اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢٧ تموز ٢٠٢٥
«الرياض»- الثقافي
لــم تــأتِ المشــاهدات المليونيــة لفيلــم العوجــا 17:47 علــى المنصــات الإعلاميــة إلا بعــد جهــود مضنيــة وحثيثــة اســتمرت زهــاء العــام، حيــن أطلقــت وزارة الدفــاع؛ ممثلة فــي الإدارة العامــة للتواصــل الاســتراتيجي، وبالتزامــن مــع ذكـرى يـوم التأسـيس، فيلماً قصيراً وثق قصة بطوليـة واقعيـة، اسـتغرق زمنها إحـدى وعشـرين دقيقـة لإنقـاذ طاقـم جــوي
تعرضــت طائرتهم المقاتلــة مــن نــوع «تورنيــدو» لعطــل فنــي مفاجــئ أثنــاء عودتهم مــن مهمــة عملياتيــة فــي اليمــن، وســقطوا فــي منطقــة جبليــة وعــرة داخــل بيئــة معاديــة. وقد تجــاوزت مشــاهدات الفيلــم أكثــر مــن 40 مليــون مشــاهدة خلال أيــام معــدودة، وشــارك فــي إنتاجــه أكثر من 700 شـخص مـن تخصصـات متعددة، وتحديداً 33 تخصـصاً؛ وكانـت البدايـة بعقـد سلسـلة مـن الاجتماعـات التحضيريـة الأسـبوعية منـذ 26 فبرايـر 2024 وحتـى مطلـع العـام الجاري، والانتقـال إلـى عـدة مواقـع لتنفيـذ وتصويـر العمـل فـي مـدن الريـاض وخميـس مشـيط والدمـام.
(الرياض) التقت صناع الفيلم، ورصدت بالكلمة والصورة معاً كواليس
العمل، فكان هذا الحوار..
في البداية التقينا الأستاذ عبدالرحمن بن سلطان السلطان -المشرف على فريق عمل الفيلم- وسألناه: من الواضح أن الفيلم ليس مجرد عمل درامي فحسب، بل هو رسالة وطنية سامية سطرت بحروف من ذهب شجاعة وتضحيات أبطال القوات المسلحة. حدثنا عن أهداف هذا العمل، وماذا عن البدايات الأولى التي استبقت خطة النشر؟
بالفعل، لقد جمع العمل بين الواقعية والإبداع السينمائي وفقاً لهدف استراتيجي يتمثل في إيصال هذه الملحمة إلى الأجيال؛ والتي تتناغم بالضرورة مع خطة التواصل الاستراتيجية المعتمدة في وزارة الدفاع، في إلهام الجمهور بالقصص البطولية والملحمية لبسالة وتضحيات منسوبي القوات المسلحة. وجاء العمل متناغماً مع الأهداف الاستراتيجية للتواصل؛ والتي تتمثل فيما يلي: التمكين، لمنسوبي الوزارة من خلال فتح المجال لهم بالتمثيل والتصوير والكتابة والتعبير وخلافه. الإبداع، ويتمثل ذلك في الأسلوب الفني والإبداعي في استنطاق الرجال والبحث عن القصص المناسبة والكتابة والإنتاج والإخراج والتصوير من زوايا جديدة لم تطرق أو تعهد سابقا وفي الحوارات، وكذلك الأفكار الجديدة والمبتكرة التي تسلِّط الضوء على قضايا مهمة. التأثير، وهو الأثر العميق في نفوس منسوبي الوزارة من مدنيين
وعسكريين وكذلك القطاعات العسكرية الأخرى والمشاهدين عموماً، الذي يدفعهم للتفكير والتأمل في حجم التضحيات التي يقدمها أبطال القوات المسلحة. هذا بالإضافة إلى الأهداف الاتصالية المتمثلة في تعزيز الشعور بالفخر والانتماء لدى المواطنين، وببطولات رجال القوات المسلحة في ميادين العز والشرف، والرائع تزامن بث العمل في ذكرى يوم التأسيس، إلى جانب إظهار القدرات القتالية العالية والشجاعة لهؤلاء الأبطال وتوثيق بطولاتهم.
