اخبار تونس
موقع كل يوم -أنباء تونس
نشر بتاريخ: ٢٢ حزيران ٢٠٢٥
بعد قصف المنشآت النووية الإيرانية في الليلة الفاصلة بين السبت 21 والأحد 22 جوان 2025 من طرف الطائرات الأمريكية هل ما زال هناك شك في النوايا السيئة التي تضمرها إسرائيل والولايات المتحدة للعالمين العربي و الإسلامي ؟
فوزي بن يونس بن حديد
تتحرك إسرائيل اليوم صوب إيران من وجهة نظر دينية تزعم فيها أن المسلمين ينوون إزالتها من الخارطة العالمية ومن الوجود، وترى أنه من واجبها الدّفاع عن نفسها بكل السّبل، ولكن في الوقت نفسه، هناك رئيس وزراء خبيث وداهية ويلعب بالنار اسمه بنيامين نتنياهو الذي حكم إسرائيل أكثر من مرة، لكن هذه المرة كانت مختلفة تماما، حيث يفكر أنه يجب عليه أن يُقيم إسرائيل الكبرى حلم أجداده اليهود، من النيل إلى الفرات، ورأى أن الفرصة حانت لتحقيق هذا الحلم، وبذل المزيد من الجهد، فبعد أن هاجم غزة بعنف، وفشل في تحقيق أهدافه تعرض لمساءلات ومناوشات ومضايقات من الداخل الإسرائيلي قبل الخارج، لفشله في القضاء على حركة حماس وتحرير المخطوفين، وكاد هذا الفشل يفتك به، ففكر وقدّر ثم قدّر فرأى أن الوقت مناسب لمهاجمة إيران بعد زعمه أنه قضى على حزب الله اللبناني وأسكت الحوثيين في اليمن، وبقي هجومه على إيران مترنّحا لأنه لم يحقق مبتغاه وهو تدمير المنشآت النووية و القضاء على البرنامج النووي الإيراني.
الدور سيأتي على جميع المسلمين
وظل الكيان الصهيوني يستجدي الرئيس الأمريكي أن يتدخل لضرب منشأة فوردو بإيران، ويلح نتنياهو على ترامب للدخول في الحرب واستخدام طائرات البي 2 لضرب المنشأة، وكان ترامب مترددا في البداية، لانقسام داخل حزبه حول مسألة دخول الحرب من عدمه، ويبدو أن نتنياهو قد نجح في إمالة ترامب إلى صفّه، ليقرر الأخير مهاجمة إيران، واستخدم التضليل مرة أخرى لإبعاد العالم عن موعد الضربة التي تقررت سلفا بعد التحركات التي رصدتها الأقمار الصناعية للقاذفات بي 2 وهي تتجه إلى المنطقة لتقصف المنشآت النووية، ثم بدأت الحرب الأخرى بين إيران وأمريكا ونسف كل ما سُمي بالمفاوضات وتدخّلِ ويتكوف وخططه المشؤومة على المنطقة.
ومن هنا يتعين على الدول الإسلامية أن ترى الواقع بعينيها الاثنتين، لا بعين واحدة، ولتعلم أن الدور سيأتي على الجميع، إذا سقطت إيران -لا قدّر الله- ولن تُبقي إسرائيل حكمًا عربيًّا ولا إسلاميًّا إلا ووجهت له سمومها، سواء بالتطبيع المزعوم أو بالصواريخ بزعم أن هذه الدولة تملك قدرات نووية أو أنها تمثل خطرا على وجود إسرائيل، ليتوسع نتنياهو وفريقه المتطرف في حكومته ومن شايعها، لتحقيق ما يرغب فيه، من إبعاد أي دولة مسلمة عن طموح ما يسمى معاداة الكيان الصهيوني أو تلقى أن تلقى مصير إيران، وفي ذلك تهديد واضح لدول منظمة التعاون الإسلامي التي ما زالت تكتفي بالبيانات والإدانات والمطالبات، ولم تقتنع لحد اللحظة أن العالم يتغير نحو الأسوأ، وأن الزمن الحالي ليس كالزمن الماضي، فهناك دول ستتآكل تلقائيا مع احتراق شمعة الدولة الفلسطينية، مثل المملكة الأردنية الهاشمية التي يبدو أنها ستتعرض لهجمات صهيونية ويعتبرها الكيان أنها سهلة المنال، ومن هناك جمهورية مصر العربية التي يحلم فيها اليهود بالوصول إلى النيل.
تهديدٌ صهيوني للجزائر وباكستان
وجاء تهديدٌ صهيوني للجزائر وباكستان، وهما من دول الممانعة التي ترفض التطبيع مع الصهاينة وتعتبره خيانة عظمى، وهكذا يستمر التهديد الصهيوني من دولة إلى أخرى، فبعد سقوط النظام الإيراني، -إن حدث- سيسقط ما بقي من هيبة الدول العربية والإسلامية، ولن تستطيع منظمة التعاون الإسلامي أن تقول لا لإسرائيل بعد أن محقت إسرائيل كل شيء، ولكي لا يحدث كل ذلك – وهو ممكن – على الدول المستهدفة أن تتحرك واقعًا وفعلًا لا كلامًا وحبرًا على ورق، وأن تواجه التعنّت الصهيوني، وتقف بجانب الفلسطينيين وكل من اعتدت عليهم إسرائيل في سوريا ولبنان واليمن وإيران، وتحدث فارقًا في الزمن وإرباكا للمشهد السياسي في إسرائيل المضطرب أصلا في الداخل، وتخلط أوراقه، وتوقفه عند حدّه.
فما يقوم به نتنياهو اليوم قام به هتلر قبل عقود من الزمن، حين قامت الحرب العالمية الثانية، وأحدثت دمارًا كبيرًا وواسعًا في العالم، وتأثيرات كبيرة، سببه تعنّت هتلر وإقدامه على تحقيق حلمه دون التفكير في النتائج الحقيقية غير المتوقعة التي ستسفر عن الأحداث، وقد ذكرت في مقال سابق أن الحرب على إيران إذا أوقدتها إسرائيل وأمريكا فلن تنتهي بسرعة بل ستأخذ مسارات جديدة حالكة الظُّلمة ولها تبعات خطيرة على كل المستويات.
وبعد هذه الضربة لإيران، على الدول العربية التي تغدق أموالها دون حساب على ترامب أن تفكر مليًّا قبل توزيع تريليونات الدولارات عليه في زياراته، فلا نسمع منه إلا كلمات مراوغة ليس فيها ما يدعو إلى التصديق سوى أنها كلمات هوى يبثها هنا وهناك للتضليل وإيقاع حلفائه قبل أعدائه في شباكه ومصائده ولا يبالي بذلك، بل سيسعى إلى إحداث بلبلة بطعم صهيوني نتن، وفي ذلك فليعتبر المعتبرون.