ريادة البحث العلمي

خالد الربيش

إذا كان اهتمام المملكة في البحث العلمي ظهر قبل نحو نصف قرن في الجامعات الوطنية، التي بادرت بإنشاء عمادات للبحث العلمي بهدف إثراء المعارف والعلوم في المجالات كافة، فإن هذا الاهتمام تضاعف وتبلورت أهدافه أكثر بالتزامن مع إطلاق رؤية المملكة 2030، التي شددت على تعزيز نشاط البحث العلمي، وتحقيق تطلعات المملكة بأن يكون لديها جيل من المخترعين والمبدعين، يمكنهم الارتقاء بوطنهم من خلال ما يتوصلون إليه من اختراعات حديثة تحتاج إليها البشرية.

وخلال سنوات الرؤية الطموحة خطا البحث العلمي خطوات كبيرة نحو الأمام، وضعت المملكة في الصفوف الأولى إقليميًا وعالميًا، من خلال خطط وبرامج ومبادرات نوعية تهدف إلى زيادة القدرة التنافسيّة العلمية للمملكة، ومن أبرز تلك المبادرات، تأسيس هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار في العام 2021م، ولهذه الهيئة رسالة صريحة ورؤية واضحة، وفيما تسعى الرسالة إلى تعزيز مكانة الابتكار ليكون في الأولويات الوطنية مع تسريع التقدم العلمي من خلال التوجه نحو الاتجاه المطلوب، تهدف الرؤية إلى قيادة البحث والتطوير في المملكة، والمساهمة في اقتصاد مزدهر يركز على الابتكار.

ومنذ وقت مبكر من تأسيسها حرصت هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار على تحديد أولوياتها الوطنية في البحث العلمي، والمتمثلة في صحة الإنسان واستدامة البيئة والاحتياجات الأساسية والريادة في الطاقة والصناعة واقتصاديات المستقبل، وواكبت الهيئة هذه الأولويات بالإعلان عن برامج ومبادرات داعمة وممكنة للباحثين والمبتكرين في المملكة، بهدف توفير مناخ ابتكاري جاذب ومحفز لإنتاج أبحاث وابتكارات رائدة، تسهم في إيجاد حلول للتحديات المحلية والدولية، وتعزز من قيمة البحث والابتكار ودوره في تحقيق النمو الاقتصادي القائم على المعرفة، ومن هنا، لم يكن غريباً أن تساهم الهيئة خلال الفترة الماضية في الارتقاء بالعديد من المؤشرات الدولية لتعزيز مكانة المملكة وتحويلها مركزاً دولياً ورائدة للبحث العلمي والابتكارات النوعية.

يعكس الدعم الرسمي الذي تحظى به تلك الهيئة التزام القيادة الرشيدة باتخاذ الخطوات والإجراءات المتسارعة، التي تضمن إيجاد منظومة بحث علمي وطنية متطورة، تجعل الابتكار جزءًا رئيسًا من التنمية، وتقديم الدعم اللازم لنمو هذه المنظومة وتسريع تنفيذ المشاريع العملاقة، وتوفير مناخ ابتكاري يسهم في تحفيز الشركات على تقديم منتجات مبتكرة وتنافسية، من خلال توفير حزم الدعم والتمويل والبرامج التدريبية التي ترفع من مستوى الإنتاجية وتوسيع قاعدة التصدير.