السلطان: غرفة العمليات حوّلت القصة الحقيقية إلى فيلم ناجح
عن فريق العمل والقطاعات المشاركة، وكذلك التجهيزات المبكرة؟
البديلة ومراجعة إدارة المخاطر وكيفية تخطي العوائق والتغلب على التحديات، حيث شهدت خطة المعالم الرئيسية تعديلات مستمرة.
كنا نعقد الاجتماعات بشكل أسبوعي منذ شهر فبراير 2024 وصولاً
إلى مطلع يناير 2025 تخللها تنقل وسفر لجمع أحداث القصة ولقاء كافة الأطراف المعنية بين مدن الرياض والدمام وخميس مشيط، حيث تم الانتهاء من كافة مراحل كتابة السيناريو ولوحة القصة Storyboard، قبل البدء في عمليات التصوير.
أما عن فريق العمل الرئيس فقد تم تشكيله برئاستنا وعضوية كل من الزملاء: الأستاذ صالح الحسيني، والعقيد الركن فهد المغيرة، والرائد سعد الراشد، والأستاذ خالد السويداء، بالإضافة إلى 30 زميلاً من مختصي الإدارة العامة للتواصل الاستراتيجي، ومشاركة فرق من أفرع القوات المسلحة بلغ عددهم 612 ضابطاً وضابط صف ومدني، و92 مختصاً فنياً من شركات فنية متعاقدة وبخصوص التجهيزات، فقد تمثلت في مشاركة أكثر من 700 شخص بمعدل 12 ساعة عمل يومياً، ومن 33 تخصصاً، ومشاركة عدد 7 مقاتلات نفاثة و4 مروحيات وطائرة نقل عسكري بواقع عدد 85 ساعة ساعة طيران، وأكثر من 300 سلاح وذخيرة، إضافة إلى 60 معد أرضية و8 سيارات إسعاف، ومواد تفخيخ بلغ حجمها نحو 150 كيلو، و9 كاميرات مجهزة.
إنتاجٌ ضخمٌ كهذا يحتاج بلا شك إلى خطة إعلامية شاملة تتضمن آليات للنشر وجمهور مستهدف وقنوات ومنصات، بل واستراتيجية للمحتوى. كيف استطعتم تحقيق ذلك التميُّز والنجاح المتمثل في المشاهدات المليونية عبر منصات التواصل المختلفة؟
وأخيراً جاء دور التغطية الإعلامية، حيث تعاونا مع القنوات التلفزيونية المحلية والإقليمية مثل: قنوات الإخبارية والعربية، والمؤسسات الصحفية مثل: الرياض والجزيرة، والصحف الإلكترونية مثل: سبق، مما عزز من الحضور الإعلامي للفيلم.
من جهته تحدث الأستاذ صالح الحسيني عن بدايات العمل الأولى فقال: 'في البداية، تم الاطلاع على تقرير الحادثة الرسمي، ثم حصر المعلومات ذات العلاقة، وبدأ الزميل خالد السويداء بجمع المعلومات وإجراء اللقاءات مع الأطراف، مثل الطاقم الجوي الذي تم إنقاذه وكذلك أعضاء فرق الإنقاذ، وقائد القاعدة الجوية، ومحقق القضية، وتم بعد ذلك تفريغها كنصوص مكتوبة ومتكاملة'.
