اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة البلاد
نشر بتاريخ: ٢٨ تموز ٢٠٢٥
في السنوات الأخيرة ظهرت نماذج لافتة لعدد من رواد الأعمال وقادة الشركات، الذين قرروا مشاركة نسبة كبيرة من أرباح شركاتهم مع موظفيهم، وقد تصل هذه النسبة إلى نصف الأرباح؛ تقديراً لجهودهم ومساهماتهم التي كانت سبباً رئيسياً في تحقيق هذه النجاحات. هذا التوجه الإنساني يتناقض بشدة مع السائد في عالم الأعمال؛ حيث تُمنح المكافآت السخية لكبار المديرين التنفيذيين بملايين الريالات تحت مسمى 'الحوافز' أو' البونص' بينما يعاني الموظفون من تقليص المزايا، وخفض الامتيازات، وأحياناً فقدان وظائفهم بحجة خفض التكاليف. هذه السياسات تُنفذ بقرارات من أولئك المدراء الذين يُكافَئون أنفسهم رغم اتخاذهم إجراءات تُضعف معنويات الفريق، وتزعزع استقرار بيئة العمل. المعادلة الحالية في أنظمة المكافآت داخل أغلب الشركات تفتقر إلى العدالة؛ إذ تُنسَب النجاحات إلى قلة في قمة الهرم الاداري، بينما يتم تهميش الغالبية التي تبذل الجهد الحقيقي. الموظفون في مختلف المستويات من الفنيين والمهندسين إلى موظفي الدعم والتسويق وخدمة العملاء، هم العصب الحقيقي للشركات، وإنجازاتهم تستحق الاعتراف والتقدير والمكافأة. تجاهل هذا الواقع يولد بيئة عمل يسيطر عليها الإحباط، ويؤدي إلى تراجع الأداء وزيادة نسبة دوران الموظفين؛ ما يكلف الشركات أكثر على المدى البعيد. على الجانب الآخر، الشركات التي تشارك أرباحها مع موظفيها تنجح غالباً في خلق بيئة محفزة، تُعزز الانتماء وتدفع الجميع لبذل المزيد من الجهد. عندما يشعر الموظف بأن جهده مقدَّر ينعكس ذلك إيجاباً على ولائه وإبداعه وإنتاجيته. وقد أثبتت تجارب مثل تجربة 'دان برايس' المدير التنفيذي لشركة Gravity Payments، أن رفع رواتب الموظفين على حساب تخفيض راتبه الشخصي لم يؤثر سلباً على أداء الشركة، بل أدى إلى نموها وازدهارها. بات من الضروري أن يُعاد النظر في مفهوم المكافآت داخل المؤسسات؛ بحيث تُوزع بنزاهة وشمولية. التقدير العادل للجهد الجماعي ليس فقط واجباً أخلاقياً؛ بل هو ركيزة من ركائز النجاح المستدام؛ فحين يشعر جميع العاملين بأنهم شركاء في الإنجاز تنمو المؤسسة بثبات، وتبنى على أسس من الثقة والاحترام والعدالة، وهي القيم التي تحتاجها أي شركة تطمح للاستمرار والتأثير الإيجابي في مجتمعها.