اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢٩ حزيران ٢٠٢٥
الرياض -' الرياض'
تشهد الهند تحولًا سريعًا لتصبح واحدة من أكثر الوجهات جذبًا للاستثمار الأجنبي المباشر في العالم، ولا سيما في قطاع التصنيع حيث سجلت البلاد تدفقًا مذهلًا للاستثمارات الأجنبية المباشرة بلغ 81.04 مليار دولار خلال السنة المالية 2024–2025، متجاوزةً بذلك التوقعات، ومؤكدةً تطورها الاستراتيجي كمركز عالمي للنمو الصناعي والابتكار التكنولوجي.
وفقاً لبيان صادر مؤخراً من الحكومة الهندية والذي يقول ' يؤكد هذا الإرتفاع الكبير في الإستثمار الأجنبي المباشر على السمعة المتنامية للهند كوجهة مستقرة وقابلة للتوسع ومستدامة للشركات الدولية التي تسعى إلى إقامة قواعد تصنيع طويلة الأمد.' في حين تُعد الأرقام القياسية للاستثمار الأجنبي المباشر في السنة المالية 2024–2025 دليلاً واضحًا على الثقة التي يوليها المستثمرون العالميون لأسس الاقتصاد الهندي، والإصلاحات الجارية، والسياسات القوية التي تنتهجها البلاد على حد وصفه .
كما اضاف البيان أن مبادرة ' صنع في الهند' التي اطلقت في عام 2014م ، قد نضجت لتصبح قوة دافعة وراء هذا الزخم اضافة إلى ذلك وقد اثبتت خطة الحوافز المرتبطة بالإنتاج وهي تحولت إلى نقلة نوعية حيث توفر هذه البرامج حوافز قائمة على الأداء لتعزيز التصنيع المحلي وكذلك جذب الشركات العالمية الكبرى. ومن أبرز القطاعات المستفيدة من خطة الحوافز تشمل الإلكترونيات، والأدوية والسيارات والمنسوجات والطاقة المتجددة.
مع العلم أن الشركات العالمية مثل آبل، وسامسونغ، وتيسلا ، وفوكسكون ، وسايمنز ، وبوينغ وإنتل تختار الهند بشكل متزايد ليس باعتبارها كقاعدة تصنيع فقط بل ايضاً كمركز إقليمي للبحث والتطوير وابتكار سلاسل التوريد. وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن قطاع تصنيع الإلكترونيات في الهند قد برز كمركز للنهضة الصناعية في البلاد بحسب البيان .
كما تجذب أشباه الموصلات على وجه الخصوص اهتماماً كبيراً من الشركات العالمية ومع النقص العالمي في الرقائق الإلكترونية، تسعى الدول إلى تنويع خطوط الإنتاج، حيث قدمت الهند نفسها حلاً قابل للتطبيق اضافة إلى التزامات ضخمة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة من شركات مثل 'مايكرون تكنولوجي'، و'إيه إم دي'، والمشاريع المشتركة بين 'تاتا' و'تي إس إم سي'، كلها تضع الأساس لدخول الهند إلى سوق الرقائق العالمي بأرباح كبيرة.
وهناك قطاع آخر يشهد تدفقاً قوياً لرؤس الأموال الأجنبية وهو قطاع صناعة السيارات فالهند تعد حالياً ثالث أكبر سوق للسيارات في العالم وهي تتحول بسرعة إلى مركز رئيسي لتصنيع المركبات الكهربائية، كما تعمل شركات السيارات العالمية الكبرى مثل هيونداي، وكيا، ومرسيدس بنز، وتويوتا، وإم جي موتور، على توسيع وحدات التصنيع الخاصة بها في الهند بل وهي تطلق ايضاً خطوط تجميع ومختبرات بحث وتطوير مخصصة للمركبات الكهربائية في البلاد.
من ناحية أخرى، يواصل قطاع الصناعات الدوائية في الهند جذب استثمارات اجنبية مستدامة بفضل قدراته القوية في البحث والتطوير مع تكاليف التصنيع المنخفضة والإلتزام بالمعايير التنظيمية العالمية في حين أن الهند تعرف بإسم ' صيدلية العالم' والتي تلبي أكثر من 50% من الطلب العالمي على اللقاحات وهي توفر نسبة كبيرة من صادرات الأدوية الجنيسة. كما توجَّه الاستثمارات الأجنبية المباشرة في هذا المجال بشكل متزايد بشأن إنشاء وحدات تركيب الأدوية، ومختبرات التكنولوجيا الحيوية، ومجمعات المكونات الصيدلانية الفعالة.
كما اشار البيان إلى قصة النجاح من حيث العوامل الرئيسية التي ساهمت في بروز الهند كوجهة جاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر هو استثمارها الضخم في البنية التحتية والخدمات اللوجستية. كما عززت الخطة الوطنية الشاملة التي وضعتها الحكومة تسمى بـ ' جاتي شاكتي' والتي تُدمج الربط البري والسكك الحديدية والموانئ والمطارات في شبكة لوجستية موحدة، بشكل كبير سهولة نقل البضائع والمواد الخام.
بالإضافة إلى ذلك لقد ساهمت الممرات الصناعية مثل ممر دلهي- مومباي الصناعي، وممر تشيناي- بنغالورو الصناعي، وممر الشحن المخصص الشرقي في تحويل مناطق التصنيع إلى تجمعات صناعية بمعايير عالمية. كما يعتبر 'العائد الديموغرافي' للهند سببًا آخر مهمًا وراء ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع التصنيع، وعلاوة على ذلك اصبحت الرقمنة حجر الزاوية في تطور قطاع التصنيع في الهند.
ويلاحظ أنه مع الإنتشار الواسع لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة مثل الذكاء الإصطناعي وإنترنت الأشياء، والروبوتات، والأتمتة، بدأت المصانع الهندية في الصعود على سلم سلسلة القيمة العالمية. وقد كان لهذا النهج الرقمي دور حاسم في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في التصنيع المتقدم في مجالات الطيران، وإنتاج الدفاع، والأجهزة الطبية، والآلات الذكية. وبجانب ذلك، يُعد التزام الهند بالاستدامة عامل جذب آخر للمستثمرين الأجانب.
كما يعد تدفق الإستمثار الأجنبي المباشر القياسي والذي يبلغ حوالي 81.04 مليار دولار في السنة المالية 2024-2025 م علامة فارقة في مسيرة الهند الإقتصادية. وبفضل الحوكمة المستقرة والإصلاحات الداعمة للمستثمرين والبنية التحتية المستقبلية والقوى العاملة الشابة الماهرة تبني البلاد أساساً قوياً لنمو يقوده قطاع التصنيع وهو نمو يؤدى إلى الإزدهار وتوفير فرص العمل مع تعزيز الإبتكار.