اخبار تونس
موقع كل يوم -أنباء تونس
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
انتظم أيّام 23، 24 و 25 ماي 2025 برحاب مركز الموارد الجمعياتيّة بحومة السوق الملتقى الدولي تحت عنوان: «جزيرة جربة عبر التاريخ: من المحلّية إلى العالميّة» بتنظيم مشترك بين مركز البحوث والدراسات حول الاباضية «Ibadika» (مركز تأسّس سنة 2013 لغاية حفظ وتوثيق تاريخ الاباضية وتراثها. مقرّه بباريس، الدائرة 13) وجمعية صيانة جزيرة جربة «Assidje» (تأسّست في 26 ماي 1976).
أ. د.عادل بن يوسف
أمّا المنسق العام للملتقى فهو أستاذ التاريخ والآثار الاسلامية بجامعة القيروان، الأستاذ أحمد الباهي الذي بعث للغرض فريقا علميا من مختلف الاختصاصات واستعان بلجنة تنظيم بالجزيرة ضمّت خيرة الأساتذة وهم: الأستاذ النشيط فتحي بن معمّر والأستاذة المتألقة على الدوام، خولة القاضي (رئيسة جمعية صيانة جزيرة جربة) والرجل الخدوم الذي لا تفارقه الابتسامة، السيّد محفوظ دحمان والأساتذة الأجلاء الأكفاء: سفيان المستاوي والمنجي بن معلّى و النوري بوخشيم (أستاذ التراث بالمعهد التحضيريّ لدار المعمين بتونس).
تنظيم مُحكمٌ و مشاركون من سبع دول
شارك في الملتقى 42 باحثا من سبع جامعات ومراكز بحث أجنبية وجلّ الجامعات التونسية والمعهد الوطني للتراث (بفروعه بكلّ من تونس و الساحل والجنوب الشرقي)، إضافة إلى مشاركة باحثين في مستوى الماجستير والدكتوراه، قدّموا مداخلات أو عرضوا معلّقات ولوحات فنيّة ومخطّطات في بهو قاعة المحاضرات اختزلت بحوثهم حول تاريخ وتراث ومعالم جزيرة الأحلام.
و كان سير أشغال الندوة على غاية من الدقّة والتنظيم. هذا إلى جانب زيارة عديد المعالم والمواقع ومراكز البحث بالجزيرة وفي مقدمتها: المكتبة البارونية، أفران الفخّار بقلاّلة وأهمّ مساجد وجوامع جربة مثل جامع الباسي… ومدينة مينانكس الرومانية حيث استمعوا في طريق العودة إلى شرح مفصّل على عين المكان من قبل الأستاذ علي درين، الباحث المختصّ في تاريخ المدينة ومدير الدراسات بالمعهد الوطني للتراث.
التأريخ للجزيرة وحفظ ذاكرتها وتراثها
رسم الفريق العلمي الذي أعدّ لهذا الملتقى الدولي كما ينبغي دراسة تاريخ وتراث جزيرة جربة من خلال سبع محاور رئيسة وهي تباعا:
1– مصادر تاريخ جزيرة جربة: المصادر الأثرية والوثائقية الجديدة، مصادر بحاجة إلى إعادة نظر (النقائش والمسكوكات، المخطوطات، الأدب التاريخي، الخرائط، الأرشيف الرسمي والعائلي، البحو ث الأثرية، الاستكشافات الأثرية والحفريات، مواد البناء وتقنياته، الترميم، صيانة التراث المعماري، تثمين التراث و توظيفه والسياحة الثقافية.
2– التراث المادي واللامادي: الإستكشاف الأثري والحفريات، مواد البناء وتقنياته، الترميم، صيانة التراث المعماري، تثمين التراث و توظيفه والسياحة الثقافية…
3 – العمارة والعمران واشتغال الأرض: اشتغال الأرض، تنظيم المجال، العمارة العمومية والعمارة الخاصة، التحصينات، الفنون و الصناعات والحرف…
4– الأديان والمذاهب: اليهودية، المسيحية و الإباضية…
5- التراث غير المادي: اللغات واللهجات، العروض والاحتفالات والتراث الغنائي، المعتقدات و الطقوس والرموز، العادات و الممارسات الاجتماعية والألعاب الشعبية، الفنون والمهارات والتراث الغذائي..
6– جربة والعالم: جربة والمتوسط، جربة والصحراء، جربة وإفريقيا/إفريقية/ تونس، الجزيريّة، الهويّة الجربيّة، وجربة تراث عالمي…
7– أعلام جربة: الأدباء والأدب الجربي، العلماء، السياسيّون و الجرابة خارج جربة….
محاور بحث متنوّعة
تمّ الخوض في مباحث هذا الملتقى من خلال عشر جلسات علمية قدّم خلالها 42 باحثا وأكادميّيا مختصّا في التاريخ والآثار والتراث الثقافي والديني وعلم الاجتماع وتحقيق وحفظ وترميم المخطوطات والسير والأعلام… من تونس وخارجها، مداخلات باللغتين العربية والفرنسية.
