"بج تايم"... تعاون سينمائي جديد بين السعودية ومصر

انطلق بـ16 عملاً ونقاد يعتبرونها خطوة مهمة ومفيدة للاستثمار الفني بين البلدين

أعاد الحراك الفني السعودي - المصري أخيراً لذاكرة الملايين تاريخاً طويلاً من التعاون المشترك بين الرياض والقاهرة الذي أثمر عن أفلام سينمائية مهمة عبر سنوات طويلة، تجسدت ذروتها في مرحلة إنتاج 'شرائط الفيديو' باعتبارها أولى خطوات العرض السينمائي في السعودية.

لكن بمرور العقود أصبح الأمر أكثر عمقاً، إذ صبت شركات سعودية اهتمامها على تمويل الإنتاج السينمائي في مصر، قبل الوصول إلى محطة صندوق 'بج تايم' الذي أعلن عنه رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية تركي آل الشيخ، لرعاية الأفلام العربية وخصوصاً السعودية والمصرية.

خطوة فنية ترعاها الهيئة العامة للترفيه وهيئة سوق المال في السعودية كامتداد للتعاون المشترك بين البلدين، ولكن بشكل أكثر تطوراً وضخامة من جهة المشروعات والنجوم والموضوعات والتنوع، إذ أكد آل الشيخ أن هناك عدة مراحل أخرى للصندوق تتمثل في 'بج تايم 1' و'بج تايم 2' وقد تصل إلى 'بج تايم 3'.

وتسهم الهيئة العامة للترفيه في الصندوق كراع رئيس، فيما ستكون وزارة الثقافة المصرية راعياً مشاركاً، إلى جانب مجموعة من الشركات المتخصصة، إذ سيكون الصندوق ربحياً هدفه دعم الأفلام المميزة من أجل النهوض بصناعة السينما، وتقديم 16 عملاً سينمائياً.

أفلام وأبطال

وتشمل مشروعات المرحلة الأولى التي حصلت على موافقة صندوق 'بج تايم 1'، بحسب رئيس الهيئة العامة للترفيه، ثلاثة أفلام للفنان المصري كريم عبدالعزيز هي 'الفيل الأزرق 3' و'شغل كايرو' وتشاركه البطولة لأول مرة نانسي عجرم و'كوتة'.

ومن الأفلام التي حصلت على موافقة الصندوق وجرى تصوير جزء كبير منها فيلم 'ولاد رزق 3' بطولة أحمد عز وآسر ياسين، و'فرقة الموت' بطولة أحمد عز ومنة شلبي وآسر ياسين أيضاً.

أضاف آل الشيخ 'سيدعم الصندوق كذلك إنتاج فيلم (صعيدي في الجامعة الأميركية 2) بطولة محمد هنيدي، و(المنجم) لعمرو يوسف، و(رماح) لآسر ياسين، وهناك تفاوض مع أحمد السقا في أفلام عدة'. كما سيتم تقديم فيلم عن حياة كوكب الشرق 'أم كلثوم' وتؤدي الدور منى زكي ومن إخراج مروان حامد.

وهناك بالخطة مشروع تعاون مع أحمد حلمي في عمل لم يحدد اسمه النهائي، وكذلك فيلم 'إكس مراتي' من بطولة محمد ممدوح وأمينة خليل، وأعمال أخرى كـ'الرشيدي والبغبغان'، و'البحث عن فضيحة'، و'آل شنب'.

وفي ما يخص الدراما سيدعم صندوق 'بج تايم' مسلسلاً سيتم تصويره في السعودية، والعمل من تأليف محمد دياب وأشقائه، وتتجاوز موازنته نحو ملياري جنيه مصري (نحو 65 مليون دولار) في ثماني حلقات، وسيكون بإخراج عالمي.

وتعهد تركي آل الشيخ أن يتطور العمل ضمن مراحل الصندوق الثلاث التي سبق الإشارة إليها خلال خمس سنوات ونصف السنة، في إطار التعاون بين السعودية ومصر بشرط أن يكون الطريق سلساً.

إيرادات قياسية

وربما كانت عائدات السينما المصرية بدور العرض السعودية حافزاً مشجعاً لتواصل التعاون وتطويره في أكثر من مشروع بطرق مختلفة آخرها صندوق 'بج تايم'، إذ قال آل الشيخ إن الأفلام المصرية حقق معظمها أرقاماً قياسية عند العرض بالسعودية.

