اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
يوسف حمود - الخليج أونلاين
قفزت إيرادات الأندية السعودية من بيع اللاعبين إلى أكثر من 101 مليون دولار
يشهد الدوري السعودي للمحترفين طفرة مالية غير مسبوقة جعلته ثاني أكثر الدوريات إنفاقاً في العالم، بعدما بلغ حجم إنفاق الأندية السعودية خلال موسم الانتقالات الأخير نحو 579 مليون دولار أمريكي، متقدماً على الدوريات الأوروبية الكبرى باستثناء الإنجليزي الممتاز.
هذا الإنفاق الضخم لا يُنظر إليه كترف رياضي، بل كاستثمار استراتيجي ضمن رؤية 2030 التي تسعى لتحويل الرياضة إلى قطاع اقتصادي مستدام.
وللمرة الأولى في تاريخ الكرة الآسيوية، تصدرت الأندية السعودية ترتيب الإيرادات بعد أن سجلت 101 مليون دولار من الدخل التجاري، ما يعكس انتقالها من مرحلة الاعتماد على الدعم الحكومي إلى بداية الاستقلال المالي.
ومع صفقات عالمية لنجوم الصف الأول مثل كريستيانو رونالدو وكريم بنزيمة ونيمار جونيور، تحول الدوري السعودي إلى واجهة رياضية عالمية، تجمع بين الأهداف الاستثمارية والرمزية، حيث تراهن المملكة على الرياضة كأداة قوة ناعمة تدعم حضورها الإقليمي والدولي، وتخلق فرصاً اقتصادية وسياحية وإعلامية متزايدة داخل البلاد.
أرقام قياسية
وتكشف بيانات تقرير 'ميركاتو الشرق – السعودية صيف 2025' أن الدوري السعودي رسخ موقعه بين الدوريات الأكثر نشاطاً عالمياً في سوق الانتقالات، إذ بلغ إجمالي إنفاق الأندية خلال آخر ثلاث سنوات نحو 1.86 مليار دولار، تمثل أكثر من 96% من إجمالي ما أُنفق في آخر خمس سنوات.
وخلال صيف 2025 وحده، أنفقت الأندية السعودية نحو 552 مليون دولار، بنمو 28 في المئة عن العام السابق، لتحتل المركز السادس عالمياً في الإنفاق بعد إنجلترا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا.
وفي موازاة هذا الإنفاق، قفزت إيرادات الأندية من بيع اللاعبين إلى أكثر من 101 مليون دولار، وهي الأعلى في تاريخ الكرة السعودية، ما جعلها تتصدر القارة الآسيوية بحصة 62 في المئة من إجمالي إيرادات الانتقالات الخارجية.
وتعكس هذه الأرقام تحولاً هيكلياً في أداء السوق المحلية، إذ باتت الأندية قادرة على تحقيق دخل فعلي من إعادة بيع اللاعبين الذين تم استقطابهم ضمن مشروع تطوير المسابقة منذ 2023.
كما أظهر التقرير أن إجمالي ما أنفقته الأندية السعودية في سوق الانتقالات خلال آخر عشر سنوات بلغ 3.5 مليار دولار، ليحافظ الدوري على مركزه السادس عالمياً أيضاً في المؤشر التراكمي للإنفاق، مساوياً لدوري الدرجة الثانية الإنجليزي.
تنويع اقتصادي
وتسعى السعودية عبر مشروع تطوير الرياضة إلى خلق اقتصاد متنوع لا يعتمد فقط على النفط، بل على قطاعات جديدة مثل الترفيه والسياحة والرياضة.
وتُظهر بيانات وزارة الاستثمار أن قطاع الرياضة في المملكة نما بنسبة تفوق 20% سنوياً خلال الأعوام الثلاثة الماضية، مدفوعاً بزيادة الاستثمارات الخاصة وارتفاع الطلب على الفعاليات الرياضية الدولية.
ولم يعد الدور مقتصراً على الحكومة؛ فشركات سعودية كبرى دخلت مجال الرعاية، مثل شركات الطيران والطاقة والاتصالات، لتؤسس منظومة رعاية تتيح للأندية تحقيق دخل تجاري مستدام.