حملت المحاضرة الافتتاحية للملتقى عنوان: «جزيرة جربة: تعدّد الأبعاد» وهي من تقديم أستاذ الجغرافيا الطبيعية وعضو بيت الحكمة وابن الجزيرة، الأستاذ المنجي بورقو. وقد بيّن فيها تعدّد أبعاد جربة الجغرافية والتاريخية والبشرية…، ممّا أهلها للقيام بأدوار هامة، منذ ما قبل التاريخ إلى اليوم والانتقال من المحلّية إلى العالمية، معدّدا الأمثلة المجسّمة لهذه التعدديّة وكل الأدوار التي لعبتها في الزمان والمكان.
وبالنسبة للمحاضرين من الدول الشقيقة والصديقة فقد أتوا من سبع دول وهم تباعا: الأستاذ 'كورت فرانز 'Kurt Franz' (من جامعة هامبورغ بألمانيا) و الأستاذة نورة اللافي (جزارية تدرّس بمعهد ماكس فيبير بجامعة آرفورت بألمانيا) و الأستاذ 'فرموندو بروقناتلّي' Vermondo Brugnatelli ' (من جامعة ميلانو بإيطاليا) و الأستاذ 'أنطونيا بوسنكي 'Antonia Bosanque' (من جامعة أوترشت بهولندا) و الأستاذة 'فرجني بريفو 'Virginie Prevost' (من الجامعة الحرّة ببروكسال/ بلجيكا) والأستاذ أحمد مصلح (من سلطنة عُمان) و الأستاذ محمّد الورفلّي (من جامعة آكس بفرنسا) والأستاذ منجي بن معاد (عن مركز البحوث في تاريخ الاباضية بباريس) والأستاذ (من جامعة غرداية بالجزائر). وقد تعذّر علىى الأستاذ نور الدين الثنَيْ (من جامعة نالوت بليبيا) القدوم بسبب الأحداث الأمنية الخطيرة التي تشهدها مؤخرا الشقيقة ليبيا.
أمّا المحاضرون من الجامعات التونسية فهم تباعا: الأستاذ ساسي بن يحيتان (باحث ومحقّق للمخطوطات بجربة) والأستاذ بلقاسم حاجّي (من المكتبة البارونية بجربة) و الأستاذة نجوى طبّجي (المدرسة الوطنية للهندسة بتونس) والأستاذ بلقاسم الحاجي (من جامعة تونس 1) والأستاذ مؤيّد المناري (من جامعة جندوبة) والأستاذان رياض المرابط و نجيب الصغيّر (من جامعة القيروان) و الأساتذة عبد الحميد الفهري وعماد الجربي ومحمّد اللافي والأستاذة سنية حمدي (من جامعة صفاقس) والأستاذة صِدْق السلامي (من مركز الدراسات الاسلامية بجامعة القيروان) والأستاذ محمّد المريمي (من جامعة منوبة) والأستاذ مهنَي توجاني (من جامعة الزيتونة) والأستاذات والأساتذة: خنساء الحنّاشي وزكية بن حاج ناصر اللوم وكريمة العرفاوي وعلي المنصوري وزياد مسلّم (عن المعهد الوطني للتراث بتونس) والأستاذ محمّد علي الخرشفي (عن المعهد الوطني للتراث/ فرع سوسة) والباحثتان في درجة الدكتوراه سوسن الكعبي وغادة بوعجيلة (من جامعة تونس 1) و الأستاذان محمد الجزيراوي و نجيب السلاوتي (رئيس قسم الاثنوغرافيا – محافظ رئيس بالمعهد الوطني للتراث) والأستاذ عماد بن صالح (من المعهد العالي للتنشيط الشبابي والثقافي ببئر الباي ورئيس جمعية تازامّورت) والمنصف بَرْبُو (من المعهد العالي للعلوم الإنسانيّة بمدنين) والأستاذة نادية البوسعيدي (من المعهد العالي للتوثيق بمنوبة) والأستاذ أنور الغضبان (من المعهد العالي للتراث بتونس) وأخيرا كاتب هذا المقال (من جامعة سوسة)، حيث قدّمتُ ورقة باللغة الفرنسية عن أول كاتب الدولة للإعلام في تونس المستقلّة ورائد الصحافة المستقلّة، التونسية و الافريقية وابن قرية المحبوبين بالجزيرة، الأستاذ البشير بن يَحْمَدْ (1928-2021)، وذلك اعتمادا على كتاباته ومذكراته الصادرة عن ابنيه أمبر ومروان خلال سنة 2024 وشهادات البعض ممّن عملوا معه لسنوات وعرفوه عن قرب في مجلّة 'جون أفريك' (Jeune Afrique)، وفي مقدمتهم الأستاذ الصحفيّ رضا الكافي والأستاذتين صوفي بسّيس وسهير بلحسن…، وعنوانها:
« Béchir Ben Yahmed (1928-2021) : itinéraire d’un pionnier du journalisme panafricain et homme d’influence politique ».
