اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة سبق الإلكترونية
نشر بتاريخ: ٦ تموز ٢٠٢٥
• المنظمة العالمية للمياه، لتبادل وتعزيز التجارب التقنية والابتكار.
• مركز دولي لأبحاث المياه لتعزيز دور المملكة في ابتكار حلول معالجة تحديات المياه.
• خارطة طريق لتبني التقنيات في قطاع المياه في المملكة.
تواجه المملكة العربية السعودية تحديات مائية كبيرة، كونها واحدة من أكثر دول العالم شحاً في مصادر المياه، وتحتل المرتبة الثامنة عالمياً على مؤشر شح المياه، ، وفيما تستهدف المملكة زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي في قطاع الأغذية، يستهلك القطاع الزراعي نحو 80 بالمائة من المياه في المملكة، مما يشكل معضلة بين مستهدف الاكتفاء الذاتي والحفاظ على الموارد المائية.
في مواجهة هذا الواقع، برز الابتكار بصفته ركيزة أساسية لتحقيق الأمن المائي وضمان استدامة الموارد، فأطلقت وزارة البيئة والمياه والزراعة الاستراتيجية الوطنية للمياه 2030، مضمّنة ترشيد استهلاك المياه، وتوطين التقنيات في هذا القطاع، كما أطلقت الخطة التنفيذية للبحث والابتكار بهدف تفعيل دور التقنيات في قطاعاتها.
وقد شهد استخدام المياه الجوفية غير المتجددة انخفاضاً من 19 مليار متر مكعب في عام 2015 إلى 8.5 مليار متر مكعب في عام 2020، نتيجة لعدد من السياسات والإجراءات التي اتخذتها الوزارة في القطاعين الزراعي والمائي، وما تزال الوزارة مستمرة في تحديث قطاع المياه بما يتناسب مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.نظرة عامة على قطاع المياه
يشهد قطاع المياه في السعودية نمواً سريعاً يواكب التوسع السكاني والعمراني، إذ تبلغ الطاقة الإنتاجية اليومية 11.5 مليون متر مكعب، تنقل عبر شبكة أنابيب تتجاوز 127 ألف كيلومتر. بينما تصل كمية مياه الصرف الصحي المعالجة إلى حوالي. 2.1مليار متر مكعب، ويستهلك القطاع الزراعي حوالي 12 مليار متر مكعب من المياه، يليه القطاع الحضري بنحو 3.5 مليار، ثم الصناعي بحوالي 0.6 مليار، وتضم المنظومة الوطنية لضخ المياه أكثر من 60 محطة، بما يعزز من كفاءة توزيع المياه وضمان وصولها إلى مختلف المناطق بكفاءة وموثوقية.خارطة طريق لإدارة المياه
أطلقت وزارة البيئة والمياه والزراعة الاستراتيجية الوطنية للمياه، كخارطة طريق شاملة لإدارة الموارد المائية، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تحقيق الأمن المائي والاستدامة البيئية والاقتصادية، وتركز على تحلية مياه البحر، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، وخفض الفاقد من شبكات المياه، وزيادة نسبة إيصال المياه للمستفيدين.
وتشمل محاور هذه الاستراتيجية تفعيل دور التقنيات المتقدمة في عمليات تحلية المياه والإدارة الذكية للفاقد، والمعالجة المبتكرة لمياه الصرف، وتنمية مصادر المياه عبر تقنيات حصاد الأمطار والسيول، كما تؤكد الوزارة من خلال خطتها التنفيذية للبحث والابتكار التزامها بتسخير الابتكار لخدمة قطاع المياه، من خلال خارطة طريق واضحة لتبني التقنيات ذات الأولوية في القطاع مع التركيز على رفع كفاءة الأداء والاستدامة.دور الابتكار في تحقيق المستهدفات الوطنية
بلغت أهمية تبني التقنية والابتكار في قطاع المياه أقصى درجاتها نظراً لمستوى التطلعات الوطنية الطموحة لهذا القطاع والتي يتطلب تحقيقها تبني التقنيات والممارسات المبتكرة على نطاق واسع للتغلب على التحديات وتحويلها إلى فرص، وقد ترجمت هذه الأهمية في إطلاق المهام الوطنية للبحث والتطوير والابتكار، والتي أعلن عنها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في منتصف عام 2022، والتي تضمنت مهمة ابتكار في المياه، هدفت إلى تقليل تكلفة إنتاج المياه، وخفض استهلاك المياه الجوفية.
وفي هذا الإطار، يؤكد تقرير خارطة تبني التقنيات في قطاع المياه، أن الحاجة الملحة لتبني التقنية والابتكار في قطاع المياه تنبع من ضرورة الموازنة بين احتياجات المملكة المائية في الاستخدامات الزراعية والصناعية والسكنية، وواقع شح الموارد المائية، والذي يؤثر على أمن البلاد المائي، واستدامة مواردها المائية.
