اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة سبق الإلكترونية
نشر بتاريخ: ١٩ نيسان ٢٠٢٥
الاتفاق على عقد لقاء جديد الأسبوع المقبل
في خطوة دبلوماسية لافتة وسط أجواء مشحونة بالتوتر، اختتمت إيران والولايات المتحدة جولة ثانية من المفاوضات غير المباشرة في العاصمة الإيطالية روما، متفقين على مواصلة الحوار الأسبوع المقبل، وهذه الجولة، التي توسطت فيها سلطنة عمان، تأتي استكمالاً لمحادثات مسقط التي وُصفت بـالبناءة، لتُبقي على بصيص أمل في إمكانية نزع فتيل الأزمة النووية التي تلقي بظلالها على استقرار الشرق الأوسط والعالم، على الرغم من الهوة الواسعة التي لا تزال تفصل بين مواقف الطرفين.تفاوض غير مباشر
وأكدت مصادر إيرانية أن المفاوضات جرت كسابقتها بشكل غير مباشر، حيث تولى مسؤول عماني رفيع المستوى مهمة نقل الرسائل بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، ومبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف. وعلى الرغم من تفاعل عابر بينهما في ختام الجولة الأولى بمسقط، لم يجرِ أي حوار مباشر بين مسؤولي البلدين منذ الاتفاق النووي التاريخي لعام 2015، الذي أبرم في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.
وقبيل انطلاق محادثات روما، شدد عراقجي خلال لقائه نظيره الإيطالي أنطونيو تاياني، على التزام بلاده الثابت بالمسار الدبلوماسي، داعيًا سائر الأطراف المعنية إلى 'اغتنام الفرصة المتاحة للتوصل إلى اتفاق نووي معقول ومنطقي'، وأوضح أن مثل هذا الاتفاق يجب أن يضمن حقوق إيران المشروعة، ويؤدي إلى رفع 'العقوبات'، مع تبديد أي شكوك تحوم حول برنامجها النووي، وفقًا لـ'رويترز'.مواقف متباينة
وعلى الجانب الآخر، لا تزال واشنطن تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي انسحب من اتفاق 2015 خلال ولايته الأولى وأعاد فرض عقوبات مشددة، تصر على منع إيران 'ببساطة شديدة' من امتلاك سلاح نووي. وتطالب بوقف إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، الذي تُعده خطوة نحو بناء قنبلة ذرية، مجددةً سياسة 'الضغوط القصوى'.
في المقابل، وبينما تشدد طهران على سلمية برنامجها النووي واستعدادها للتفاوض على بعض القيود، فإنها تشترط رفعًا كاملاً للعقوبات وتقديم ضمانات 'محكمة' تمنع تكرار الانسحاب الأمريكي من أي اتفاق مستقبلي، ويأتي هذا الحذر الإيراني في ظل تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي وصف موقفه بأنه 'ليس متفائلاً بشكل مفرط ولا متشائمًا'، مما يعكس حالة الترقب وعدم اليقين التي تسود طهران.ضمانات مطلوبة
تُبرز نتائج الجولة الثانية في روما استمرار الخلافات الجوهرية، فعلى الرغم من الاتفاق على مواصلة الحوار، وهو ما يُعد مؤشرًا إيجابيًا بحد ذاته، إلا أن المواقف المعلنة للطرفين لا تزال متباعدة. وتُعد قضية الضمانات من أهم النقاط العالقة، حيث تخشى إيران تكرار سيناريو 2018.
ومنذ عام 2019، ردت إيران على الانسحاب الأمريكي والعقوبات بتجاوز القيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم بموجب اتفاق 2015، ورفعت مستويات التخصيب وكمية المخزون لديها إلى حدود أثارت قلق القوى الغربية.خطوط حمراء
ونقلت 'رويترز' عن مسؤول إيراني كبير، اشترط عدم الكشف عن هويته، تشديده على 'الخطوط الحمراء' التي لن تتنازل عنها طهران في أي مفاوضات. وتشمل هذه الخطوط عدم الموافقة مطلقًا على تفكيك أجهزة الطرد المركزي المتطورة، أو الوقف الكامل لعمليات تخصيب اليورانيوم، أو خفض مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى ما دون المستويات المنصوص عليها في اتفاق 2015.
كما ترفض إيران بشكل قاطع إدراج قدراتها الدفاعية، وعلى رأسها برنامج الصواريخ الباليستية، ضمن أجندة المفاوضات النووية. وفي خضم هذه التعقيدات، تبرز تصريحات مسؤولين إسرائيليين حول عدم استبعاد خيار مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، مما يزيد من ضغوط الموقف، بينما تعرض روسيا، الطرف الموقّع على اتفاق 2015، استعدادها للوساطة والمساعدة.
ومع انتهاء جولة روما والاتفاق على لقاء جديد الأسبوع المقبل، يبقى المشهد مفتوحًا على جميع الاحتمالات، ونجحت الوساطة العمانية مجددًا في الحفاظ على قناة اتصال غير مباشرة بين الخصمين اللدودين، لكن الطريق نحو اتفاق شامل لا يزال طويلاً ومحفوفًا بالتحديات، فهل تتمكن الجهود الدبلوماسية المستمرة من جسر الهوة بين المطالب الأمريكية المتشددة والخطوط الحمراء الإيرانية، أم أن شبح التصعيد سيظل المهيمن على هذا الملف الشائك؟