اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢٨ تموز ٢٠٢٥
د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج
يلاحظ مرتادو الأسواق إقفال العديد من المحلات التجارية. وبعض هذه المحلات يعود إلى ماركات تجارية مشهورة. والسبب يعود إلى ارتفاع أسعار الإيجار، الذي أصبح يأكل من الأرباح التي تحصل عليها الشركات من مبيعاتها.
والاقتصاد، مثلما نعلم حلقة متصلة مع بعضها البعض، وأن ما يؤثر على حلقة منها ينتقل إلى بقية الحلقات، إن لم يكن فوراً، فبعد مضي بعض الوقت. فارتفاع أسعار العقارات التي تشكو منه المحلات التجارية، المشهورة بأرباحها، يعاني منه سكان المملكة الذين يحصلون على مداخيل ليست كبيرة عند الجميع.
طبعاً هذا الارتفاع في الأسعار، يتناقض مع منطق العرض والطلب، خصوصاً مع دعم الحكومة للإسكان، الذي هدفه تمكين المواطنين من الحصول على سكن لائق بأسعار مناسبة. ولكن لا، فسيطرة الاحتكارات العقارية تمنع ذلك. فبعض الشركات، ترغب أن تستفيد من الدعم الحكومي للمواطنين من خلال رفع أسعار العقارات، بحيث تلتهم معها ما يحصل عليه المواطن من دعم- مما يعني أن هناك خللا في الآلية.
إن وفرة العرض، المدعوم حكومياً، كان يفترض أن يؤدي -لولا الاحتكار- إلى انخفاض أسعار العقارات.. ولكن هذا لا يحدث، لأن آلية العرض والطلب في ظل الاحتكار لا تعمل كما ينبغي. وإلا، فإن الإعلانات التي ترتفع على واجهات الأبنية التي تم الانتهاء من تشييدها وتعرضها للإيجار تعتبر مؤشرا واضحا على أن العرض يفوق الطلب. ولكن أسعار العقار لا تنخفض، نتيجة التحكم المصطنع بها.
وأدى ارتفاع أسعار العقارات إلى انتقال المشكلة للقطاع الصناعي. فقطاع الإسمنت أصبح يعاني من الركود، بعد انخفاض الطلب، وتجاوز الطاقة الإنتاجية لشركات الإسمنت للطلب المحلي. وهذا أدى إلى تراجع المراكز المالية لهذه الشركات وانخفاض توزيعات الأرباح، مما انعكس بالسالب على أداء أسهم شركات الإسمنت في سوق الأوراق المالية.
ولذلك، فإن هناك تخوفا أن تنتقل المشكلة من القطاع الصناعي إلى القطاع المصرفي، الذي لا زال يشهد ارتفاعا غير مسبوق في حجم القروض المقدمة. فالطلب المتزايد على القروض، سواء من القطاع الحكومي أو الخاص، من شأنه رفع سعر الفائدة على القروض، رغم توجه سعر الفائدة على الدولار للانخفاض وتأثير ذلك على سعر فائدة الريال - خاصة وأن نمو الودائع أقل من نمو الطلب على القروض الائتمانية.
طبعاً الحكومة تبذل كافة الجهود لمواجهة المشكلة، التي تعيق تسكين المواطنين بأسعار مناسبة، وتتخذ خطوات للتصدي لارتفاع أسعار العقارات، الذي شهدت زيادة بنسبة 2.6 % في الربع الثالث من 2024 و5.1 % في الربع الأول من هذا العام 2025، مدفوعة بارتفاع أسعار الأراضي والفلل والشقق. وقد توجت هذه الجهود الحكومية نفسها، بتوجيهات ولي العهد -يحفظه الله- للحد من ارتفاع أسعار العقارات وتوفير السكن المناسب للمواطنين.