. وتأتي هذه الترقبات وسط حالة من القلق والتقلبات التي يعيد ترامب تأجيجها عبر تصريحاته من الدوحة، في مشهد يعكس تداخلاً معقدًا بين السياسة والتجارة والطاقة، يستمر في تشكيل معادلات الأسواق العالمية.