ومع قرب تطبيق برنامج الخصخصة الرياضية، يُتوقع أن تتحول الأندية إلى شركات مساهمة قادرة على جذب مستثمرين محليين ودوليين، بما يعزز توازنها المالي على المدى الطويل.
نتيجة الرؤية الطموحة
ويقول الإعلامي الرياضي فاضل المزروعي إن ما يشهده الدوري السعودي للمحترفين اليوم هو نتيجة مباشرة للرؤية الطموحة التي تبنتها المملكة ضمن رؤية 2030، والتي جعلت من القطاعين الشبابي والرياضي ركيزتين أساسيتين في بناء اقتصاد متجدد.
وأوضح في تصريحه لـ'الخليج أونلاين' أن تبني صندوق الاستثمارات العامة فكرة الاستثمار في الأندية الكبرى مثل الهلال والنصر والاتحاد والأهلي كان الخطوة الأولى في هذا التحول، بعدما فتح الصندوق خزائنه لدعمها واستقطاب أسماء عالمية بارزة منحت البطولة صبغة دولية غير مسبوقة.
وأضاف أن ما يحدث بعد مرور نحو ثلاثة مواسم من تطبيق هذا النموذج هو استمرار لتنفيذ استراتيجية التحول الرياضي، مشيراً إلى أن دوري 'روشن' للمحترفين أصبح اليوم في طريقه لتوسيع نطاقه وتعزيز مكانته بين أبرز الدوريات العالمية من خلال رفع القيمة التسويقية واستقطاب النجوم من الصف الأول.
وأكد أن الأندية السعودية بدأت تجني ثمار هذا الدعم، إذ باتت تحقق مكاسب مالية حقيقية من دورة بيع اللاعبين داخلياً وخارجياً، لافتاً إلى تجربة نادي 'نيوم' الذي أنفق مبالغ ضخمة على التعاقدات المحلية والدولية وبدأ الآن باستعادة جزء من استثماراته من خلال حركة البيع والانتقال، معتبراً أن هذه الدورة الاقتصادية الجديدة ستستمر خلال فترات الانتقالات المقبلة، وهو ما سيُعزز التنافس داخل الدوري ويرفع مستوى الاحترافية بين الأندية.
وأشار إلى أنه لا يُستبعد مستقبلاً أن يشهد الدوري السعودي انتقالات عكسية إلى أوروبا، بحيث ينتقل لاعبون مغمورون من الأندية السعودية إلى أندية أوروبية بعشرات الملايين من الدولارات، كما يحدث في الدوريات الناشئة في أمريكا الجنوبية أو أوروبا الشرقية، مبيناً أن تحسن تصنيف دوري 'روشن' عالمياً سيختصر الوقت أمام صناع القرار لتحقيق مكاسب إضافية على صعيد التسويق والبث والتعاقدات.
ولفت إلى امتلاك السعودية 'أرضاً خصبة لنجاح التجربة بفضل عشق الجماهير لكرة القدم، ووجود ثقافة دعم متجذّرة من القطاع الخاص منذ البدايات'، مضيفاً أن هذا التكامل بين الجمهور، والقطاع الخاص، والمؤسسات الحكومية هو ما جعل التجربة السعودية نموذجاً ناجحاً يمكن أن يُحتذى في المنطقة والعالم.
تأثير عالمي
وأصبحت المباريات السعودية تُبث في أكثر من 160 دولة، وقفزت نسب المشاهدة الدولية بنسبة 125% خلال موسم 2024–2025.
كما ارتفعت المتابعة الرقمية للحسابات الرسمية للأندية على منصات التواصل إلى أكثر من 120 مليون متابع، مما جعلها من بين الأسرع نمواً عالمياً في قطاع الإعلام الرياضي.
هذا الزخم التسويقي انعكس على السياحة الرياضية في المملكة، إذ تجاوز عدد الزوار الأجانب لحضور المباريات الكبرى حاجز 1.2 مليون زائر في عام 2024، بزيادة 45% عن العام الذي سبقه.
وتشير التقديرات إلى أن الإنفاق السياحي المرتبط بكرة القدم أضاف أكثر من 800 مليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يوضح كيف تحولت اللعبة إلى رافعة اقتصادية حقيقية.










































