اخبار تونس
موقع كل يوم -جريدة الشروق التونسية
نشر بتاريخ: ٤ تموز ٢٠٢٥
تمكن فريق بحثي صيني من تحقيق قفزة نوعية في مجال الهندسة الوراثية بزراعة نسيج قلبي بشري داخل جنين خنزير، حيث استمر هذا العضو المصغر في النبض تلقائيا لمدة 21 يوما متواصلة.
ويقود هذا المشروع الطموح فريق الدكتور لاي ليانغكسو من معهد غوانغتشو للطب الحيوي والصحة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، والذي سبق أن حقق إنجازا مماثلا بزراعة كلى بشرية في أجنة الخنازير استمرت في العمل لمدة 28 يوما.
وتعتمد هذه التقنية الثورية على ما يعرف علميا بالكائنات الخيمرية، التي تجمع بين الخلايا البشرية والحيوانية في كائن حي واحد.
وخلال العملية، يخضع الجنين الحيواني لتعديل جيني يمنع تكوين عضو معين (كالقب في هذه الحالة)، ثم يتم حقنه بالخلايا الجذعية البشرية التي تتولى مهمة بناء العضو المفقود. وقد نجح الفريق في تعزيز قدرة الخلايا البشرية على التكيف مع البيئة البيولوجية للخنزير من خلال منحها خصائص جينية خاصة.
وتمت عملية الزرع في مرحلة مبكرة جدا من تطور الجنين تعرف بمرحلة 'التويتة' (morula)، حيث يتكون الجنين من كرة مجهرية تحتوي على نحو 12 خلية فقط. وبعد عملية الزرع الناجحة، تم نقل الأجنة المعدلة إلى رحم خنزير بديل، تماما كما في عمليات التلقيح الاصطناعي التقليدية. وبعد فترة من النمو، لاحظ الباحثون تكون قلوب جنينية صغيرة تنبض بشكل طبيعي، مع تأكيد الاختبارات وجود خلايا بشرية فعالة ضمن هذه الأنسجة، رغم عدم تحديد النسبة الدقيقة لها.
وعلى الرغم من النجاح الملحوظ، كشفت الدراسة عن بعض التحديات المهمة، حيث أظهرت الملاحظات أن الخلايا البشرية قد تؤثر على الوظيفة الكلية لقلب الخنزير، ما يستدعي مزيدا من البحث والتطوير. ويأتي اختيار الخنازير كنماذج بحثية نظرا للتشابه الكبير بين أعضائها الداخلية وتلك الموجودة عند البشر، ما يجعلها مرشحة مثالية لمثل هذه التجارب.
وهذا الإنجاز العلمي يفتح آفاقا في مجال زراعة الأعضاء، خاصة في ظل الأزمة العالمية المتفاقمة لنقص المتبرعين بالأعضاء. وتجدر الإشارة إلى أن عدة فرق بحثية حول العالم تعمل على تقنيات مشابهة، حيث نجح علماء من مركز إم دي أندرسون للسرطان بجامعة تكساس مؤخرا في دمج خلايا بشرية في أعضاء مختلفة لأجنة الفئران.
لكن هذا التقدم العلمي الكبير لا يخلو من تعقيدات أخلاقية وقانونية، حيث تثير تجارب الكائنات الخيمرية أسئلة عميقة حول الحدود الفاصلة بين الأنواع، ما دفع الحكومات والمنظمات العلمية إلى وضع ضوابط صارمة لهذا النوع من الأبحاث. ورغم كل التحديات، فإن هذه التقنية الواعدة قد تشكل حلا ثوريا لمشكلة نقص الأعضاء البشرية في المستقبل القريب.