مدة الفيلم 21 دقيقة تطابقت مع مدة عملية الإنقاذ
ماذا بعد جمع كافة معلومات القصة، وحصولكم على إذن النشر وتجهيز النصوص؟
حدثنا عن كيفية تأسيس فريق الإنتاج، وماذا عن عمليات الاستشارات العسكرية؟
بدأنا في الاستشارات العسكرية، وتحديداً في مضامين الحوار بين الطاقم الجوي والبرج، وكذلك مظهرهما بحيث يظهران في الفيلم وفقا لأعلى مقاييس الاحترافية في الأداء، واستعراض كافة التفاصيل الخاصة بالمشاهد من أجل تحديد الاحتياجات والمتطلبات اللازمة، وما يلزم من آليات ومعدات وذخائر ومتفجرات ولوجستيات وغير ذلك، بما يضمن خروج العمل بالاحترافية المعروفة عن القوات المسلحة السعودية.
ماذا عن أبرز التحديات التي وجهتموها خلال مراحل التصوير؟
حدثنا عن كيفية الوصول إلى النسخة النهائية من الفيلم، لا سيما بعد قيام فريق العمل بسلسلة من التعديلات من أجل اختيار أنسب المشاهد؟
وبعد الاتفاق على النسخة الأولية للفيلم، شرع الفريق في عمليات التحرير الدقيقة لتفاصيل المشاهد وضبط الصوت والصورة وإدراج المؤثرات البصرية والسمعية وإضفاء الألوان المناسبة التي تتناغم مع جميع المشاهد بما يضمن اتساق الصورة، كما تم تأليف أنماط موسيقية خاصة بكل مشهد. وبالوصول إلى النسخة النهائية للفيلم، استمرت التحسينات، ثم عرضت النسخة النهائية على المسؤولين للاطلاع وإبداء الرأي، وبالفعل تم الاعتماد والإذن بالنشر.
التقينا كذلك بالعقيد الركن فهد المغيرة الذي تحدث عن التجهيزات قائلا: 'كانت التجهيزات على مرحلتين، الأولى بعد اعتماد storyboard حيث تم مراجعة كل مشهد على حدة، وتحديد كافة المتطلبات اللازمة لتنفيذه بصورة واضحة. وبعد ذلك تم حصر جميع الاحتياجات من الطاقة البشرية والمعدات والأسلحة، وقد تم التنسيق مع الجهات المشاركة للتأكد من القدرة على التنفيذ والجاهزية، ومن ثم الحصول على تعميد من رئيس هيئة الأركان العامة بتسهيل مهمة الفريق الإعلامي'.
كيف تم تحديد مواقع التصوير؟ وعلى أي أساس جاء اختيارها؟
تم تحديد مواقع التصوير بناءً على نوع المهمة وبيئة العمليات المشابهة لربطها بالأحداث الحقيقية، حيث تم اختيار ميدان في المنطقة الجنوبية، لتنفيذ عملية الإنقاذ لتطابق بيئة العمليات، إضافة إلى كونها منطقة عسكرية خاصة تساعد على العمل والتصوير بأريحية تامة. هذا بالإضافة إلى تحديد مواقع التصوير المناسبة بقاعدة الملك خالد الجوية بخميس مشيط، ووفقاً للظروف العملياتية المناسبة والحقيقية لمواكبة الأحداث.
هل قمتم بزيارات استباقية لكافة مواقع التصوير؟ وكيف استطعتم ملاءمة ملبوسات الأبطال مع مشاهد التصوير بهذه الدقة؟
بالفعل، لقد قمنا بزيارة استطلاع لكافة مواقع التصوير للتأكد من جاهزيتها ومناسبتها للمشاهد التي سوف يتم تنفيذها، إضافة إلى تحديد الأوقات المناسبة للتصوير، ومعرفة التحديات المتوقع مواجهتها كعوامل الظروف الجوية ومدى ملاءمتها لعمليات التصوير. بعد ذلك تم تهيئة مواقع التصوير في الميدان، تمهيداً لدخول عربات التصوير وتحديد منطقة المساندة، وممرات الدخول والخروج. أما بخصوص تأمين الملبوسات العسكرية وملاءمتها مع المشاهد، فقدتم التنسيق حول ذلك مع القوات الجوية بحكم الاختصاص، وبما يتوافق مع الأحداث الحقيقية للقصة.