وضرب مثالاً ببعض الأفلام المصرية التي حققت نجاحاً لدى عرضها في السعودية، ففي عام 2022 حقق فيلم (بحبك) لتامر حسني ما يقارب مليار جنيه مصري (32 مليون دولار)، وبعده 'وقفة رجالة' وحقق أكثر من 900 مليون جنيه (نحو 29 مليون دولار)، ثم في عام 2023 حقق فيلم أحمد فهمي (مستر إكس) أكثر من 550 مليون جنيه (18 مليون دولار)، و'شوجر دادي' لليلى علوي وبيومي فؤاد أكثر من 500 مليون جنيه (17 مليون دولار).

تبادل مشترك

وعن تأثير وجود صندوق 'بج تايم' على تطور السينما المصرية ودعمها بعد إعلان خطة المشروعات، قال رئيس غرفة صناعة السينما في القاهرة هشام عبدالخالق إن 'خطوة الصندوق مهمة جداً في إطار التعاون المشترك بين البلدين لإنتاج أفلام مهمة'.

وأشار عبدالخالق إلى أن التعاون السعودي - المصري ليس وليد اللحظة، فمنذ سنوات طويلة تضافرت جهات سعودية ورؤوس أموال وطاقات بعضها مع بعض في إنتاج أفلام، وطوال الوقت يحدث تعاون جيد.

وأوضح رئيس غرفة صناعة السينما أن هناك نقطة مهمة جداً يجب الانتباه إليها، وهي أن هذه الخطوة ليست دعماً فنياً، بل تعاون استثماري، والفرق كبير بينهما، فالصندوق يعني أن هناك رؤوس أموال وضعت به لهدف ربحي تجاري، وهو الاستثمار في السينما المصرية، بهدف المكسب والقيمة الفنية في الوقت نفسه، والعمل على مشروعات تدر دخلاً بحد أدنى ذا قيمة جيدة لتحدث مكسباً للمشاركين بالصندوق، بينما كلمة الدعم فقط تعني أن الأموال الموضوعة مثل الرعاة الرسميين لا تهدف إلى الحصول على أرباح.

من هنا اعتبر عبدالخالق مشروع 'بج تايم' استثمارياً تجارياً ضخماً جداً ومفيداً، فأي دخل خارجي يتم ضخه في الصناعة بهدف تنفيذ أفلام بموازنات كبيرة أو صغيرة تحت بند إثراء حجم الإنتاج هي خطوة قوية ومفيدة على كل المستويات.

وأشار إلى أن كل المنتجين المصريين تقريباً يتعاونون مع شراكات عربية سواء كانوا منتجين أفراداً أو شركات، وهذا أمر جيد جداً، بشرط أن يكون الاتفاق واضحاً ومن دون قيود موضوعة في مقابل التعاون، سواء من جهة احتكار النجوم أو اشتراط موضوعات أو فرض ممثلين أو تحكمات في التوزيع.

مشروع استثماري مهم

بدورها، قالت الناقدة المصرية مريم عاطف إن 'العلاقة بين السينما المصرية والسعودية قديمة وممتدة منذ عقود، ويجمع البلدين علاقات متشابكة وإنسانية وتعاون منذ حقب تاريخية'. مضيفة 'السينما المصرية أحد أهم العناصر التي جمعت بين البلدين منذ سنوات، خصوصاً أنها من اللون السينمائي المفضل للشعب السعودي'.

وأشارت إلى أن 'السعودية تمثل نحو 75 في المئة من السوق الخارجية في التوزيع للأفلام المصرية، وشهد التاريخ مشاركة سعودية في الإنتاج ثم ما سمي بسلف التوزيع، وقبله كان التوزيع الخارجي وعربون التسويق حتى أيام ما سمي بشرائط الفيديو'.

وختمت عاطف حديثها بتأكيد أن الأثر الثقافي والفني بين البلدين لا يمكن إنكاره، ومن الطبيعي أن يتطور، وبالنسبة إلى صندوق 'بج تايم' فهو مشروع استثماري مهم، يقدم رأس المال لمشروعات فنية ضخمة مقابل الشراكة مع الجهات المصرية، ومن ثم هناك تبادل واستثمار يتيح تنفيذ مشروعات ضخمة قد تتعرقل بسبب مشكلات مادية.