اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ١٨ تموز ٢٠٢٥
نجلاء الربيعان
يربط حزام حقيبته بمتعة، ويبتسم للجوازات، ويمشي مبتهجاً إلى بوابة المغادرة، حتى يلتقط صورة للذكرى عند بوابة الطائرة. نعم تبدو الرحلة موعودة بأيام من الفرح.
لكن هل سافر وحده؟ أم حمل معه ثقافته التي تمثل وطنه؟
تلك الثقافة ليست زخرفاً يُحمل في جوازه بل هي جوازه الحقيقي حين يسافر خارج وطنه. ولأن الناس لا يرونه كما يرى نفسه بل كما يتصرف.
حقيقة البعض تبدأ عند أول لحظة يخجل فيها من لغته البعض يخجل حتى من اسمه والبعض ينسى الكثير من قيمه وعاداته.. كُل مواطن يجهل ثقافته لا يمكنه أن يعكسها.. ومن لا يشعر بالانتماء لجذوره لا ينال الوفاء في غربته، البعض منا لا يعلم أن ثقافته لا تُحمل في الجواز فقط بل في الموقف واللغة والسلوك، سافرت إلى الكثير من البلدان ورأيت الحقيقة الأعمق في أن الوطن يُرى في الاحترام لا في الإنفاق وفي الابتسامة الصادقة لا في صخب الحضور، يجب أن نُدرك أن كل مواطن حين يسافر إلى أي مكان في هذا العالم هو نافذة وطنه وأن ثقافته لا يُعبر عنها بالتصريحات بل بالسلوك اليومي البسيط في قيم تُترجم (كيف تصطف، كيف تسأل، كيف تبتسم، وكيف تعتذر.. إلى آخره من أخلاقيات المواطن الحقيقي) أن تكون مواطناً سعودياً لا يعني أن تتحدث فقط عن النفط أو الخيل أو التمر، بل أن تُظهر أن هذا الوطن أنبت أبناءً يحسنون التصرف في كل شيء يحترمون، يفهمون، يتميزون بوعي، ويتحدثون بثقه وهدوء..
احفظ في جوالك بعضاً من صور وطنك الغالي لأرضها وجمالها اجعلهم يرون بلدك كما تراها أنت سماء ونخل وناطحات ومآذن ومشاريع عالمية تُبهر وتُذهل كل من يراها لا كما ينقلها الإعلام لديهم.. نعم سافر وأنت تحمل معك في حقيبتك شغف أن يعرفوا من نحنُ حقاً، سافر وليكن حضورك في الخارج امتداداً لنُبل الداخل.
كل من سافر لم يحمل جوازه فقط بل البعض منّا يحمل وطناً بأكمله في أدبه ولغته ووقاره من سفير دبلوماسي إلى طالب مبتعث وسائح عابر، كلهم سفراء دون أوراق اعتماد.. سلوكهم هو وثيقتهم وتصرفهم هو خطابهم، فرسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم كان خير ممثل لوطنه لا فقط بالمظهر بل بحلمه وصبره وأمانته ورحمته ووقاره، لم يرسله الله بلباس لقبيلته بل بأخلاقه.. فمن أراد أن يُمثل وطنه فليحمل قيماً لا لافتات.. وليجعل من نفسه مرآة لوطن عظيم ويصبح الجميع يتكلمون عن وطنه من خلاله.