حدثنا عن جانب الاهتمام بالأمن والسلامة قبل وأثناء عمليات التصوير؟
«هذي مهيب حربك» رسالة بأننا دعاة سلام
التقينا كذلك بالأستاذ خالد السويداء الذي تحدث عن مراحل جمع المعلومات والتفاصيل والتسجيلات، حيث قال:
'بدأت الفكرة في 19 يناير 2024 من قبل الأستاذ عبدالرحمن السلطان، وتم اختيار القصة لما تحمله من اعتزاز ولحمة، والأهم تسليط الضوء على الإمكانيات العالية لكفاءة القوات المسلحة السعودية والقوات الجوية بشكل خاص.
وفي 26 فبراير 2024 بدأت الاجتماعات الفعلية بالعميد المتقاعد سالم الدوسري (المحقق آنذاك في العملية)، والاستماع إلى القصة من جانبه، بالإضافة إلى اللواء الطيار الركن سليمان الفايز (قائد العملية في ذلك الحين). وسافرتُ إلى خميس مشيط، وتحديداً إلى (قاعدة الملك خالد الجوية بالمنطقة الجنوبية)، واجتمعت مع المقدم حاتم العباسي، والمقدم عبدالرحمن القحطاني، وهما من شارك في بمهمة إنقاذ النقيب فهد الحقباني، والنقيب عبدالله الزير، كما اجتمعت مع طواقم مروحية 'الكوغر' التي شاركت في العملية. عدتُ إلى الرياض، والتقيت الطيار فهد الحقباني، حيث روى لي القصة وتفاصيلها، وبدأت منذ تلك اللحظة بناء الحبكة الدرامية للقصة'.
كيف بدأت جلسات وورش عمل الكتابة؟ وكم استغرق زمن كتابة السيناريو؟
وفي منتصف شهر يناير 2025 تم عقد الاجتماع الأخير لجميع الأطقم الجوية بقيادة اللواء سليمان الفايز، في قاعة سرب 99 بخميس مشيط، وحينها تم إقرار السيناريو النهائي للعمل.
حدثنا عن الهرم الدرامي للقصة، وما معايير اختيار الممثلين؟
ووفقاً للقصة الحقيقية؛ كان لفهد دور في مجابهة العدو على الأرض ولم تكن إصابته شديدة، أما السبب الثاني، أنه كان الشخصية التي تربط القصة ببعضها، حيث أنه كان المحور الرئيس في جميع الاتصالات التي جرت ما بين الطائرة المقاتلة والمروحيات ومركز
العمليات. أما عن اختيار الممثلين فقد تم من خلال لجنة بقيادة الأستاذ عبدالرحمن السلطان، وعضوية الزملاء صالح الحسيني والعقيد الركن فهد المغيرة وأنا، وبناءً على التقارب مع مواصفات الشخصيات الحقيقية، وكذلك مواصفات تتناسب مع صفات الجندي السعودي، وقد استغرق زمن اختيارهم نحو 3 أسابيع بعد الاطلاع على تجارب الأداء.
شارك فيه 700 شخص وتجاوزت مشــاهداته 40 مليــوناً
ما أبرز الصور المؤثرة والرسائل التي ما زالت عالقة في ذهنك من مضامين سيناريو وحوار الفيلم؟
كذلك: «عزوتي ريح الأرض بارود».. تم إضافة كلمة عزوتي لارتباطها باللحمة، وكونها مفردة محلية رنانة، وقد اشتقت من توقيع سمو قائد القوات الجوية «طُلبتم فتواجدتم يا عزوتنا».
ما أهم تحدٍ واجهته أثناء تأديتكم لهذا العمل الملحمي؟
عانيت من ارتفاع حاد في درجة الحرارة حين وصلت إلى 39 درجة مئوية، بالإضافة إلى إصابة الممثل الذي قام بدور النقيب عبدالله بالانفلونزا كذلك، بل كان «سعاله» حقيقياً أثناء التصوير!.