اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
حزبيون في البرلمان ، وأحزاب بلا قواعد شعبية ، هل بتنا بحاجة لتحديث سياسي من نوع آخر ؟ #عاجل
كتب د. محمد أبو بكر
حين يقول لنا أصحاب الشأن بأن البرلمان الأردني يضم بين جنباته أكثر من مائة نائب حزبي ، تشعر حينها وكأن كل الأردنيين قد انخرطوا في العمل الحزبي ، في حين أن غالبية المواطنين لا يعرفون شيئا عن الأحزاب السياسية ، ولا يكترثون أصلا لوجودها ، والسبب هو عدم القناعة بما تطرحه ، وعجزها عن صناعة القاعدة الشعبية المؤثرة والمؤازرة .
على مدى أيام قليلة قمت باستطلاع عشوائي ، شمل مائة وعشرين شخصا ، من الأقرباء والأصدقاء وأصحاب المحال التجارية في شارعنا ، كانت لدي رغبة في الحصول على معلومة حول اهتمام الناس بالأحزاب ، ووجهت سؤالا واحدا فقط .. أذكر لي أسماء خمسة أحزاب أردنية؟
كانت النتيجة أن أكثر من ثمانين شخصا ذكروا جبهة العمل الإسلامي ، وفي المرتبة الثانية وبفارق كبير حزب إرادة ، ثم الإتحاد الوطني ، غالبية المستطلعة آراؤهم لم يتمكنوا من ذكر الأسماء الخمسة بشكل صحيح ، وكانت مفاجأة لدى بعضهم بأن ذكروا بالنص.. الحزب بتاع عبد الهادي المجالي ، رغم أن الرجل في دار الحق ، وآخرون ذكروا نصا .. حزب الخشمان ، هذا ما وجدته لدى هؤلاء الذين استطلعت آراءهم .
يعتقد القائمون على القوانين الأردنية ، بأن رفع عدد المؤسسين إلى ألف شخص قد يصنع حزبا سياسيا ، وهذا يجانب الصواب تماما ، فالحزب السياسي هو القادر على إقناع الناس بفكره وبرامجه، والمتمكن من صناعة القاعدة الشعبية ، وهذا ماتفتقر إليه معظم الأحزاب في الأردن.
نحن لا نعيش حياة حزبية ، مازلنا بعيدين جدا عنها ، لم نصل بعد لمرحلة الأحزاب الحقيقية التي تلامس هموم المواطنين ، لم أشهد حزبا يمتلك فكرا ، لم أقرأ برنامجا يجعلني أقف على أقدامي وأقول .. وجدتها !
العمل الحزبي في الأردن مازال يلتصق بأشخاص ، ورغم رحيل عبد الهادي المجالي ، فإن البعض مازال يذكره .. حزب المجالي ، والإتحاد الوطني يلتصق بالكابتن محمد الخشمان ، حزب الخشمان ، ليس عيبا كل ذلك ، واحترم كل الشخصيات التي انخرطت في العمل الحزبي ، غير أننا نبتعد سنوات ضوئية عن العمل الحزبي ، الذي يمكن لنا أن نؤمن به .
في خمسينيات القرن الماضي سيطرت الأحزاب القومية واليسارية على الساحة ، وكانت تمتلك قواعد شعبية مؤثرة ، وفازت بغالبية مقاعد البرلمان ، وشكلت حكومة حزبية برئاسة زعيم الحزب الوطني الاشتراكي سليمان النابلسي ، في تلك الفترة قام كل من المرحوم سمير الرفاعي والمرحوم احمد الطراونة بتشكيل حزبين ، ولكنهما فشلا في مواجهة الآخرين ، وعجزا عن تشكيل قاعدة شعبية ، وانسحبا من الساحة السياسية.
ماذا نريد اليوم ؟ رئيس لجنة التحديث السياسي رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي غسل يديه من مخرجات اللجنة وخاصة ما يتعلق بالأحزاب ، وقالها بصراحة .. لم يكن هذا الذي نريده ونطمح إليه ، ولذلك ماذا نريد؟
تحديث سياسي من نوع آخر وشكل آخر ، ولكن كيف ؟ أنا شخصيا لا أعلم ، ولكن يمكن الاستعانة بتجارب الآخرين ، وأن لا نكرر العبارة التي لم نملّ منها .. الأردن له خصوصية ، نحن لا نختلف عن الآخرين ، الديمقراطية هي الديمقراطية ، وعلى الأحزاب السياسية أن تدرك مسألة هامة وهي أن كل حزب سياسي غير مشارك في الحكومة هو حزب معارض ، عليه ممارسة دوره في الرقابة على الحكومة ، لا أن يكتفي بمدحها أو نقدها من خلال بيان هنا أو هناك .
العمل الحزبي ليس ديوانا عائليا ، بل عمل وطني يجدر بنا أن نفهمه جيدا ، والتزام جدي أمام المواطن الذي يستحق أحزابا تدافع عنه وتحمل همومه وقضاياه ، نحتاج احزابا بأفكار واضحة ومفهومة ، وبرامج واقعية فيها التجديد والإبداع ، لا مجرد أنظمة داخلية هي نسخ كربونية عن بعضها البعض .
أكثر من مائة نائب حزبي ، يالطف الله ، كيف وصلنا إلى ذلك ، ومازلنا نفتقر للحياة الحزبية ،؟ والمحصلة تقول بأن الإسلاميين مازالوا يتصدرون المشهد فيما يتعلق بالقواعد الشعبية ، في حين لم يجد الآخرون الوسيلة الناجعة للوصول إلى هذا الهدف .












