وإدراكاً من المملكة أن الابتكار والتقنية هما مفتاحا النجاح في التغلب على التحديات التي تواجه قطاع المياه، وضعت الوزارة خطة تنفيذية لتسريع تبني الحلول التقنية المبتكرة، من خلال تحديد 45 تحدياً وفرصة في القطاع، واختيار أكثر من 100 تقنية فردية ضمن 20 عائلة تقنية.
نتج عن ذلك تقسيم التقنيات إلى مجموعتين رئيستين: هما الموجة الأولى (عالية الأولوية) حتى 2025، والتي تشمل أنظمة التناضح العكسي المتقدمة، وإدارة التسرب الذكية، ومعالجة وإعادة استخدام مياه الصرف، والري المبتكر، والاستهلاك المبتكر للمياه في المنازل. تليها موجة ثانية من التقنيات المستهدفة تمتد من 2025 حتى 2030.
ولضمان نجاح تطبيق هذه التقنيات، في طوّرت الوزارة عدداً من المبادرات المؤسسية، بالتعاون مع أكثر من 120من الخبراء وصانعي السياسات، تستهدف تحسين التعاون بين الجهات الفاعلة، وتحفيز الطلب على التقنيات، وبناء قدرات البحث والتطوير، بمشاركة عدد من الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص، في جهود تطوير واعتماد تقنيات الري المتقدمة التي تشهد انتشاراً متزايداً في المملكة.قصص نجاح محلية
من أبرز قصص النجاح التي توضح أثر الابتكار في قطاع المياه، ما قامت به الهيئة السعودية للمياه من تصميم وبناء محطة تجريبية لصفر رجيع ملحي من خلال محطة لتحلية مياه البحر بالتناضح العكسي، فقد طورت الهيئة محطة تجريبية تركز على استخلاص معادن مجدية اقتصادياً مثل كلوريد الصوديوم والبروم والمغنيسيوم من مياه البحر.
كما أطلقت شركة نيوم للطاقة والمياه (إينووا) مشروعاً رائداً يعتمد تقنية تبلور الأغشية الحاصلة على براءة اختراع، والتي تتيح استخلاص المعادن الثمينة بكفاءة أعلى وباستهلاك أقل للطاقة. ونجحت 'إينووا' من خلال ذلك في خفض استهلاك الطاقة بأكثر من 10 أضعاف، من 75 إلى 7 كيلو واط /م 3.إنجازات قطاع المياه
حقق قطاع المياه في المملكة العديد من الإنجازات الجديرة بالذكر، مثل تحقيق انخفاض كبير في استخدام المياه الجوفية غير المتجددة، حيث انخفض من 19 مليار متر مكعب في عام 2015 إلى 8.5 مليار متر مكعب في عام 2020، وذلك بفضل التدابير الاستباقية تجاه إنتاج الأعلاف والقمح، إلى جانب تحسين ممارسات الري. بالإضافة إلى ذلك، تحسنت كفاءة إنتاج تحلية المياه بشكل ملحوظ خلال العقدين الماضيين، مع الاستبدال التدريجي لمحطات التوليد المشترك للطاقة القديمة بتقنيات تحلية المياه الحديثة والمتقدمة.المملكة تقود الابتكار في مواجهة تحديات المياه
وضمن خطواتها المستمرة لتأكيد التزامها بالاستدامة المائية، أعلنت المملكة عن تأسيس المنظمة العالمية للمياه في عام 2023، وتم توقيع ميثاق المنظمة في مايو عام 2025، وهدف الميثاق إلى تطوير وتكامل جهود الدول والمنظمات لمعالجة تحديات المياه بشكل شمولي، من خلال تبادل وتعزيز التجارب التقنية والابتكار والبحوث والتطوير.
كما أعلنت المملكة نهاية العام الماضي عن إنشاء مركز دولي لأبحاث المياه بشراكة استراتيجية بين وزارة البيئة والمياه والزراعة وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، ويهدف المركز إلى دعم الأبحاث متعددة التخصصات في مراحلها المبكرة، وتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي الدولي في مجال علوم المياه، ويأتي تأسيس هذا المركز في إطار رؤية المملكة لضمان الوصول المستدام إلى موارد المياه للأجيال الحالية والمقبلة، من خلال تطوير حلول مبتكرة تواكب التحديات المتزايدة في هذا القطاع الحيوي.
ويتمحور دور المركز حول دعم التنمية والرفاهية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية من خلال تعزيز توافر المياه. كما سيركز على أحدث الأبحاث في إدارة الموارد المائية، ومعالجة قضايا ندرة المياه والحفاظ عليها، إلى جانب تطوير تقنيات متقدمة تسهم في مواجهة التحديات العالمية في هذا المجال.