أعلنت شركة الخطوط الجوية الأسترالية 'كانتس' عن تعرّض بيانات نحو 5.7 مليون من عملائها للاختراق والنشر عبر الإنترنت، في حادثة تعدّ من أوسع الهجمات السيبرانية التي تطال شركات الطيران عالمياً خلال العام الجاري.

وذكرت الشركة، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية، أن هذا التسريب مرتبط بهجوم إلكتروني واسع استهدف نظام شركة البرمجيات 'سيلز فورس'، الذي تعتمد عليه مؤسسات كبرى حول العالم، من بينها ديزني، وغوغل، وإيكيا، وتويوتا، وماكدونالدز، إلى جانب شركات طيران أخرى مثل إير فرانس و'كيه إل إم'.

وأضافت 'كانتس' أن القراصنة طالبوا بفدية مالية مقابل الامتناع عن نشر البيانات المسروقة، مشيرة إلى أن المتسللين حصلوا على معلومات تشمل أسماء العملاء، وعناوين البريد الإلكتروني، وأرقام الهواتف، وتواريخ الميلاد.

لكن الشركة أكدت أن تفاصيل بطاقات الائتمان وجوازات السفر لم تكن مخزّنة في النظام الذي تم اختراقه، ما قلّل من حجم الأضرار المحتملة.

وأوضح متحدث باسم الشركة أن الهجوم يعود إلى حادثة سيبرانية وقعت في يوليو 2025، استهدفت منصة خارجية تتعامل معها 'كانتس'، وليست أنظمتها الداخلية بشكل مباشر.

وأشار إلى أن الشركة تتعاون مع خبراء الأمن السيبراني لتحديد حجم البيانات التي تم نشرها، مضيفاً أنها قدّمت طلباً قضائياً للمحكمة العليا في نيو ساوث ويلز لمنع استخدام أو تداول المعلومات المسروقة.

وربط محللون في أمن المعلومات هذا الهجوم بمجموعة إلكترونية تُعرف باسم 'صيادو مجموعة لابسس المتفرقين' (Scattered Lapsus$ Hunters)، والتي تتبنى نهجاً قائماً على سرقة البيانات وابتزاز الشركات الكبرى.

ووفقاً لتقارير استخباراتية من خدمة 'فالكون فييدز'، نُشرت البيانات المسروقة بالفعل على شبكة الإنترنت المظلمة (الدارك ويب) خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلى جانب بيانات شركات أخرى مثل 'فيتنام إيرلاينز' و'غاب' و'فوجي فيلم' اليابانية.

وأشار خبراء إلى أن القراصنة استخدموا أسلوب 'الهندسة الاجتماعية' لخداع موظفي الشركات، عبر التظاهر بأنهم موظفون في الدعم الفني للحصول على صلاحيات دخول حساسة، وهو تكتيك حذّر منه مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) مؤخراً.

ويأتي هذا الهجوم في ظل تصاعد غير مسبوق للهجمات السيبرانية على المؤسسات الأسترالية، ما أثار تساؤلات حول جاهزية البنية التحتية الرقمية في البلاد.

ففي العام الماضي، اضطرت 'كانتس' للاعتذار بعد خلل في تطبيقها أتاح عرض بيانات بعض المسافرين، كما شهدت الموانئ الأسترالية في 2023 توقفاً جزئياً في عملياتها بعد هجوم إلكتروني استهدف 'مشغّل موانئ دبي'.

وفي 2022، تعرضت إحدى أكبر شركات التأمين الصحي الأسترالية لاختراق كبير يُعتقد أن منفذيه من روسيا، ما أدى إلى تسريب بيانات أكثر من تسعة ملايين عميل.

هذا التصاعد المتواصل في الهجمات دفع خبراء الأمن الرقمي إلى الدعوة لتشديد الرقابة والتعاون بين القطاعين الحكومي والخاص لحماية بيانات المواطنين، وتعزيز أنظمة الدفاع الإلكتروني في مواجهة تصاعد تهديدات القرصنة العالمية.

وفي الوقت الذي تسعى فيه 'كانتس' لاحتواء تداعيات الاختراق، تتزايد المطالب داخل أستراليا بضرورة إعادة تقييم سياسات الأمن السيبراني الوطنية، لضمان حماية الخصوصية العامة في عصر التحول الرقمي المتسارع.