يضاف إلى كل هؤلاء حضور ضيوف شرف ترأسوا بعض الجلسات العلمية وفي مقدمتهم الأستاذان المتميّزان أحمد مشارك (عن جامعة تونس 1) وفتحي اليسير (عن جامعة صفاقس). وشأنها شأن مداخلات الأساتذة القادمين من الخارج، فقد أتت مداخلات الزملاء التونسيّين على كل مراحل تاريخ الجزيرة وتراثها ومعالمها وشتاتها وأعلامها…، منذ الفترة القديمة إلى الزمن الراهن.
هذا وقد لاحظنا في الجلسة الختامية حضور وزيرة السياحة السابقة في حكومة السيّد مهدي جمعة (بين 29 جانفي 2014 و05 فيفري 2015) وابنة أصيل الجزيرة، الدبلوماسي الراحل الأستاذ محمّد كربول، المهندسة السيّدة آمال كربول باللباس التقليديّ الجربي (البلوزة والمظلّة).
تكريم أبناء جربة:
وفاء لكل من خدم الجزيرة وتفانى في التعريف بها بالفكر والبحث والنشر، تولّت لجنة التنظيم تكريم أربعة من عمداء البحث الأكاديمي حول جربة وهم تباعا:
– الأستاذة عزيزة بن تنفوس (الباحثة بالمعهد الوطني للتراث وصاحبة عديد الدراسات العلمية حول التراث اللامادي لأهل جزيرة من عادات وتقاليد ولباس وأفراح وأتراح ومأكولات…).
– الأستاذ محمّد شفيق قوجة (أستاذ التعليم العالي في العلوم الموسيقية والباحث في التراث والرئيس السابق لجمعية صيانة جزيرة جربة، الذي وافاه الأجل يوم 11 جانفي 2024 بعد صراع مع المرض).
– الأستاذ فرحات الجعبيري (أستاذ اللغة والآداب العربية بجامعة تونس وصاحب أوّل أطروحة دكتوراه حول »نظام العزّابة عند الاباضيّة الوهبيّة بجربة«…، منشورات المعهد القومي للآثار والفنون بتونس 1975، والتي لا تزال مرجعا لا غنى عنه إلى اليوم) و الذي قدِم للغرض من العاصمة رغم ظروفه الصحيّة الحرجة وتقدمه في السنّ.
– الأستاذ المنحي بورقو (له 15 كتابا وعشرات المقالات حول جربة) ورجل الخفاء إلى جانب أعضاء جمعية صيانة جزيرة جربة تتقدمهم الأستاذة خولة القاضي والأستاذ سامي بن طاهر… الذين بذلوا قصارى جهدهم في الإعداد كما ينبغي والنجاح في ترسيم الجزيرة كتراث عالمي لليونسكو في 18 سبتمبر سنة 2023 زمن إشراف ابنة الجزيرة، الأستاذة حياة قطاط القرمازي على شؤون وزارة الشؤون الثقافية بتونس.
توصيات اللجنة العلمية للملتقى:
في نهاية اليوم الأخير من الأشغال وقبل توزيع الشهادات على المشاركين في الملتقى الدولي وأعضاء هيأة التنظيم، تولّى الأستاذ أحمد الباهي تلاوة توصيات اللجنة العلمية للملتقى و التي تركّزت حول المسائل التالية:
– النجاح االكبير الذي حققه الملتقى من خلال الحضور الكثيف لأبناء الجزيرة بقاعة المحاضرات أو عبر النات، سواء عبر الصفحة الرسمية للملتقى وموقع 'Djerba Scoop' للأستاذ عادل بوطار أو قناة اليوتوب والصّحف الورقية والالكترونية وفي مقدمتها صحيفة »الجزيرة«… الخ.
– ثراء النقاشات في نهاية الجلسات العليمة العشرة بطرح المشاركين في خاتمة مداخلاتهم العلمية المتميّزة لآفاق بحث جديدة حول تاريخ وتراث الجزيرة…
– التعهّد بنشر أشغال الملتقى في كتاب خاصّ يجمع كل الوراقات المقدّمة في الجلسات العلمية العشر.
– الوعد بتنظيم نسخة ثانية ونسخ أخرى لملتقى تراث الجزيرة للبحوث والدراسات تُعنى بمباحث جديدة من تاريخ وتراث ومعالم وأعلام جربة، لا تزال غير معروفة إلى اليوم بقوله: ' عائدون بحول الله إلى الجزيرة'.
هنيئا لمركز البحوث والدراسات حول الاباضية «Ibadika» وجمعيّة صيانة جزيرة جربة و اللجنة العلمية للملتقى وللجرابة والجنوب الشرقي عامة بنجاح أشغال الملتقى الدولي الأول »جزيرة جربة عبر التاريخ: من المحلّية إلى العالميّة«. وجزيل الشكر لكل الإخوة الذين سهروا على حسن تنظيم هذا الملتقى وحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة من مختلف مواقعهم.
يقيني أنّ تاريخ وتراث كل مدينة أو جهة في تونسنا الجميلة، هو مكان لا يتجزأ من هويّة وتاريخ وتراث أهاليها. ولا يمكن التعريف بها والبحث حولها بغاية تطويرها نحو الأفضل، إلاّ بتضافر جهود كافة أبنائها من الداخل والخارج على غرار ما قدّمه الجرابة لجزيرتهم.
جامعة سوسة.