اخبار تونس
موقع كل يوم -أنباء تونس
نشر بتاريخ: ٢٠ تموز ٢٠٢٥
من الغريب فعلا أن يتكاسل العرب والمسلمون عن أداء واجبهم المقدّس تجاه أهلهم في غزة، ومن العجب العُجاب أن يعتلي المسلمون المنابر ويتوجهون للمحراب خمس مرات في اليوم ولا يستجيبون لنداء واستغاثة إخوانهم المسلمين في غزة، الذين يتضوّرون جوعا ويموتون فرادى وجماعات لا لذنب ارتكبوه بل لأنهم فلسطينيون يدافعون عن أرضهم وبلادهم وأنفسهم، وويلٌ لكل من يساعدهم فالمارد الأمريكي لهم بالمرصاد ويأجوج الصهيوني يترصد كل الحركات ويقصف كل بلاد ويغتال كل إنسان يحاول مساعدة غزة حتى بالكلام. (الصورة : القمم العربية و الإسلامية صارت دون ذات جدوى بل هي تعبير عما وصل إليه الهوان العربي و الإسلامي أمام مأساة الفلسطينيين في غزة).
فوزي بن يونس بن حديد
لقد أصابت المجاهدين الدهشة مما رأوا ومما سمعوا من بني جلدتهم، تربّصوا بهم من كل جانب، أغلقوا الحدود وكمّموا الأفواه، وقبضوا قبضة من حديد وترصّدوا كل من يعين الفلسطينيين من قريب أو بعيد، فلله الأمر من قبل ومن بعد.
لقد أصابت الذلة العرب والمسلمين واستكانوا لتهديد العدو على إنقاذ الفلسطينيين ويقولون نخشى أن تصيبنا دائرة، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين، ولقد أصابت الأمة المسكنة فلم يعودوا يحركون ساكنا، بل صارت أفعالهم وأقوالهم لا تتعدى حناجرهم، فهناك جيش عرعرم يتربّص بكل محاولة إنقاذ لإفشالها وتثبيطها، وهناك ذباب يحمل النجاسة في جناحيه لتلويث كل طاهر وحسن، وهناك حشراتٌ سامّة تقضي على كل مناعة تحاول صدّ الميكروبات الصهيونية التي انتشر صيتها وترعرعت بيننا كأنها منا وهي دخيلة وخبيثة تؤذينا وتحدث فينا الوجع ونحن لا نشعر.
غزة تطلب الغوث ولا مجيب من أهل الأرض
لماذا لا تتحرك أمة المليار؟ ولماذا لا توجّه حملاتها صوب غزة الجريحة والمتألّمة من كل الجهات، لقد غرس في جسدها الطعنات القريبُ قبل البعيد فأصبحت لا تقوى على حمل نفسها وتنادي ربها غيّاث الأرض والسماوات لإنقاذها، ولا مجيب من أهل الأرض، الذين يقدرون في أي لحظة من لحظات الزمن أن يقلبوا الطاولة على الصهاينة المجرمين النازيين التّتار، ويحوّلوا الحزن في غزة إلى فرح، والموت إلى حياة، والدمار إلى عمران.
تحرّكي يا أمة المليار، وحاصري إسرائيل بدل أن تحاصري غزة، حاصريها من كل الجهات واخرجيها من أرض الإسلام، ومن كل شبر اغتصبته بقوة، لا للمفاوضات ولا للاستكانة، ولا للذلة، ولا للهوان، ونعم للقتال والجهاد في بلاد المجرمين العابثين بالإنسان والعمران، الذين لا يقيمون وزنا لمبادئ الحياة.
من أحيى نفسًا فكأنما أحيى الناس جميعا
ماذا تنتظرين والله، فهذا أبو عبيدة في آخر خطاب بدا نحيلا وهو يخاطبكم بصوت المجروح المكسور، لكنه القوي في نبراته، العزيز في نفسه، يلومكم، يعاتبكم، يقاضيكم أمام رب الأرباب ولا يستثني منكم أحدا، زفراته الحزينة وآهاته الأنينة وكلماته المعبرة تعبر عن نفس مكسورة ومخذولة من العالمين العربي والإسلامي، وقوية في مواجهة العدو الصهيوني لا تستسلم أبدا إلى آخر رمق في الحياة، مُوقنة بأن النصر من عند الله لا من عند الناس، يناديكم جميعا النداء الأخير أن كُونُوا مع أهل غزة حتى تُكتبوا عند الله من الأنصار، واكسروا الحصار وأدخلوا الغذاء والماء وكل شرايين الحياة، فمن أحيى نفسًا فكأنما أحيى الناس جميعا، ولا تكونوا مشاركين في الجريمة النكراء البتراء وقتل الأبرياء واعتلوا منابر الحق والحرية والكرامة والعزة.
يا أهل مصر ويا أهل الأردن الأحرار، بادروا بالزحف على غزة من كل الجهات، ففي الاتحاد قوة، فلم يعد للعقل وقت حتى يفكّر، ولم يبق للحكومات زمنٌ حتى تفاوض وتخطط، فالعدو لا يفاوض الضعيف، بل يفرض عليه السلام بالقوة التي يريدها هو، السلام الذي يحمل كل الخنوع والخضوع لأوامر أمريكا الامبريالية وإسرائيل المتصهينة التتارية والمغولية، فالأصوات بُحّت، والأقلام جُفّت، والأجساد نُحلت، والأفواه كُمّمت، والمسلمون لاهُون والعرب نائمون حتى يأتيهم المارد الصهيوني إلى غرف نومهم ليقض مضاجعهم.
حان وقت الدفاع عن غزة أكثر من أي وقت مضى، فلا أمل حتى في المجتمع الدولي الذي يتبع سياسة الغاب، والبقاء للأقوى، ولم يعد للعدل مكان، ولا للقوانين العالمية زمان، فكل من كان قويا عاش، ومن كان ضعيفا مات، إلا من رحم الله.