لايف ستايل
موقع كل يوم -فوشيا
نشر بتاريخ: ٣ أب ٢٠٢٥
ودّع الفنان السوري بسام كوسا صديقه الفنان اللبناني الراحل زياد الرحباني، ورثاه بكلمات مؤثرة عبّر فيها عن حزنه لرحيله وعلاقته بـ'نجل فيروز'.
عجز أمام الفقد ووجع الرحيل
واستهل كوسا مقاله باعتراف صريح بعجزه عن التعبير فور سماع خبر الوفاة، قائلاً: لم أكن حقاً أرغب في الكتابة عن زياد، ترددت كثيراً، أحسستُ بأنني قد أُصبت بما يشبه الشلل.. فكما يُقال: بعد أن تُخرق السفن، كل كلامٍ كثير.
وتابع بأسى: ولكن بما أنّهم علمونا بأن الحياة أبقى - هكذا قالوا لنا - وأيُ حياة؟!
رجل يشبه الخبز والمنام
في توصيف وجداني عميق، كتب كوسا في جريدة الأخبار اللبنانية عن زياد الرحباني قائلاً: هذا الرجل كان بسيطاً كرغيف خبز، عميقاً كالمنام، صادقاً كالألم.. لم يتجمّل أمام الحياة، ولم يخادعها، بل كان ينظر بعينيها مباشرةً، من دون مواربة أو تلاعب.
وأضاف: كان دائماً ما يقول لحياتنا: أنت هكذا. وكنّا نضحك.
يا صديق أكثرنا.. تحية مغموسة بالإبداع
وجّه كوسا رسالة مفتوحة إلى الرحباني كتب فيها: يا صديق أكثرنا، قلتَ ما لم نستطع قوله (موسيقى، مسرح، غناء، إذاعة، مقالات، آراء، مواقف، محبة...) قلتها بكل صدق وجرأة ونبل، وإبداع.
وأضاف: كنت مدهشاً كالماء، كأوراق الشجر، كغيمةٍ ماطرة، كعشب الأرض، مدهشاً كالبساطة.. وكنّا نضحك. مررتَ في حياتنا كسربٍ من السنونو، وغادرتنا بسرعة الشهب.
لحظة الذهول.. وتحوّل الضحك إلى ألم
في وصف شعري للحظة الفقد، كتب كوسا: غدرتنا. وعلى غفلةٍ منّا، وفي لحظة فجيعتنا عندما رُحت، جمعنا، ذاهلين، كل ضحكاتنا في سلة قشٍ واحدة، وبلمحة بصر تحوّلت كل هذه القهقهات إلى ألم خارق.
وأضاف: هذا الوجع المباغت ذكرني بما قلت أنت: شي جديد، على نفس النسق القديم، بس شي جديد.
تلعثم الرحباني.. وخجل الكبار
استعاد بسام كوسا مشهدًا من لقاء تلفزيوني أجراه مع زياد، قائلاً: قلت لك مرّة، أثناء حوارنا عام 2008: إن الأمم تنتظر أن تمنحها الحياة حالةً إبداعية متفرّدة كل خمسين عاماً، ففي الثلاثينيات ظهر سيد درويش، وفي الثمانينيات كنت أنت.
وأكمل: انتابك حينها كمّ كبير من الخجل والارتباك، إلى درجة أنك لم تعرف بماذا تجيب.. لقد تلعثمت بوضوح.
ضوءٌ يدل إلى حياةٍ أشرف
ختم كوسا مقاله برسالة وجدانية طويلة الأمد: سنظلّ نسمعك ونتذكّرك، قد يكون لأجيال قادمة، وستبقى بالنسبة إلى الكثيرين جداً، سنداً معنوياً ووجدانياً، ومحرّضاً قوياً على العطاء والحب والتفاؤل.
وأضاف: ما قدمته في مسيرتك الطويلة القصيرة، سيبقى ضوءاً يدلنا إلى هناك، إلى حياة أفضل وأشرف، فقد كنت خيرَ مَن يوصل الرسالة لمن يريد أن يقرأها.
اللقاء الذي وثّق صداقة فكرية وفنية
لم تكن العلاقة بين بسام كوسا وزياد الرحباني، الذي توفي في 26 يوليو/ تموز الماضي، عابرة أو سطحية، بل جمعتهما صداقة عميقة مبنية على احترام متبادل وإعجاب فكري وفني. فقد التقى الاثنان في حوار تلفزيوني نادر عام 2008، تولّى كوسا بنفسه تقديمه، ودار بينهما نقاش صادق وشفاف يعكس التقارب في الرؤية والموقف من الفن والحياة.
هذا اللقاء، الذي وُصف حينها بأنه استثنائي، لم يكن مجرد مقابلة إعلامية، بل لحظة توثيق لصداقة كان قوامها التقدير الشخصي أكثر من التعاون المهني، فقد عبّر كوسا مرارًا عن اعتزازه الكبير بزياد، واعتبره ظاهرة إبداعية لا تتكرر إلا كل خمسين عاماً، تشبه في أثرها ما مثّله سيد درويش في زمنه.